مع تزايد الدعوات
الإسرائيلية لوقف حرب الإبادة الجماعية ضد قاطع
غزة، ترى محافل أخرى أن
الاحتلال يسيطر عمليًا على كامل أراضي القطاع، وله حرية كاملة في ممارسة عدوانه، وبعد قرابة عشرين شهرًا حان الوقت للتوقف، وإعلان النصر المزعوم، وإطلاق سراح الأسرى ومحاولة إكمال المهمة المتبقية عبر الدبلوماسية، كما فعل في معظم حروبه السابقة.
وقال نائب رئيس جامعة تل أبيب، المؤرخ آيال زيسر إن "معظم الأهداف التي حددها الاحتلال لنفسه في بداية الحرب تحققت منذ زمن بعيد، فجيش حماس، القوة العسكرية النظامية، تضم ألوية وكتائب ووحدات النخبة، وتمتلك 20 ألف صاروخ تغطي أجزاء كبيرة من إسرائيل، جرى تدميره إلى حد كبير، وما تبقى منها مسلحون أو خلايا معزولة تحاول الالتفاف على القوات العاملة في القطاع، وكذا الحال مع نظام حكم الحركة، والخدمات الاجتماعية التي تديرها تعطلت تمامًا، والقطاع أصبح في معظمه ركامًا، وغير صالح للسكن".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة "
يسرائيل هيوم"، وترجمته "عربي21" أن "إسرائيل تسيطر حاليًا على كامل أراضي قطاع غزة، وتمارس الحرب ويتمتع بحرية كاملة في مواجهة أي تهديد يُحدّده، وفي مثل هذا الوضع، يتضح للجميع أن استمرار القتال في غزة لم يعد يخدم أي مصلحة إسرائيلية، ومن الصعب افتراض أن ما لم نحققه خلال عشرين شهرًا من القتال سنحققه خلال أيام أو أسابيع قليلة، وفي هذه الأثناء لا يزال المختطفون يرزحون في الأنفاق، ولا يزال الجيش يدفع ثمنًا باهظًا من أرواح جنوده أسبوعيًا تقريبًا".
وأشار إلى أن "إسرائيل يجب أن تأخذ في الاعتبار أن نافذة الفرصة التي أتيحت له للعمل بحرية، ودون قيود في غزة، وكانت غير مسبوقة في تاريخ الحروب الإسرائيلية، على وشك الانقضاء، ويمكن بالفعل العثور على إشارة لذلك في تصريحات الرئيس دونالد ترامب في الأيام الأخيرة، ويتوقع بموجبها من بنيامين نتنياهو تخفيف الضغط على غزة، والسماح بدخول المساعدات والمواد الغذائية لسكانها، ويأمل إنهاء الحرب، ربما تمهيدًا لزياراته القادمة للسعودية وقطر والإمارات، التي اختارها كوجهة أولى لجولاته حول العالم والشرق الأوسط".
وأوضح أنه "بما أن النصر الشامل لن يكون، بل لم يكن يومًا، هدفًا عمليًا قابلًا للتحقيق، فيجب على إسرائيل السعي للتوصل لاتفاق سياسي، مماثل للاتفاق الذي اتفقت عليه في لبنان، بهدف تحسينه، وينبغي أن يشمل ذلك، أولًا وقبل كل شيء، إعادة جميع الرهائن المحتجزين لدى حماس، يجب ألا نستخف بهذه القضية، فهي بالغة الأهمية، ليس فقط للحاضر، بل أيضًا لمستقبل الدولة ومجتمعه، هكذا سيحكم عليه التاريخ، وهذا ما سيبقى للأجيال القادمة من هذه الحرب، إطلاق سراح الرهائن، وليس بالضرورة القضاء على خلية أخرى أو نفق آخر في غزة".
وأكد أن "هذه الصفقة المطلوبة يفترض أن تتناول اليوم التالي في قطاع غزة، وهي قضية تحجم الحكومة عن مناقشتها باستماتة، رغم أنه على أي حال، ستملي عليها واشنطن التفاصيل، لذا يجدر بالاحتلال إعداد وتعزيز عملية يكون فيها المبادر، وليس من يتم سحبه، كما هو الحال اليوم".
وأشار إلى أنه "بجانب إطلاق سراح جميع الرهائن، ينبغي أن تتضمن صفقة إنهاء الحرب ثلاثة عناصر رئيسية: أولها حرية عمل كاملة لإسرائيل في التعامل مع أي تهديد تراه في غزة، كما في لبنان، لمنع ظهور تهديد مماثل للتهديد الذي شكلته حماس عشية السابع من أكتوبر، وثانيها إدارة مدنية تدير شؤون القطاع تحت إشراف إسرائيلي وعربي ودولي، وثالثها القضاء على الوجود العسكري لحماس في غزة".
وأوضح أنه "يجب التأكيد على أن هذه العملية ليست ضربة واحدة، أو هدفًا يمكن تحقيقه في يوم واحد، ففي النهاية، لم تحقق إسرائيل هذه الأهداف خلال عشرين شهرًا من القتال العنيف، وربما لن تتحقق إذا تواصل القتال في غزة لأشهر طويلة قادمة، لذلك، تُعدّ الصفقة العرض الأفضل والأوحد في السوق، الذي سيعيد المخطوفين، وينقذ أرواح عدد لا يُحصى من الجنود، ويمنح إسرائيل مكاسب على الساحة الدولية، دون تعريض أمنها ومستقبلها للخطر".
وختم بالقول إن "كل ذلك يستدعي من إسرائيل الإعلان أنها حققت انتصارًا، ليس انتصارًا كاملًا، بل انتصارًا ذا دلالة، كي تنتقل للتحديات التالية التي تنتظرها، وفي مقدمتها القضية الإيرانية، وبجانبها، الترويج لاتفاقيات لتطبيع لتشمل العالم العربي بأكمله".