دعا الأمين العام لحزب العدالة والتنمية
ورئيس الحكومة
المغربية الأسبق عبد الإله
بنكيران، أمس الأربعاء، المغاربة إلى
العودة للاحتجاجات والمسيرات التضامنية مع الشعب
الفلسطيني، بعد ما وصفه
بـ"نقض إسرائيل لعهد وقف إطلاق النار وعودتها إلى التقتيل في غزة والضفة
الغربية".
وقال بنكيران في كلمة مصوّرة نشرها على
صفحته الرسمية بموقع "فيسبوك"، إن على المغاربة أن يستأنفوا الأنشطة
التضامنية التي كانت قد توقفت مؤخرًا عقب الإعلان عن وقف الحرب، مضيفًا: "إذا كنتم قد
أوقفتم الأنشطة التضامنية مع فلسطين لكون الحرب توقفت، فارجعوا للمسيرات والوقفات
واحتجوا، فذلك أضعف الإيمان".
"الاحتجاج أقل
ما يمكن تقديمه"
وأكد بنكيران أن "الاحتجاجات في
الشوارع قد لا تغيّر موازين القوى"، لكنها تمثل الحد الأدنى من المواقف
الإنسانية والسياسية التي تعبر عن تضامن الشعب المغربي مع الفلسطينيين، قائلاً: "قد لا تكون
للوقفات نتائج كبيرة، لكنها واجب أخلاقي حتى يُعلم أن الشعب المغربي لا يزال حيًّا
ولم يمت، وإن كان أداؤه متواضعًا."
وفي كلمته، وجّه بنكيران انتقادًا حادًّا
للدول العربية والإسلامية التي شاركت في اتفاق وقف إطلاق النار وقدّمت ضمانات
لإنهاء الحرب، داعيًا إياها إلى تحمل مسؤوليتها الأخلاقية والسياسية بعد عودة
إسرائيل إلى القتال.
وقال في هذا الصدد: "أرواح
الفلسطينيين في ذمة هذه الدول، وإذا لم تتحرك بعد أن نقضت إسرائيل العهد، فلن يبقى
لها أي اعتبار."
كما طالب تلك الدول باتخاذ خطوات عملية، مثل
سحب السفراء ووقف التعاون الدبلوماسي مع تل أبيب، مؤكداً أن "الصمت العربي
والإسلامي يشجع إسرائيل على المضي في جرائمها".
إدانة "حرب الإبادة" في غزة
وتوقف بنكيران عند ما وصفه بـ"حرب
الإبادة المتواصلة منذ سنتين على غزة"، مشيرًا إلى أن عدد الشهداء تجاوز 100
ألف، إلى جانب مئات الآلاف من الجرحى والمشردين، في ظل "صمت عالمي وتواطؤ
واضح من الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ورئيسها دونالد
ترامب".
وقال بنكيران إن "الكيان الصهيوني لا
يقاتل فصائل المقاومة، بل يقتل النساء والأطفال ويدمر البيوت ويجوّع الناس"،
مضيفًا أن ما يجري "هو تطهير عرقي ممنهج تُسانده قوى عظمى بلا خجل".
دعوة مباشرة لترامب
ورغم انتقاداته السابقة لسياسات واشنطن،
وجّه بنكيران دعوة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي قال إنه قدّم ضمانات
لإنهاء الحرب، إلى التدخل مجددًا لوقف العدوان الإسرائيلي.
وأضاف: "استبشرنا
خيرًا عندما أعلن ترامب وقف الحرب بمشاركة وسطاء عرب ومسلمين، لكن إسرائيل عادت
للغدر والقتل بمبررات واهية. هؤلاء قوم لا عهد لهم ولا ميثاق."
وأكد بنكيران أن على ترامب، "الذي يملك
القدرة على الضغط على إسرائيل"، أن يتحرك فورًا، ليس فقط لوقف الحرب، بل
"لاتخاذ إجراءات تحقق العدالة والاستقرار في المنطقة."
ويأتي تصريح بنكيران في وقت تراجع فيه زخم
المسيرات الشعبية المؤيدة لفلسطين في المغرب منذ إعلان وقف إطلاق النار في الصيف
الماضي، بعد موجة واسعة من التظاهرات التي عمّت مدن البلاد احتجاجًا على المجازر
في غزة، ومطالبة بقطع العلاقات مع إسرائيل.
تأتي دعوة بنكيران في ظل تصاعد الجدل
الداخلي بالمغرب حول اتفاق التطبيع مع إسرائيل الذي تم توقيعه أواخر عام 2020 في
إطار ما يعرف بـ"اتفاقات أبراهام"، إذ يرى معارضون أن استمرار العلاقات
الدبلوماسية والاقتصادية مع تل أبيب يتناقض مع الموقف التاريخي للمغرب الداعم
للقضية الفلسطينية.
وتشكل تصريحات الأمين العام لحزب العدالة
والتنمية، الذي قاد الحكومة خلال مرحلة ما قبل التطبيع، رسالة سياسية مزدوجة؛ فهي
من جهة دعوة لتجديد الزخم الشعبي المناهض للعدوان الإسرائيلي، ومن جهة أخرى انتقاد
مبطَّن لسياسات الدولة تجاه إسرائيل، خصوصًا بعد توتر الأوضاع في غزة واستمرار
الغضب الشعبي من "صمت العواصم العربية".
ويعكس هذا الخطاب عودة بنكيران إلى لعب دور
صوت الشارع الإسلامي والوطني في مواجهة موجة التطبيع، ومحاولة لإحياء موقع حزبه
كفاعل سياسي يعبر عن الوجدان الشعبي المغربي تجاه فلسطين.
اظهار أخبار متعلقة