سياسة عربية

حصري.. "عربي21" تكشف مستجدات المفاوضات بين الفصائل الفلسطينية في القاهرة

هناك تعهّد فلسطيني بإجراء انتخابات خلال سنة واحدة بعد انتهاء الحرب واستتباب السيطرة الفلسطينية على غزة- الأناضول
* وفد رفيع من حركة فتح يتوجه إلى القاهرة يوم الأحد والرئيس محمود عباس قد يصل الثلاثاء
* تفاهم تركي–مصري–سعودي حول تبعية لجنة الإسناد المجتمعي للسلطة الفلسطينية
* دمج الشرطة المدنية التابعة لحماس ضمن عناصر الشرطة الفلسطينية التي ستتواجد في غزة خلال المرحلة المقبلة
* دمج الشرطة المدنية مرتبط بموافقات دولية وسيتم التمييز بين الدور الشرطي والمدني
* المرحلة الثانية من المفاوضات ربما تنطلق بشكل رسمي خلال الأسبوع المقبل
* تعهّد فلسطيني بإجراء انتخابات خلال سنة واحدة بعد انتهاء الحرب واستتباب السيطرة الفلسطينية على غزة
* القاهرة ربما تشهد خلال أيام إبرام اتفاق نهائي وجامع بين الفصائل الفلسطينية بشأن مستقبل غزة

كشف مصدر قيادي بحركة فتح الفلسطينية أن وفدا رفيع المستوى من الحركة برئاسة نائب رئيس الحركة محمود العالول، وعضوية كل من أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، عزام الأحمد، ورئيس المجلس الوطني الفلسطيني، روحي فتوح، سيتوجه يوم الأحد المقبل إلى العاصمة المصرية القاهرة.

وأوضح، في حديث خاص مع "عربي21"، أن "هناك احتمالا كبيرا بأن يلتحق الرئيس الفلسطيني محمود عباس بوفد حركة فتح يوم الثلاثاء المقبل، في حال تلقّى إشارات إيجابية من فريقه المفاوض حول استكمال التفاهمات الجارية بين الفصائل الفلسطينية، وذلك لتتمة الاتفاق المتعلق بلجنة الإسناد المجتمعي وإعادة تنظيم إدارة قطاع غزة".

وأشار المصدر، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، إلى أن "زيارة وفد حركة فتح تهدف إلى استكمال التفاهمات النهائية وتثبيت الملامح الأساسية للاتفاق الخاص بلجنة إسناد مجتمعي، التي ستعمل تحت إطار السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير، وبالتالي ستكون اللجنة بمرجعية فلسطينية، على أن تكون مكونات الدولة الفلسطينية شريكة في أي قوة إسناد عربية ستدخل قطاع غزة".

وأضاف: "الجانب المصري يُجري جهودا كبيرة عبر لقاءاته مع جميع الفصائل الفلسطينية تمهيدا لإبرام اتفاق نهائي وجامع، وإذا أسفرت نتائج المفاوضات عن تقدّم حاسم فعلى الأغلب ستوجّه مصر دعوة أوسع للأمناء العامين للفصائل وللرئيس الفلسطيني محمود عباس لتتويج هذه التفاهمات باتفاق نهائي، ويبقى الأمر معلّقا بالجانب الإسرائيلي الذي يحاول التباطؤ في الانتقال إلى المرحلة الثانية من المفاوضات".

وذكر أن "الشرط الأهم المُتفق عليه في هذا الشأن يتعلق بوجود تفاهم تركي–مصري–سعودي يتمثل في أن لا تكون لجنة الإسناد المجتمعي مستقلة أو بعيدة عن السلطة الوطنية الفلسطينية"، مضيفا: "كانت هناك إشكالية تتعلق بقبول حركة حماس بهذه الجزئية، لكن حماس أبدت موافقة على ذلك، غير أن هناك حاجة لبعض المناقشات والتفاهمات، من بينها عملية دمج الشرطة المدنية التابعة لحماس ضمن عناصر الشرطة الفلسطينية التي ستتواجد في غزة بشكل رسمي خلال المرحلة المقبلة".

ونوّه القيادي البارز بحركة فتح، إلى أنه "جرى الاتفاق مؤخرا على تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي، وقد اكتملت اللجنة من الناحية الإجرائية، وأن عدد المرشحين الذين تم الاتفاق عليهم سيقتصر على 15 شخصية، تم اختيارهم من بين قائمة أولية ضمت نحو 40 اسما، وكانت هناك تفاهمات سابقة بشأن العديد من الأسماء منذ حوالي ستة أشهر".

