منذ احتلال
العراق عام 2003، وحتى يومنا
هذا، لم يُسمح للفلسطينيين المقيمين في العراق بأداء فريضة الحج سوى مرة واحدة
فقط، كانت قبل خمس سنوات، وجاءت الموافقة الرسمية حينها قبل بدء مناسك الحج
بيومين، ليصل الحجاج في اللحظات الأخيرة، وسط ظروف بالغة الصعوبة.
عشرون عامًا من الحرمان المتواصل
على مدار عقدين، يُحرم اللاجئون
الفلسطينيون
في العراق من أداء الركن الخامس من أركان الإسلام. معاناة تتكرر كل عام، وتُضاف
إلى سلسلة طويلة من الأزمات التي يعيشونها. فكل عام، تتجدد أحلام الفلسطيني اللاجئ
بأن يكون من بين حجاج بيت الله الحرام، لا أن يظل مشاهدًا من خلف الشاشات، يذرف
دموعه شوقًا، وينتظر فرجًا لا يأتي.
مسؤولية ضائعة بين الجهات
حتى هذه اللحظة، لا يعلم اللاجئ الفلسطيني
في العراق مَن الجهة المسؤولة عن حرمانه من أداء فريضة الحج. هل هي المملكة العربية
السعودية التي لا تمنحه تأشيرة الحج؟ أم الحكومة العراقية التي لا تدرجه ضمن حصتها
الرسمية؟ أم أن السلطة الوطنية الفلسطينية ممثلة بسفارتها في بغداد أو وزارة
الأوقاف لا تقوم بواجبها في المتابعة والتمثيل؟
يتساءل اللاجئ الفلسطيني في العراق: متى يُكتب له أن يطأ أرض الحرمين؟ ومتى تحنّ عليه قلوب الملوك والأمراء في المملكة العربية السعودية، ليشمله كرمهم كما يشمل الفنانين والمسؤولين وأصحاب النفوذ؟ وهل من العدالة أن يُحرم إنسان من عبادة فرضها الله عليه، فقط لأنه لا يحمل جوازًا معترفًا به، أو لأنه فَقَد تمثيله بين الدول؟
بصيص أمل.. سرعان ما انطفأ
في مارس الماضي، نشرت السفارة الفلسطينية في
العراق إعلانًا على صفحتها الرسمية، دعت فيه الراغبين في أداء الحج إلى تسجيل
أسمائهم وتقديم مستمسكاتهم، وذلك بناءً على منحة أعلن عنها السفير السعودي في
بغداد، تضمنت خمسين مقعدًا للحجاج الفلسطينيين.
استبشر اللاجئون خيرًا، رغم محدودية العدد،
وسارع الكثير منهم ـ وخاصة كبار السن ـ إلى التسجيل على أمل أن يُكتب لهم أداء الشعيرة
الغالية.
غير أن الفرحة لم تدم، إذ تبيّن لاحقًا أن
المنحة كانت "تصرفًا فرديًا" من السفير، ولم تحظَ بموافقة رسمية من
الجهات العليا في المملكة، ليأتي الرد بالرفض، ويُطوى ملف الحج مجددًا بالنسبة
لفلسطينيي العراق، وكأن أداء الفريضة بات حلمًا مستحيلاً.
أين العدالة؟
يتساءل اللاجئ الفلسطيني في العراق: متى
يُكتب له أن يطأ أرض الحرمين؟ ومتى تحنّ عليه قلوب الملوك والأمراء في المملكة
العربية السعودية، ليشمله كرمهم كما يشمل الفنانين والمسؤولين وأصحاب النفوذ؟ وهل
من العدالة أن يُحرم إنسان من عبادة فرضها الله عليه، فقط لأنه لا يحمل جوازًا
معترفًا به، أو لأنه فَقَد تمثيله بين الدول؟
إنها صرخة منسية من فئة لا صوت لها، ونداء
موجّه إلى الضمائر الحية: أعيدوا لفلسطينيي العراق حقهم في أداء فريضة الحج.