سياسة تركية

بعد شهر على اعتقال إمام أوغلو.. كيف يبدو المشهد الداخلي في تركيا؟

المعارضة تطالب بإطلاق سراح إمام أوغلو وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة- جيتي
المعارضة تطالب بإطلاق سراح إمام أوغلو وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة- جيتي
تواصل المعارضة التركية بعد شهر من اعتقال رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو حشد أنصارها للتظاهر، وسط تصاعد المطالبات بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

وفجر اعتقال إمام أوغلو المنتمي إلى حزب "الشعب الجمهوري" في 19 آذار/ مارس الماضي سلسلة من الاحتجاجات المناهضة للحكومة، ما أعاد حالة الاستقطاب الحادة إلى المشهد السياسي الداخلي.

ويحشد حزب "الشعب الجمهوري"، وهو أكبر أحزاب المعارضة التركية، للتظاهر اليوم السبت في ولاية يوزغات في وسط تركيا تحت شعار "الحرية والانتخابات المبكرة لأكرم إمام أوغلو".

وتأتي هذه الدعوة في إطار عمل الحزب المعارض على ضمان استمرارية الاحتجاجات المناصرة لإمام أوغلو عبر التظاهر في أيام الأربعاء في أحد أحياء مدينة إسطنبول، وفي نهاية كل أسبوع في إحدى الولايات التركية.

اظهار أخبار متعلقة


وقال زعيم حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل: "نحن ذاهبون إلى يوزغات، حيث وقف كل مزارع وقروي وكل شخص آخر ضد انقلاب 19 مارس، للدفاع عن الديمقراطية".

وأضاف أوزيل في تدوينة عبر حسابه على منصة "إكس": "لن نتوقف حتى يصبح أكرم رئيسا، وحتى يتم فتح صندوق الاقتراع"، في إشارة إلى المطالبات بإجراء انتخابات مبكرة.

وكان أوزيل دشن حملة توقيع "مليونية" للمطالبة بإجراء الانتخابات الرئاسية مبكرا، موضحا أن حزبه تمكن من جمع ما يزيد على 7.2 مليون توقيع على العريضة.

ولا تزال تركيا تعيش على وقع تداعيات سجن إمام أوغلو، الذي ينظر إليه في الأوساط التركية على أنه منافس محتمل للرئيس رجب طيب أردوغان، على خلفية اتهامات تتعلق بـ"الفساد".

أبرز محطات التوتر على مدى الشهر الماضي
في 19 آذار/ مارس الماضي، اعتقلت السلطات التركية إمام أوغلو من منزله في منطقة ساريير بإسطنبول وعددا من المقربين منه على ذمة التحقيق في قضايا متعلقة بـ"الإرهاب" و"الفساد".

أثار الاعتقال سلسلة من الاحتجاجات الواسعة على مدى أسبوع كامل في منطقة سراج خانه الملاصقة لمبنى بلدية إسطنبول الكبرى في منطقة الفاتح.

في الـ23 من الشهر ذاته، قرر القضاء التركي سجن أكرم إمام أوغلو على ذمة الاتهامات المتعلقة بـ"الفساد"، فيما رفض طلب الادعاء العام بشأن سجنه على ذمة التحقيق في ملف "الإرهاب".

وأعلنت وزارة الداخلية في اليوم ذاته عن إبعاد إمام أوغلو عن مهام رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى بعد قرار القضاء التركي بسجنه.

اظهار أخبار متعلقة


في 24 آذار/ مارس، أعلن حزب الشعب الجمهوري عن ترشيح إمام أوغلو رسميا للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في العام 2028، وذلك بعد انتخابات تمهيدية شارك فيها "الملايين"، بحسب تقديرات الحزب المعارض.

في 26 آذار، انتُخب عضو مجلس بلدية إسطنبول الكبرى عن حزب "الشعب الجمهوري" المعارض، نوري أصلان، رئيسا للبلدية بالوكالة.

في غضون ذلك، دشنت المعارضة حملة لمقاطعة سلسلة من الشركات والعلامات التجارية التي اتهمتها بدعم الحكومة، وهو ما أثار انتقادات حادة من قبل العديد من المسؤولين.

وصعد حزب "الشعب الجمهوري" احتجاجاته من خلال إعلان 2 نيسان/ أبريل الجاري يوما لمقاطعة الاستهلاك في كافة البلاد، فضلا عن تدشين حملة "الحرية والانتخابات المبكرة لأكرم إمام أوغلو".