والخميس، كشف مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد حجازي، أنه "جرى الانتهاء من تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة قطاع غزة، وستكون مرجعيتها السياسية والقانونية للسلطة الوطنية الفلسطينية"، لافتا إلى أن "تلك اللجنة تضم 15 شخصية من التكنوقراط، وجميعهم من الشخصيات المستقلة غير الفصائلية من أصحاب الكفاءة والخبرة الفنية والإدارية، وأن هناك توافقا عاما بين الفصائل الفلسطينية على تلك الشخصيات".

وأشار حجازي، في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، إلى أن "السلطة الفلسطينية ستتولى الإشراف الكامل على إدارة قطاع غزة عقب انتهائها من بعض الإصلاحات الإدارية والإجراءات التنظيمية المطلوبة"، مؤكدا أن "هذا هو المسعى المصري والعربي والدولي الجاري تنفيذه حاليا".

وفي 17 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، دعت حركة "حماس" إلى الشروع الفوري في استكمال تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة قطاع غزة، واستكمال انسحاب الجيش الإسرائيلي من المواقع المتفق عليها ضمن ترتيبات ما بعد اتفاق وقف إطلاق النار.

وكانت حركة حماس قد أعلنت، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، موافقتها على مقترح مصري لتشكيل "لجنة إسناد مجتمعي" لإدارة قطاع غزة.

لجنة الإسناد المجتمعي لن تكون برئاسة مروان البرغوثي

واستبعد المصدر نفسه بشكل قاطع احتمالية تولي القيادي الفلسطيني في حركة "فتح" الأسير مروان البرغوثي رئاسة لجنة الإسناد المجتمعي، قائلا: "هذا أمر مستحيل؛ فاختيار رئيس اللجنة يخضع لآليات وسياسات النظام السياسي الفلسطيني، وأي شخصية مثل مروان البرغوثي لا يمكن أن تتولى رئاسة اللجنة إلا بموجب تكليف رسمي من القيادة الفلسطينية، وأي تعيين أو ترشيح سواء أمريكي أو غيره يجب أن يمر عبر القنوات الفلسطينية الرسمية (اللجنة المركزية لحركة فتح ومنظمة التحرير)".

وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه سيقرر ما إذا كان سيدفع باتجاه الإفراج عن مروان البرغوثي، الذي تعتقله إسرائيل منذ 23 عاما، والذي يرى كثيرون أنه قادر على توحيد الفلسطينيين خلف "حل الدولتين".

وفي مقابلة نشرتها مجلة "تايم" الأمريكية الخميس، قال ترامب إنه سيتخذ قرارا حيال مسألة الإفراج عن البرغوثي، مشيرا إلى أن "الرئيس محمود عباس ربما لن يكون الشخص المناسب لإدارة غزة بعد الحرب"، مع ترك الباب مفتوحا لإمكانية بحث ترتيبات جديدة للسلطة الفلسطينية.

وأشار المصدر القيادي بحركة فتح، إلى أن "هناك تعهّدا فلسطينيا بإجراء انتخابات خلال سنة واحدة بعد انتهاء الحرب، وبعد استتباب السيطرة الفلسطينية على الأرض في غزة، ما يعني أن أي منصب أو تكليف سياسي يخضع للقواعد الفلسطينية ذات الصلة بالانتخاب والتكليف".

وتطرّق إلى احتمال حصول اتفاق لجنة الإسناد المجتمعي على موافقة أمريكية ودولية، قائلا إن "هذا الأمر يجري العمل عليه بالفعل، وهناك إشارات إيجابية في هذا الصدد، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحدّث في السابق عن تشكيل مجلس سلام، لكن هناك معارضة فلسطينية وعربية وإسلامية واضحة لهذه الخطوة"، مؤكدا أن "الأحاديث التي أُثيرت سابقا حول تولي رئيس الوزراء البريطاني السابق، توني بلير، رئاسة الهيئة الانتقالية الدولية أو مجلس السلام، تم تجاوزها ولن يكون لها محل من الإعراب مستقبلا".

