ملفات وتقارير

ما فرص إعادة إحياء "التحالف الثلاثي" لتشكيل حكومة العراق؟

التحالف الثلاثي يقوده السوداني والحلبوسي ومسعود البارزاني- واع
التحالف الثلاثي يقوده السوداني والحلبوسي ومسعود البارزاني- واع
يتصاعد الحديث في العراق، عن تحالف ثلاثي جديد قد يتشكل بعد الانتخابات البرلمانية، والذي يتولى تشكيل حكومة غالبية سياسية بالمرحلة المقبلة، في خطوة تعيد إلى الأذهان، التحالف المماثل الذي شكله زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بعد انتخابات عام 2021.

ووفقا للإعلام المحلي، فإن التحالف الثلاثي الجديد من المقرر أن يضم ائتلاف "الإعمار والتنمية" بزعامة رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، وحزب "تقدم" بقيادة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، والحزب "الديمقراطي الكردستاني" برئاسة مسعود البارزاني.

"مشهد جديد"
وعن مدى نجاح إيجاد تحالف ثلاثي جديد قادر تشكيل الحكومة، قال المحلل السياسي العراقي، علي البيدر، إن "مرحلة ما بعد الانتخابات المقررة في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، سيُعاد إنتاج ائتلاف إدارة الدولة -الذي تشكلت منه الحكومة الحالية- لكن بمستوى تمثيل سياسي مختلف تماما".

وفي 25 أيلول/سبتمبر 2022، تأسس "ائتلاف إدارة الدولة"، من غالبية الكتل البرلمانية، والذي يضم "الإطار التنسيقي" الشيعي، وأكبر حزبين كرديين (الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني)، وتحالفات: "تقدم، السيادة، والعزم" (السنية)، وحركة "بابليون" المسيحية.

وأوضح البيدر لـ"عربي21" أن "الحلبوسي لن يحصل على عدد مقاعد كان قد فاز بها في انتخابات 2021، لأنه ثمة منافسين وعناوين جديدة خرجت إلى الواجهة، وكلها مناوئة له، لذلك يظهر الأخير متشنجا في خطاباته، وهذا سيؤثر على مستوى التعامل السياسي معه في المرحلة المقبلة".

وأشار الخبير العراقي إلى أن محافظة نينوى فيها قائمة كبيرة يقودها محافظها السابق نجم الجبوري، وكذلك مثنى السامرائي الذي يقود قائمة "العزم" بدأ نجمه يسطع، إضافة إلى الكثير من الشخصيات السياسية برزت، ومن شأنها أن تؤثر على الواقع السني.

ورأى البيدر أن يعاد إنتاج الخارطة السياسية السُنية بشكل مختلف عما كانت عليه، بالتالي ستضعف بعض التوازنات وتقوى أخرى في المشهد السني، بناء على نتائج الانتخابات، لذلك لن يستطيع الحلبوسي التفرد بالقرار السني في المرحلة المقبلة.

ولفت إلى أن "الحلبوسي سيكون جزاء من مجموع، لأنه كان في السابق لديه نحو نصف عدد مقاعد
السُنة، لكن في الانتخابات المقبلة ربما يتراجع إلى الثلث نيابيا وسياسيا".

وعن فشل التحالف الثلاثي السابق في تشكيل الحكومة وانهياره، قال البيدر إنه "ثمة تصورات عن 
تمرد الحلبوسي عليه، وأنه نقض بعض العهود والمواثيق، لذلك فإن الأكراد لا يحبذون التقارب معه، بل أنهم يحملونه مسؤولية انفراط عقد التحالف الثلاثي أكثر من التيار الصدري".

وأردف البيدر، قائلا: "الأكراد وتحديدا الحزب الديمقراطي الكردستاني قد يبحث عن عناوين سياسية سنية جديدة، خصوصا أن الخطاب الكردي حاليا لا يصب في مصلحة التقارب مع الحلبوسي وهذا ما قد يضعف الحضور السياسي للأخير خلال المرحلة المقبلة".

واستبعد الخبير العراقي أن يجري تجاوز إيران في ملف العراق خلال مرحلة ما بعد الانتخابات، كونها لديها لاعبين من خارج المكونين السني والكردي، لأن الحضور الشيعي هو الأقوى في المشهد العراقي.

وفي المقابل، قال محمود الحياني عضو كتلة "الفتح" بزعامة هادي العامري إن المرحلة المقبلة بعد الانتخابات ستشهد اندثار الكثير من القوى السياسية، وأن ما يتبقى هي ثلاثة كتل فقط، الأولى برئاسة السوداني، والثانية يقودها الحلبوسي والثالثة، للبارزاني.

وتوقع الحياني خلال مقابلة تلفزيونية، الخميس، أن تقوم هذه الكتل الثلاث برسم شكل ووضع آلية تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، وأن هذا الواقع الجديد الذي سيُفرض في العراق خلال المرحلة المقبلة، مرجحا أن تذهب باقي الكتل النيابية إلى خيار المعارضة.

وفي السياق ذاته، قال المحلل السياسي، رافد العطواني، إن "المرحلة المقبلة قد تشهد تأسيس تحالف ثلاثي، يتماهى مع ما يُعرف بالشرق الأوسط الجديد، وأن الأثر الأمريكي سيكون حاكما في تشكيل الحكومة، أكثر من التأثير الإيراني، خصوصا إذا فُرضت عقوبات على جماعات مرتبطة بإيران".

