أكد رئيس مركز "حرمون" للدراسات، سمير سعيفان، أن كلفة إعادة
الإعمار المادي في
سوريا تصل إلى 150 مليار دولار، مشددا على ضرورة رفع العقوبات الاقتصادية عن البلاد لفتح الطريق أمام جهود إعادة البناء.
وأشار سعيفان، في مقابلة مع وكالة الأناضول، إلى أن أولى خطوات إعادة الإعمار ترتبط بتحقيق الاستقرار ورفع العقوبات الاقتصادية، إلى جانب استعادة العلاقات الدبلوماسية مع دول الإقليم والعالم.
وأوضح سعيفان أن تقديرات البنك الدولي تشير إلى أن تكلفة إعادة الإعمار تقل عن 150 مليار دولار، لكن هناك أرقام أخرى متداولة، مضيفا أنه "إذا أردنا الحديث عن الإعمار المادي، أي إعادة بناء المدن والبلدات المدمرة، فلا يوجد حساب دقيق، وإنما هي تقديرات".
ولفت إلى أن عملية إعادة الإعمار لا تقتصر على الجانب المادي، بل تشمل إعادة الإعمار المجتمعي، مشيرا إلى الحاجة لجهود كبيرة لإعادة النازحين إلى منازلهم، فضلا عن إعادة بناء مؤسسات الدولة المتضررة، والثقافة العامة، والقوانين والتشريعات.
وقال الباحث: "نحن بحاجة إلى إعادة بناء شاملة، وليست عمرانية فقط"، موضحا أن تحقيق الاستقرار ورفع العقوبات الاقتصادية يُشكلان مدخلا أساسيا لإعادة الإعمار، وأن مصادر التمويل ستكون متعددة، حيث إنها قد تشمل المساعدات والمنح من الدول الصديقة، لكنها لن تكون كافية.
وأضاف أنه "يمكن لسوريا أن تقترض من مؤسسات دولية، لكن القروض تحتاج إلى ضمانات، لذلك فلن تكون هناك قروض كبيرة جدا"، مؤكدا أن المصدر الأساسي للتمويل يجب أن يكون عبر الاستثمارات وإعادة إطلاق الاقتصاد السوري.
وأشار إلى أن المساعدات المحتملة من الاتحاد الأوروبي أو المنظمات الأممية والدولية يجب أن تُدار بكفاءة وفاعلية، بحيث يصبح الاقتصاد السوري قادرًا على تمويل نفسه ذاتيًا وليس الاعتماد على مساعدات خارجية.
ولفت سعيفان إلى أن دول الإقليم، مثل قطر وتركيا والسعودية، تؤدي دورا سياسيا رئيسيا في دعم استقرار سوريا، مضيفا أن "الدعم المالي قد يأتي بصورة أساسية من قطر والسعودية، بينما يمكن لتركيا أن تساهم في عملية البناء وربما في الدعم المالي أيضا".
وأوضح أن تركيا والدول العربية وحتى بعض الدول الأوروبية يمكن أن تلعب دورا مهما في الترويج لرفع العقوبات الاقتصادية والاعتراف بالسلطة الانتقالية الحالية، لافتا إلى أن "السلطة الحالية يجب أن تدرك متطلبات المجتمع الدولي وتسعى للالتقاء معه في منتصف الطريق، وهذا أحد التحديات المعقدة".
وأشار إلى وجود تيارات متباينة داخل السلطة الانتقالية، بين متشددين ومرنين، مؤكدا أن بعضها يدرك متطلبات المجتمع الدولي بينما البعض الآخر لا يدرك مخاطره.
وأكد سعيفان أن استمرار العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا يمثل تحديا رئيسيا أمام إعادة الإعمار. وقال: "نأمل أن يتم التوصل إلى موقف يؤدي إلى انفراج، فبدون رفع العقوبات سيبقى وضع سوريا صعبا".
ومنذ سقوط نظام الأسد أواخر العام الماضي، شددت الحكومة السورية على لسان كبار مسؤوليها على ضرورة رفع العقوبات الغربية بالكامل لانتفاء السبب الذي فرضته من أجله، وهو نظام الأسد.
والأربعاء، أقر البرلمان الأوروبي مشروع قرار يتيح استخدام الأصول المجمدة لنظام بشار الأسد لدعم عملية الانتقال السياسي وإعادة الإعمار في سوريا.
وفي 24 شباط / فبراير الماضي، أقدم الاتحاد الأوروبي على خطوة إيجابية، حيث قررت دول الاتحاد تعليق بعض العقوبات المفروضة على سوريا.
وفي اجتماعهم في العاصمة البلجيكية بروكسل، قرر وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي تعليق العقوبات التي تستهدف قطاعات مثل البنوك والطاقة والنقل في سوريا.
وقد تمت إزالة أسماء بعض البنوك السورية مثل "بنك الصناعة"، و"بنك التسليف الشعبي"، و"بنك التوفير"، و"بنك التعاون الزراعي"، وأيضا "الخطوط الجوية السورية" من قائمة العقوبات، وتم السماح بتمويل البنك المركزي السوري، وفقا لوكالة الأناضول.
وتم اعتماد بعض الاستثناءات المتعلقة بحظر العلاقات المصرفية بين البنوك والمؤسسات المالية السورية مع البنوك الأوروبية، والسماح بإجراء بعض المعاملات المتعلقة بقطاعي الطاقة والنقل لأغراض المساعدة الإنسانية وإعادة الإعمار.