وبيّن المصدر ذاته أن "هناك اعتراضا إسرائيليا بشأن التشكيل الجاري للقوات العربية والإقليمية التي ستتواجد على الأرض في غزة، وتركّزت تلك الاعتراضات الإسرائيلية على الدور التركي"، مؤكدا أن "اعتراض الاحتلال على وجود قوات تركية يهدف بالأساس إلى محاولة إفشال أي مشاركة قوات عربية في غزة".

المرحلة الثانية ربما تنطلق الأسبوع المقبل

وأوضح أن "هناك مقاربة إسرائيلية بديلة قد تقضي بالسماح بدخول القوات العربية إلى الأماكن التي لا تزال تحت سيطرة حماس لسحب بعض الأسلحة التي تمتلكها الحركة، مع إبقاء سلطة إسرائيل على مساحات بعينها في غزة يضمنون عبرها عدم عودة حماس إلى الاقتتال، إلا أن هذه المقاربة قوبلت برفض أمريكي، لأن الولايات المتحدة ترى أن المرحلة الثانية يجب أن تتم عبر لجنة الإسناد المجتمعي كشكل من أشكال حكومة تكنوقراط".

وقدّر المصدر أن "المرحلة الثانية من المفاوضات ربما تنطلق بشكل رسمي خلال الأسبوع المقبل، لا سيما وأن هناك تحرّكا دبلوماسيا متوقعا يتوّج بزيارة رئاسية مقررة اعتبارا من الثلاثاء المقبل تشمل الأردن ومصر لاستكمال التفاهمات والمناقشات الجارية".

أجواء إيجابية وتفاؤلية

وبحسب المصدر ذاته، "سادت أجواء إيجابية وتفاؤلية بالحوارات الجارية بين الفصائل الفلسطينية والأطراف العربية المعنية بالمفاوضات، خاصة أن هناك تجاوبا كبيرا من جانب حركتي حماس وفتح مع الأطروحات التي سيتم الإعلان عنها بشكل رسمي خلال الأيام المقبلة"، مؤكدا أن "حركة فتح لا تمانع في موضوع دمج الشرطة المدنية التابعة لحركة حماس ضمن الجهاز الأمني الفلسطيني، على أن يتم تسليم السلاح إلى السلطة الوطنية والقوات العربية".

واستدرك المصدر قائلا إن "هناك بعض التفاصيل العالقة بخصوص كيفية وآلية وموعد تسليم سلاح المقاومة إلى السلطة الوطنية الفلسطينية والقوات العربية التي ستدخل إلى القطاع، مع التأكيد أن حماس أبدت انفتاحا على هذا التفاهم رغم وجود نقاط تقنية تحتاج إلى تفاهم أدق"، بحسب قوله.

وأكمل: "فيما يتعلق بدمج الشرطة المدنية، فإن هذا الموضوع أيضا مرتبط بموافقات دولية، على أن يتم تمييز الدور الشرطي والمدني، مع مراعاة القدرات الاستيعابية المالية لدولة فلسطين والمجتمع الدولي لهذه الخطوة، إضافة إلى بعض التفاصيل الأخرى التي بحاجة إلى استكمال مباحثات وجلسات خاصة".

وقال إن "هناك أحاديث بخصوص الأسلحة التي ربما تقوم حماس بتسليمها، تتعلق بورش تصنيع الصواريخ أو المتفجرات، وليس متعلّقة بقطع الأسلحة الخفيفة التي تُعد جزءا من منظومة الأمن الداخلي المُخصصة للشرطة المدنية المعنية بحفظ الأمن والنظام داخل غزة".

واختتم المصدر بقوله: "المحادثات مستمرة، والملامح العامة للاتفاق بدأت تتضح بشكل جلي، لكن تبقى التفاصيل التنفيذية، خصوصا آليات وكيفية تسليم السلاح ودمج عناصر الشرطة المدنية؛ فهذه أمور موضع نقاش تحتاج إلى اتفاق تقني وسياسي نهائي"، مؤكدا أن "الزيارة المرتقبة لقيادات حركة فتح إلى القاهرة تمثل مرحلة حاسمة لتثبيت هذه التفاهمات، بينما تظل مواقف الأطراف الدولية والإقليمية (بما في ذلك موقف إسرائيل والولايات المتحدة) عوامل مؤثرة في شكل التنفيذ المرتقب".

وفي 10 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، دخلت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى حيز التنفيذ، وفقا لخطة ترامب، بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة وتركيا.

وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل منذ 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت 67 ألفا و913 شهيدا، و170 ألفا و134 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 463 فلسطينيا بينهم 157 طفلا.