صحافة دولية

إطلاق حرب سرية ضد صادرات النفط الروسية.. كيف سترد موسكو؟

سلسلة هجمات استهدفت سفنا روسية في الموانئ- جيتي
سلسلة هجمات استهدفت سفنا روسية في الموانئ- جيتي
نشرت صحيفة "فزغلياد" الروسية تقريرا سلطت خلاله الضوء عن سلسلة الحوادث الغامضة التي تستهدف السفن التجارية في الموانئ الروسية، والتي تكشف عن أبعاد جديدة لحرب سرية تُشن ضد صادرات روسيا البحرية.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن هذه التطورات تفرض تحديات كبيرة على الأمن الاقتصادي والبحري، وتستدعي ردود فعل عاجلة وحاسمة للحفاظ على مصالح روسيا.

وتضيف الصحيفة أن الأشهر الأخيرة شهدت  سلسلة من الحوادث الغامضة التي طالت سفن الشحن التجارية التي تدخل الموانئ الروسية بانتظام. وقد أسفرت بعض هذه الحوادث عن غرق السفن، بل وشكّلت تهديدًا لحياة أعداد كبيرة من الأشخاص. 

وفي السادس من تموز / يوليو تعرضت ناقلة الوقود  "إيكو ويزارد" الراسية في ميناء أوست لوغا إلى انفجار أدى إلى تسرب الأمونيا.

وأكد محافظ مقاطعة لينينغراد، ألكسندر دروزدينكو، حادثة تسرب مادة الأمونيا، لافتا إلى أن "الطقس الممطر والحاجز المائي الذي تم تركيبه في الوقت المناسب حالا دون انتشار المادة في الغلاف الجوي". وأضاف أن "تحقيقًا جارٍ حاليًا لمعرفة أسباب الحادث".

وذكرت الصحيفة أن هذا الحادث المروع ليس الأول من نوعه، حتى على الأراضي الروسية.  فقد كانت أولى الحوادث البارزة غرق سفينة شحن روسية في البحر المتوسط جنوب مدينة قرطاجنة بتاريخ 23 كانون الثاني/ديسمبر 2024، ويُرجح أن السبب كان ثلاثة انفجارات في غرفة المحركات.

وفي التاسع من شباط،/ فبراير سُجّل تسرّب لمادة المازوت من ناقلة النفط "كوالا"، التي ترفع علم أنتيغوا وبربودا، أثناء رسوّها في ميناء أوست لوغا. وكانت الناقلة قد وصلت من البحر المتوسط بعد توقف في مالطا، وقد تم توصيف الحادث على أنه "خلل تقني".

وفي 15 شباط/ فبراير  وقع انفجار ألحق أضرارًا جسيمة بناقلة النفط اليونانية "سي جول"، والتي ترفع أيضًا علم مالطا وتعود ملكيتها إلى شركة ثيناماريس نفسها، ووقع الحادث في ميناء سافونا فادو شمال إيطاليا.

وبعد عدة أيام، تعرّضت ناقلة المواد الكيميائية "غريس فيروم"، التي ترفع علم ليبيريا وتُشغلها الشركة القبرصية سيماري، لأضرار قبالة السواحل الليبية. وكانت السفينة قد غادرت ميناء أوست لوغا في مقاطعة لينينغراد بتاريخ 12 يناير/كانون الثاني، وتوقفت لاحقًا في مالطا.

وفي 26 آذار/ مارس اندلع انفجار أعقبه حريق على متن السفينة الروسية "كريستال آسيا" بالقرب من ميناء كامتشخون في كوريا الجنوبية، وأسفر الحادث عن إصابة عدد من أفراد الطاقم، وأدى إلى وفاة أحدهم.

وفي آذار/ مارس، أعدّت شركة إمبري، المتخصصة في الأمن البحري، تقريرًا حول الهجمات التي استهدفت ناقلات نفط كانت تدخل الموانئ الروسية. وبحسب تقديرات الشركة، فقد تعرضت ما لا يقل عن أربع ناقلات نفط وسفينة شحن واحدة لانفجارات يُرجّح أنها ناتجة عن ألغام بحرية.

ورجحت الصحيفة  إمكانية زرع هذه الألغام بواسطة غواصين على المسارات البحرية المؤدية إلى الموانئ أو الخارجة منها، مستغلين فترات توقف السفن أو تباطؤها أثناء الرسو أو الانجراف، مما يجعلها أهدافًا سهلة.

