بإمكان إدارة ترامب، أن تظل تتلاعب بمسألة الإعلان أو تأخير الإعلان عن صفقة القرن، ذلك أن من يتابع حلقات السياسة الأميركية، وما ينجم عنها من قرارات يجري تنفيذها، لا يحتاج لأن يعرف ما تبقّى من تفاصيلها.
إذا كان ثمة ضرورة لتشكيل حكومة فصائلية ذات أبعاد سياسية، فإن مثل هذه الحكومة يفترض أن تؤدي مهامّ سياسية بالدرجة الأولى لا تؤديها مؤسسة وطنية أخرى، اللهم إلاّ إذا كانت لها رسالة سياسية واضحة، تعكس حالة من التوافق الوطني.
المشاركة الشعبية الواسعة لمناسبة إحياء الذكرى الثالثة والأربعين ليوم الأرض، قدمت مشهدا آخر، وشاهدا جديدا، على وحدة الشعب الفلسطيني وتمسكه بأرضه وحقوقه التاريخية، ولكن هذه المشاركة أيضا تقدم مشهدا وشاهدا آخر، على انقسام الفصائل والسلطات.
فيما تتواصل وتتعمق وتتسع وتتنوع الأزمات التي يعاني منها الفلسطينيون دون أمل في اقتراب مرحلة تحقيق توافق وطني على إستراتيجية وطنية لمعالجة هذه الأزمات والتفرغ بالكامل وبالكل الوطني لمواجهة التحديات الإسرائيلية، تواصل إسرائيل سياساتها وإجراءاتها لتعميق هذه الأزمات.
الإعلان عن قبول الرئيس محمود عباس استقالة حكومة الوفاق الوطني بما ينطوي عليه من دوافع ودلالات وأهداف، يشكل في حقيقة الأمر إعلانا عن بدء مرحلة جديدة فيما يتعلق بملف الانقسام، وأيضا بالملف السياسي الوطني العام.
فجأة ودون مقدمات، يتفق رؤساء الأحزاب الإسرائيلية في الائتلاف الحاكم وبالإجماع على الذهاب إلى حل الكنيست، وإجراء انتخابات مبكرة قبل خمسة أشهر من موعدها الأصلي بخلاف الموقف الذي تمسك به نتنياهو من قبل.
بعض العرب المهرولين نحو تطبيع علاقاتهم بإسرائيل، تجاوزوا بوقاحة شديدة قرارات القمم العربية التي وافقوا عليها، بما في ذلك مبادرة السلام العربية التي أقرتها قمة بيروت عام 2002، وهي من منشأ سعودي.
على الرغم من أن الفلسطينيين منشغلون كل الوقت بطبائع العدوان الإسرائيلي ويواجهون بالصبر تارة وبالغضب تارة أخرى جنون المستوطنين، ودهاقنة التطرف والإرهاب، إلاّ انهم لا يفوتون الفرصة لانتظار الفرج من حيث يلتقي ويفترق الأشقاء.
الوضع الفلسطيني بما هو عليه، يدعو للعجب والغضب، تتعطل التهدئة بسبب ارتباطها بالمصالحة، والمصالحة والتهدئة، التي يقول الجميع إنها مصلحة فلسطينية، لا تزال خاضعة لتعنّت الرؤى، والحسابات الفئوية الضيقة.
ربما يعتقد البعض أن ما تقوم به الولايات المتحدة من إجراءات بحق الفلسطينيين هي بهدف الضغط على السلطة لكي تعاود التعامل مع الولايات المتحدة، وصفقتها، لكن ما جرى حتى الآن يشير إلى ما يقرب من إعلان الحرب مباشرة على القضية وحقوق الفلسطينيين، حتى يذعن الفلسطينيون للمخططات التوسعية والعنصرية الإسرائيلية.
تعمل الولايات المتحدة ولا تسعى فقط، للإطاحة بمركزية القضية الفلسطينية، وما يترتب للفلسطينيين والعرب من حقوق سواء تقرها الأمم المتحدة، أو تتصل بالحقوق التاريخية، وتحاول الإدارة الأمريكية تغيير قواعد السياسة والأمن في هذه المنطقة، وتغيير الأولويات، فتسعى إلى امتصاص خيرات الشعوب.
المؤامرة على «الاونروا» هي بالضبط وبدون لف أو دوران مؤامرة على حق عودة اللاجئين، ولذلك فإن عداد الأزمة التي تعاني منها، قد بدأ يتحرك على نحو ملموس مع بدايات توقيع اتفاقيات أوسلو، وكلما أوغلت المفاوضات السياسية في التحرك نحو فشل يسلم آخر، كانت الاونروا، تتحرك هي الأخرى من عجز إلى آخر.
لقد اختارت الولايات المتحدة تبني السياسة الإسرائيلية، حتى لو أن ذلك سيؤدي إلى عزلتها وخروجها عن موجبات القانون الدولي، ويجعل دورها في الأمم المتحدة يهدد مكانة ودور هذه المؤسسة الدولية.
من الواضح أن جهاز الموساد، لم يتوقف يوما عن العمل في ملاحقة العقول الفلسطينية والعربية، وبعض جرائمه تمر دون ضجيج والقليل منها يستحوذ على مساحة في الإعلام، ولكن دون أن تتوقع إسرائيل ردعا.