صحافة إسرائيلية

باحثان إسرائيليان: إلغاء دور الأونروا في القدس يأتي لشطب هوية اللجوء

أكد المقال أن وجود الأونروا في القدس سمح لـ"إسرائيل" بضمّها دون تحمّل مسؤولية سكانها- الأناضول
تتسارع الجهود الإسرائيلية في تهويد مدينة القدس بشكل غير مسبوق، وتُسارع بلدية الاحتلال إلى إخراج وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" من شرق المدينة، حيث أغلقت مدارسها، وتركت العديد من الطلاب دون حلّ.

ويأتي ذلك بينما تتوجه أنظار العالم إلى قطاع غزة حيث تتواصل الإبادة الإسرائيلية على مدار الساعة، وإلى الضفة الغربية حيث يتصاعد الاستيطان بشكل كبير.

وجاء في مقال مشترك لأستاذة الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية ليئات كوزما، وأستاذ التاريخ بالجامعة العبرية لي مردخاي، أن "إحدى عواقب الحرب التي تشنها إسرائيل ضد المنظمات الإنسانية الدولية العاملة مع المقدسيين هي تسريع عملية الأسرلة التي بدأت حتى قبل الحرب على غزة، حيث يتم تنفيذها إلى حد كبير في الظلام، من خلال سلسلة من القيود الإدارية، وتكثيف الصراع ضد الأونروا، وبلغ ذروته بتشريع في الكنيست بحظرها فعليًا".

وجاء في المقال الذي نشره موقع "محادثة محلية" وترجمته "عربي21" أنه "بالنسبة إسرائيل تعني الأونروا اعترافًا دوليًا بحقوق اللاجئين الفلسطينيين؛ ورغم تراجع المساعدات التي تقدمها بشكل كبير على مر السنين، وكذلك نفوذها الميداني، لكن أهميتها الرمزية تجعل وجودها لا يُطاق، وفي هذا السياق، تُفضل الدولة تجاهل حقيقة أن عملها، كغيرها من منظمات الإغاثة، ولعقود طويلة، سمح لها بالتنصّل من التزاماتها تجاه المقدسيين، خاصة عقب ضمّها للمدينة المقدسة، مما استدعى منها حسب القانون توفير فرص التعليم لهم".

وأوضح أنه "من الناحية العملية، سمح وجود الأونروا ومنظمات الإغاثة لإسرائيل بضمّ القدس دون تحمّل مسؤولية سكانها، وهو وضع صبّ في مصلحتها، لكن في السنوات الأخيرة، استُهدفت مدارس الأونروا في القدس، لأن إسرائيل ترى أن وجودها يُمثل تحديًا لسيطرته على المدينة، ورغم أن معنى التشريع وترجمته لأفعال لم يكونا واضحين في البداية، لكن الدولة بدأت تدريجيًا بالتحرك لإخراج الأونروا من القدس، مع العلم أن الأونروا لديها سبع مؤسسات تعليمية في المدينة: وادي الجوز، صور باهر، سلوان، كفر عقب، و3 في مخيم شعفاط".

وأشار إلى أن "الشرطة الإسرائيلية اقتحمت مدارس الأونروا المقدسية في نيسان/ أبريل، ووزعت أوامر بإغلاقها خلال 30 يومًا، ومنشورات تدعو الطلاب للتسجيل في مدرسة أخرى، وزعمت البلدية استعدادها لاستيعاب 800 طالب، لكن بيانات "عير عميم" المتخصصة بشئون القدس، فإن هذا تقدير أقل من الواقع، وربما يصل لـ1100 طالب، ونظرًا للاكتظاظ في المدارس القائمة، والنقص الهائل في الفصول الدراسية في القدس، فليس من الواضح ما هو الحل المقترح لهؤلاء الطلاب، وما مصير مباني المدارس نفسها".

وأكد أن "ممثلي منظمات الإغاثة الدولية أطلعاهما على الإجراءات التي تتخذها إسرائيل لتقييد تحركاتها، بل وحتى طردها، حيث يُعد إغلاق مدارس الأونروا في القدس مثالاً آخر على استغلال الحرب في غزة كفرصة لسحب خطط من الأدراج لتقليص الدعم المقدم للمقدسيين".

ونقل المقال عن "أفيف تاتارسكي وغال يانوفسكي الباحثان في شؤون القدس، أن هناك نقصًا في الفصول الدراسية في القدس بألفي فصل، إضافة لثلاثين ألف طالب غير مسجلين، حيث يدرس عشرة آلاف طالب بمدارس خاصة، وتسرب ثلاثة آلاف آخرين، ويدرس 11 ألفا بمدارس لا تعرف البلدية مستوى جودتها، ولا تخضع للمراقبة، وتكتظ الفصول الدراسية في مدارس القدس بـ 55 أو 60 طالبًا في الفصل الواحد، في مبانٍ سكنية غير مخصصة للاستخدام كمدارس".

وأوضح أن "الحرب الحالية على غزة أتاحت لإسرائيل تكثيف حملتها ضد الأونروا في القدس المحتلة، مما زاد من ظواهر التسرّب المدرسي والاختناقات الفصلية، ومن المخاوف الأخرى أن الطلاب الذين يدرسون المنهج الفلسطيني في مدارس الأونروا سيُطلب منهم الآن الانتقال لمدارس البلدية التي تُدرّس المنهج الإسرائيلي، وليس من الواضح ما إذا كانت البلدية قادرة وراغبة في استيعابهم، وبالتالي فإن إغلاق المدارس يضع عبئًا على البنية التحتية المهملة، والمقدسيّين الضعفاء، دون توفير حل مناسب".

وأشار أنه "في السنوات الأخيرة، وخلال ولاية موشيه ليون كرئيس للبلدية، وتخفيضات ميزانية الأونروا ضعفت مكانتها، وقلّصت عملياتها، حيث نفدت الأدوية من عيادتها، مما زاد من التدهور الخطير في الظروف المعيشية، كما أن رحيل الأونروا عن القدس يحمل دلالة رمزية من وجهين: هجوم على الهوية الفلسطينية، التي تتمحور حول اللاجئين وأمل العودة، والخوف أن يكون انسحابها خطوة أولى نحو انسحابها من مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية دون أي حلّ بديل".

وأضاف أن "الانطباع السائد بين المقدسيين أن انسحاب الأونروا جزء من عملية أوسع للقضاء القسري على مشكلة اللاجئين، حيث يُعدّ الدمار الواسع النطاق في مخيمات طولكرم وجنين جزءًا منها، لأن الأونروا ليست مجرد خدمات إغاثية تقدمها، بل هي هوية الفلسطينيين، والحفاظ على هويتهم كلاجئين، عقب استيلاء الاحتلال على منازلهم ومتاجرهم، وطردوهم من قراهم".