اظهار ألبوم ليست



وفي 30 حزيران /يونيو وقع انفجار عنيف على متن ناقلة النفط "فيلامورا" التابعة لشركة "تي إم إس تانكرز" لإدارة الناقلات اليونانية، وذلك أثناء وجودها في البحر المتوسط قبالة السواحل الليبية. وتُعد هذه الناقلة من السفن التي ترتاد الموانئ الروسية بانتظام، مثل ميناء أوست لوغا ونوفوروسيسك.

ونقلت الصحيفة عن "فينانشال تايمز" أن سلسلة هذه الحوادث قد تكون مرتبطة بأنشطة نفذتها أجهزة الاستخبارات الأوكرانية. ومع ذلك، من غير الضروري أن تكون أوكرانيا هي المسؤولة.

وفي كل الأحوال، يرى خبراء الصحيفة أن من يقف خلف هذه العمليات هم جهات تابعة لدول، وليس جماعات إرهابية. كما أن تفجير خطوط أنابيب "السيل الشمالي" لم يكن ممكنًا من قبل غواصين هواة.

ويُضاف إلى ذلك أن تنفيذ هذا النوع من العمليات لا يقع ضمن قدرات أي دولة، إذ يتطلب تجهيزات فنية متطورة، منها وسائل تخريب بحرية متخصصة وغواصين قتاليين ووسائل نقل بحرية مخصصة لهم، فضلًا عن استخدام مركبات غير مأهولة تحت الماء.

ووفقا للصحيفة فإن الدولة المعنية بحملات التخريب هذه تتمتع بحضور في البحر الأبيض المتوسط، وقد تكون لها علاقات خاصة مع مالطا، والقائمة المحتملة للدول التي تتمتع بهذه القدرات والموقع محدودة للغاية، وأبرزها بريطانيا.

وفي جوهرها، تمثل هذه الأحداث محاولة من دولة أو مجموعة دول لاستخدام وسائل تخريبية للحد من التجارة الخارجية الروسية. ورغم أن هذه الحرب التخريبية قد لا تؤدي إلى تأثير اقتصادي كبير في القريب العاجل، إلا أن احتمال وقوع كارثة محلية تؤدي إلى خسائر بشرية كبيرة قائم في أي وقت.

وفي حين لم تُصدر روسيا أي تصريحات رسمية بشأن الإجراءات المتخذة لمواجهة هذه العمليات التخريبية، لكن من المؤكد أن هناك تدابير تتخذ بالفعل في هذا الصدد.

وفي أيار/ مايو الماضي، أعلن وزير الدفاع الفنلندي أن ناقلات النفط التي تغادر الموانئ الروسية باتت الآن ترافقها سفن تابعة للبحرية الروسية. وفي أواخر يونيو/حزيران أكد محللون غربيون أن ناقلتين تنتميان لما يُعرف بـ"الأسطول الظل" عبرتا القنال الانجليزي "المانش" بشكل متزامن مع فرقاطة البحرية الروسية "بويكي". 

ولفتت الصحيفة إلى أن الأحداث الجارية تحيل إلى استخلاص ثلاثة استنتاجات على الأقل. أولاً، إن الإجراءات العقابية والاقتصادية الرامية إلى تعطيل تصدير المنتجات النفطية الروسية لم تحقق نتائج فعالة. فقد تمكنت روسيا من تجاوز العقوبات بنجاح وأعادت تنظيم صادرات النفط البحري. ولذلك، يتجه الغرب الآن إلى استخدام أساليب تخريبية.

وثانيا، يشير  إنكار الجميع الضلوع في هذه العمليات التخريبية إلى أن الغرب لا يرغب في مواجهة مفتوحة لأن المواجهة العلنية تحمل تداعيات خطيرة.

إلى جانب ذلك، تُشكل الحرب التخريبية غير المعلنة ضد الصادرات الروسية تحديًا خطيرًا يتطلب ردًا حاسمًا وفعّالًا. وخلافا لذلك، سوف تستمر هذه الهجمات ويترتب عنها تراجع عائدات التصدير، وبناء عليه، من الضروري تحديد المسؤولين عن هذه الأعمال ومحاسبتهم بشكل صارم.

وفي ختام التقرير، أشارت الصحيفة إلى إمكانية رد روسيا بطريقة سرية عن هذه الهجمات باستخدام وسائلها الخاصة.
التعليقات (0)