في أحدث حلقات الجدل حول دعم القمح (
الدقيق) في 
المغرب، فجّر رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، أحمد التويزي، أزمة كبيرة عقب اتهامه بعض شركات الدقيق بـ"طحن الأوراق فقط" واستنزاف مليارات الدراهم دون مراقبة، وهو ما أثار موجة من الريبة والخوف لدى المواطنين. 
وأوضح بالقول: "لدينا السجل الاجتماعي الموحد، ويجب منح المغاربة الأموال، 500 درهم أو أكثر، ليتمكنوا من شراء السكر والدقيق بثمنهما"، مشيرا إلى أن مليارات الدراهم يستفيد منها الأغنياء أكثر من الفقراء.
تصريحات التويزي أدت مباشرة إلى فتح بحث قضائي من قبل الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف، بالعاصمة المغربية، الرباط، من أجل الكشف عن حقيقة هذه الاتهامات.
التحقيق والجدل.. ما القصة؟
خلال مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2026 أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، أشار التويزي إلى أنّ: الدقيق المدعم الذي يستفيد منه الفقراء "غير صالح للأكل"، مستنكرا أن مليارات الدراهم من الدعم تصل إلى الأغنياء أكثر من الفقراء. 
وفي السياق نفسه، دعا التويزي، الحكومة الحالية التي يترأسها عزيز أخنوش، والحكومة المقبلة، إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لمعالجة هذا الوضع، معتبرا أنّ: "عدم مراقبة هذه الشركات يهدّد المال العام".
وأشار تويزي إلى أن الحكومة الحالية واجهت ظرفية صعبة على المستويين المحلي والدولي، بما في ذلك تداعيات كوفيد، الحرب الأوكرانية، والجفاف، مع وجود اختلالات في المالية العمومية، تفاقم العجز، ارتفاع المديونية، وتراجع فرص الشغل، مؤكدا أن هذه التحديات تتطلب سياسات واضحة واستثمارات كبرى لمعالجتها.
وفي تصريح لاحق لتوضيح موقفه، أكد التويزي أن عبارة "طحن الورق بدل الدقيق" كانت مجرّد تعبير مجازي عن وجود "فساد مرتبط بتزوير الفواتير من طرف 
المطاحن"، متهما ما وصفه بـ"لوبي المطاحن" بمحاولة صرف النقاش عن شبهات التلاعب بالريـع المالي الكبير، الذي بلغ 16.8 مليار درهم هذا العام.
ردود الفعل والمصادر الرسمية..
على خلفية هذه التصريحات، تدخلت النيابة العامة وأمرت بفتح بحث قضائي للكشف عن أي تجاوزات محتملة في توزيع الدقيق المدعم. من جانبه، شدد رئيس الفيدرالية الوطنية للمطاحن، عبد القادر العلوي، على استعداد الفيدرالية للتعاون الكامل مع السلطات القضائية في حال ثبوت أي تلاعب، مؤكدا أن دخول النيابة العامة "يعني نهاية النقاش حول الموضوع وأن الأمر بيد القانون".
وأضاف العلوي أن المطاحن تعمل باستمرار لتوفير دقيق ذي جودة، وأن ادعاءات "طحن الورق" أثارت الريبة لدى المواطنين، مشيرا إلى أنّ: "الغرض كان أن يكون الدعم مباشرا للفئات المستهدفة وليس عبر آليات معقدة قد تؤدي إلى سوء استغلاله".
أبعاد أوسع..
التويزي لم يكتفِ، فقط، بفضح 
شبهات فساد في قطاع الدقيق فقط، بل أشار إلى التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية بين المغرب المتقدم في البنيات التحتية والمغرب الذي يعاني من الفقر والحرمان، مشددا على ضرورة تحقيق التوازن الجهوي والتنمية الترابية كما دعا الملك محمد السادس، وتفعيل ثقافة النتائج خصوصاً في مجالات الصحة والتعليم.
كما أشار إلى أن الإصلاح التعليمي يعتبر أساسيا لتكوين أطر ومهندسين وقادة قادرين على دفع المغرب إلى الأمام، مؤكدا على ضرورة إشراك المعلمين لضمان نجاح أي إصلاح تعليمي.
إلى ذلك، أمر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط بفتح بحث قضائي بخصوص ما أثير من معطيات حول خلط أو "طحن" الورق مع الدقيق، وذلك عقب تصريحات التويزي التي أثارت الجدل.
وبين الاتهامات المباشرة والتوضيحات اللاحقة، يبقى المواطنون في انتظار نتائج البحث القضائي لكشف حقيقة ما إذا كانت هناك تجاوزات فعلية في توزيع الدقيق المدعم، وما إذا كانت الأموال العامة مستنزفة في ظل نظام دعم يفترض أن يحمي الفقراء.