وتوقع العطواني، خلال تصريح له، الأسبوع الماضي، أن "يكون الحزب الديمقراطي الكردستاني الأول على مستوى المكون الكردي، وتحالف تقدم الأول سنيا، والسوداني أولا شيعيا، ما سيجعل واشنطن صاحبة الكلمة الأقوى في ملامح تشكيل الحكومة المقبلة".

ورجح أن "تشهد المرحلة التي تلي الانتخابات إعادة رسم لخريطة التحالفات بما ينسجم مع المتغيرات الإقليمية والدولية"، لافتا إلى أن "التغيير المتوقع سيشمل جزءا من الإطار التنسيقي (الشيعي) وليس كله، ومن المحتمل أن تتشكل كتلة تتعاطى مع المتغيرات الخارجية".

اظهار أخبار متعلقة


"شروط أمريكية"
من جهته، قال مناف الموسوي مدير "مركز بغداد" للدراسات لـ"عربي21" إن "العلاقة بين الحلبوسي والبارزاني في أسوأ حالاتها حاليا، بالتالي لا توجد أي بوادر تشير إلى احتمالية تحالفهما، إضافة إلى أن التحالفات تحدث على أساس الحجوم الانتخابية ثم التفاهمات".

وأوضح أن "الحديث الحالي عن تحالفات في المرحلة المقبلة يعني أنها إشارة واضحة إلى نجاح الانتخابات والمصادقة على نتائجها، وبالتالي السير لتشكيل الحكومة. لكن هذا الأمر سابق لأوانه، لأن البعض حتى اللحظة يتوقع تأجيل الانتخابات، رغم صعوبة هذا السيناريو".

ورأى الموسوي أن "الاشكالية اليوم تتعلق بآلية تشكيل الحكومة المقبلة، وذلك في ظل حديث عن شروط أمريكية ترفض اشتراك الأحزاب التي تمتلك أجنحة مسلحة في الانتخابات، إضافة إلى رفع أن أحد الأحزاب دعوى قضائية يطالب أيضا بمنع هذه الأحزاب".

وبيّن الخبير العراقي أن "هذه الشكوى-التي لم يبت بها القضاء بعد- تحدثت عن مسألة مسكوت عنها، وهو خرق المادة التاسعة من الدستور التي تمنع مشاركة أحزاب تمتلك أجنحة مسلحة بالانتخابات، وهذه مادة قانونية، وبما أنه لم تُحرك شكوى سابقا، فإن المفوضية لم تتخذ أية إجراءات".

وتابع: "لكن اليوم جرى تقديم شكوى عن مشاركة الأحزاب التي تمتلك الأجنحة المسلحة، إضافة إلى الضغوط الخارجية يتمثل بتهديد أمريكي بعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات المقبلة، وهذا الأمر يضعف النظام السياسي، وبالتالي كيف نتحدث عن تحالفات لتشكيل الحكومة؟".

ونوه الموسوي إلى أن "إجراء عملية انتخابية في ظل المشكلات سالفة الذكر ستنتج انتخابات ضعيفة وهزيلة، بالتالي ستكون مهددة بإلغاء نتائجها والذهاب إلى انتخابات مبكرة".

ومنذ نحو أسبوعين، تحظى قضية رفع شكوى ضد مشاركة أحزاب تمتلك أجنحة مسلحة في الانتخابات بتغطية واسعة في وسائل الإعلام المحلية، وسط تصاعد الضغط على المفوضية والسلطة القضائية للبت في هذه الشكاوى قبل موعد العملية الانتخابية.

رفع شكوى بهذا الحجم، تُعد سابقة تحدث لأول مرة منذ عام 2003، كونها شملت فصائل بارزة من بينها: منظمة بدر، عصائب أهل الحق، كتائب الإمام علي، كتائب سيد الشهداء، والتي تشكل كل واحدة منها تحالفات انتخابية، فضلا عن أنها تمتلك مناصب في الحكومة الحالية.

وفي مقابلة تلفزيونية، الجمعة، صرّح عباس الفتلاوي رئيس "تجمع الاستقلال العراقي" صحاب الشكوى المقامة ضد الفصائل، بأن "هذه الحملة القانونية هدفها الأساس حل الأحزاب المسلحة لحماية العملية الديمقراطية، وذلك لأن وجودها  مخالفتها للدستور".

وأكد الفتلاوي أنهم قدموا إلى المفوضية ودائرة الأحزاب فيها والمحكمة الاتحادية شكوى من 62 صفحة مدعمة بنحو 30 جيجا بايت من فيديوهات تتضمن اعترافات صريحة لأعضاء في الفصائل المسلحة بأنهم مرتبطون بجهات وحركات سياسية وكيانات برلمانية.

وأشار إلى أن الشكوى تستند لمواد في الدستور العراقي تنص على أن "القوات المسلحة العراقية وأفرادها، وبضمنها العسكريون العاملون في وزارة الدفاع أو أي دوائر أو منظمات تابعة لها، لا يحق لهم الترشيح في الانتخابات لشغل مراكز سياسية"، والتي تحظر تكوين ميليشيات خارج إطار القوات المسلحة.

ولم تصدر المفوضية العليا للانتخابات حتى وقت كتابة هذا التقرير، أي موقف رسمي من هذه الدعاوى، مكتفية بالقول إن "كل الطعون ستُحال إلى الجهات القضائية المختصة وفق المدد القانونية".

أما المحكمة الاتحادية العليا، فهي الجهة التي يمكن أن تبت في شرعية مشاركة تلك القوى، لكن مراقبين يشيرون إلى أن البتّ في القضية خلال فترة قصيرة قبل الانتخابات سيكون معقدا، وقد يفتح الباب أمام أزمة سياسية في البلاد إذا تقرر استبعاد قوى مؤثرة.

التعليقات (0)