قضت المحكمة الإدارية في العاصمة الألمانية برلين، الثلاثاء٬ بعدم قانونية
الحظر الذي فرضته السلطات الألمانية على الجراح
الفلسطيني-البريطاني الشهير، الدكتور غسان أبو ستة، ومنعته بموجبه من دخول البلاد والمشاركة في مؤتمر مؤيد لفلسطين، معتبرة أن القرار لا يستند إلى أي أساس قانوني.
وفي حيثيات حكمها، أكدت المحكمة أن لا وجود لأدلة موثوقة تشير إلى أن تصريحات أبو ستة تمثل تهديدا للنظام الديمقراطي في ألمانيا أو للسلامة العامة، كما لم تجد ما يدعم الادعاءات بأن مواقفه ترقى إلى مستوى "دعم للإرهاب" أو "التحريض"، على حد وصف السلطات.
وكانت ألمانيا قد منعت دخول أبو ستة في نيسان/أبريل 2024، مبررة ذلك بزعم "تعاطفه مع حماس" واحتمال ارتكابه "جريمة" إذا ما سمح له بإلقاء كلمة خلال المؤتمر.
كما حظرت السلطات حينها مشاركته حتى عبر الإنترنت، مهددة إياه بعقوبات قانونية في حال مخالفته القرار.
لكن المحكمة اعتبرت أن القرار كان تعسفيًا و"ضعيف الأسس"، مشددة على أن مراجعة جميع تصريحات أبو ستة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 لم تُظهر أي تبنٍّ لهجوم أو تحريض على العنف.
ولفتت إلى أن مكانته كشاهد رئيسي أمام محكمة العدل الدولية بشأن العدوان الإسرائيلي على غزة، يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند تقييم موقفه القانوني، خصوصا أن شهاداته تُعد من الوثائق الإنسانية المهمة المرتبطة بجريمة الإبادة الجماعية في القطاع.
والدكتور أبو ستة، الذي يحمل الجنسيتين البريطانية والفلسطينية، يُعد من أبرز الأصوات الطبية الدولية التي كشفت للرأي العام العالمي الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق القطاع الصحي والمدنيين في غزة خلال عدوانها الأخير.
وكان قد دخل القطاع في 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023، بعد يوم من بدء العدوان، وعمل طبيبًا متطوعًا في مستشفيي الشفاء والمستشفى الأهلي المعمداني لمدة 42 يومًا، قبل مغادرته في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر.
وقد أدلى بشهادات علنية أمام منظمات أممية ومحاكم دولية، من بينها محكمة العدل الدولية، مؤكدا عبر تجاربه الشخصية ومشاهداته المباشرة وقوع انتهاكات ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
كما واصل بعد خروجه من غزة سرد شهادته في وسائل إعلام دولية ومؤتمرات متخصصة، رغم الضغوط السياسية ومحاولات التضييق عليه.
ويأتي قرار المحكمة في وقت تواجه فيه السلطات الألمانية موجة انتقادات داخلية وخارجية بسبب القيود المشددة التي تفرضها منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي على الفعاليات المتضامنة مع فلسطين.
فقد أقدمت الحكومة الألمانية، وفق منظمات حقوقية، على حظر مئات التظاهرات، وإلغاء فعاليات ثقافية، ومنع شخصيات أكاديمية وحقوقية بارزة من إلقاء كلمات أو الظهور العلني، في خطوات تُوصف بأنها "انحياز مطلق" لحكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة بنيامين نتنياهو، رغم الاتهامات الموجهة إليها بارتكاب جرائم إبادة في غزة.