في المقابل، قامت السلطات التركية باعتقال ما يقرب من ألفي شخص على خلفية الاحتجاجات التي شهدتها البلاد عموما وإسطنبول خصوصا عقب سجن إمام أوغلو، قبل أن تفرج عن معظمهم.

والجمعة، شهدت إسطنبول محاكمة 189 شخصا متهما بالمشاركة في "تجمعات محظورة" بينهم عدد من طلاب الجامعات.

وشن أردوغان في أكثر من مناسبة هجوما حادا على المعارضة، معتبرا أن ما شهدته بلاده خلال الأيام الماضية، "يؤكد مجددا أن تركيا، كدولة كبيرة، فيها حزب معارضة رئيسي يفتقر إلى البصيرة والرؤية والجودة، ويبدو صغيرا وضعيفا سياسيا".

المشهد الاقتصادي
شهدت الليرة التركية تراجعا حاد في 19 آذار /مارس الماضي بالتزامن مع اعتقال إمام أوغلو، حيث هوت بصورة حادة لفترة وجيزة قبل أن ترتد صعوداً، في حين تراجعت الأسهم التركية بنسبة 17 بالمئة.

وبحسب تقديرات اقتصاديين في "غولدمان ساكس"، فإن المركزي التركي أنفق خلال الأيام الثلاثة الأولى بعد اعتقال إمام أوغلو ما يقرب من 25 مليار دولار  للدفاع عن الليرة.

والخميس، وصل تراجع صافي احتياطيات البنك المركزي التركي باستثناء اتفاقيات "السواب"، إلى 20.8 مليار دولار في الأسبوع المنتهي بتاريخ 11 نيسان/ أبريل الجاري.

وسجل صافي الاحتياطي باستثناء "السواب" انخفاضا غير مسبوق بلغ 44.6 مليار دولار منذ 19 آذار/ مارس الماضي، وفق وسائل إعلام تركية.

واضطر البنك المركزي التركي، الخميس، إلى رفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 350 نقطة أساس ليصل إلى 46 بالمئة، بعد تقلبات حادة في السوق.

إلى أين يتجه المشهد الداخلي التركي؟
يرى الكاتب والصحفي التركي رشوان شاكير، أن حزب الشعب الجمهوري "يدير معارضة فعّالة" منذ اعتقال أكرم إمام أوغلو في 19 آذار/ مارس الماضي.

لكن شاكير شدد في مقال له على موقع "ميديا سكوب" التركي على ضرورة "ألا يكتفي حزب الشعب الجمهوري بالتجمعات الانتخابية والاحتجاجات فحسب، بل إن عليه الآن أن يُظهر استعداده للسلطة بكوادره ومشاريعه".

اظهار أخبار متعلقة


واعتبر الكاتب أن أردوغان "قد يكون ارتكب أكبر خطأ في حياته السياسية" بعد اعتقال إمام أوغلو، لأن المشهد السياسي "يسير لصالح المعارضة لكن التوازنات لا تزال هشة"، بحسب تقديره.

في المقابل، أكد الباحث محمود علوش أن "قضية أكرم إمام أوغلو ستعيد تشكيل السياسة الداخلية التركية على نطاق واسع، سواء على مستوى علاقة المعارضة بأردوغان أو على مستوى حالة المعارضة نفسها".

وأوضح في حديث لـ"عربي21"، أن "هذه المعركة ليست مجرد قضية شخصية تتعلق بإمام أوغلو، بل هي معركة حاسمة للحزب ذاته، ومن يكسب هذه الجولة سيحصل على مكاسب تتجاوز هذه القضية".

وبحسب الباحث فإن "هذه القضية جاءت في خضم عملية إعادة تشكيل فعلية للسياسة التركية، بدأت خصوصا بعد عملية السلام الجديدة التي أطلقتها الدولة مع حزب العمال الكردستاني، بهدف إبعاد الحالة الكردية عن صفوف المعارضة، وأيضا تفريغ التيار القومي المعارض من قوته".

وقبل أيام، طالب زعيم القوميين الأتراك وحليف أردوغان، دولت بهتشلي، بالإسراع في محاكمة رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، خشية من أن تنعكس البلبلة حول مصير أبرز المعارضين سلبا على جهود الحكومة التركية لحل حزب "العمال الكردستاني" ونزع سلاحه، بحسب وكالة "فرانس برس".
التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم

خبر عاجل