رغم إعلان
الحكومة البريطانية في أيلول / سبتمبر الماضي تعليق تصدير الأسلحة الهجومية إلى
الاحتلال الإسرائيلي، كشفت تحقيقات استقصائية جديدة عن استمرار تدفق شحنات عسكرية
من
بريطانيا إلى تل أبيب، في انتهاك صريح للتعهدات الرسمية ولقوانين التصدير
البريطانية المرتبطة بحقوق الإنسان.
وبحسب صحيفة
الغاريان البريطانية استند التحقيق، الذي أجرته جهات حقوقية دولية، من بينها
"حركة الشباب الفلسطيني" و"اليسار التقدمي الدولي"، إلى
بيانات جمركية إسرائيلية رسمية صادرة عن مصلحة الضرائب.
وكشف أن
المملكة المتحدة صدرت إلى إسرائيل منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وحتى نيسان / أبريل
2025 ما لا يقل عن 14 شحنة أسلحة، بينها شحنات جوية وصلت إلى مطار بن غوريون،
وأخرى بحرية إلى ميناء حيفا.
وضمت الشحنات
معدات عسكرية مصنفة بوضوح ضمن الاستخدامات الهجومية، بما في ذلك أكثر من 8600 قطعة
من الذخائر مثل القنابل والصواريخ والألغام، إلى جانب 146 قطعة مدرعة يُرجح
استخدامها في الدبابات والمركبات العسكرية الثقيلة.
اظهار أخبار متعلقة
وأشار التحقيق
إلى أن القيمة التقديرية لهذه الشحنات، تبلغ بحسب تصنيف الجمارك الإسرائيلي، نحو
نصف مليون جنيه إسترليني، وهو ما يتناقض تمامًا مع الإعلان البريطاني عن تعليق 29
ترخيصا لتصدير "معدات هجومية"، مع الإبقاء على 200 ترخيص آخر بدعوى أنها
تتعلق بمعدات "دفاعية" غير مرتبطة باستخدام الجيش الإسرائيلي في قطاع
غزة.
وتابع التحقيق
أن بريطانيا لم توقف فعليًا تصدير الأسلحة التي تُستخدم على الأرض في الحرب على
غزة، خاصة تلك المرتبطة بمكونات طائرات F-35 التي
تشارك بها مصانع بريطانية ضمن سلسلة التوريد الخاصة بشركة "لوكهيد
مارتن".
رغم تعهد
لندن بعدم تصدير أجزاء تستخدم مباشرة في الطائرات التي تنفذ ضربات في غزة، فإن
الثغرات في نظام التراخيص سمحت باستمرار هذه الصادرات، وهو ما يمثل خرقًا لتعهدات
رسمية سابقة أمام البرلمان والرأي العام.
وجاءت ردود
الفعل السياسية داخل بريطانيا سريعة وغاضبة، حيث طالبت النائبة العمالية زارة سلطانة
الحكومة بالكشف الفوري عن طبيعة هذه الشحنات، مؤكدة أن الحكومة "تزود إسرائيل
بأسلحة تقتل المدنيين في غزة، وتخدع الشعب حين تصفها بمعدات دفاعية".
واعتبر النائب
جون ماكدونيل، وزير مالية الظل السابق، أن ما كشفه التحقيق "يضع مصداقية وزير
الخارجية ديفيد لامي على المحك"، مضيفًا أن "تضليل البرلمان، إن ثبت،
يستوجب الاستقالة فورًا".
اظهار أخبار متعلقة
ويأتي توقيت
الكشف عن هذه الصادرات ليضع بريطانيا في موقف صعب، إذ تواجه إسرائيل اتهامات
متصاعدة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة، وسط تحذيرات متكررة من
الأمم المتحدة بأن ما يجري على الأرض قد يرقى إلى "إبادة جماعية".
وتتعالى
الأصوات داخل المؤسسات الحقوقية البريطانية والدولية للمطالبة بفرض حظر شامل على
تصدير السلاح لإسرائيل، وفتح تحقيق مستقل حول التورط البريطاني في دعم العمليات
العسكرية الإسرائيلية.