مدونات

وما زال الطوفان مستمرا ولن تتوقف آثاره

موسى زايد
"الكيان، رغم المجازر التي يقع إثمها على المتخاذلين والخونة فلن يستطيع الانتصار ولن يستطيع البقاء في غزة"- جيتي
"الكيان، رغم المجازر التي يقع إثمها على المتخاذلين والخونة فلن يستطيع الانتصار ولن يستطيع البقاء في غزة"- جيتي
لا ينبغي أن تجعلنا مجازر العدو في غزة نغفل عن مآلات الأمور، فالعدو ما أوغل في الدماء إلا بعد أن تحطمت معادلاته الأمنية والاستراتيجية، وبدأت عملية التشظي الداخلي حتى بات على أعتاب الحرب الأهلية. وهو على كل حال لن يحقق نصرا رغم التضحيات ورغم الخذلان بل والتآمر من المنافقين والعملاء. نعم نتألم للشهداء، ولكن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار.

وإذا انتقلنا إلى الجهة المقابلة في أقصى الغرب إلى أمريكا، فهل تعتقدون أن ما يجري ليس له علاقة بالطوفان؟ الذي أرقبه أن الطوفان هو سبب رئيس لما يحدث هناك، ولكن كيف؟ أصر بايدن على الحرب على غزة ورفض اعتراضات اليسار والشباب، فكانت غزة ولأول مرة في التاريخ هي السبب الخارجي الرئيس في هزيمة الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسي،ة وفقدانه الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب، بحيث بات عاجزا حتى عن الاعتراض على ترامب.

ترامب نفسه، يعلم أنه فاز رغما عن الكثيرين في حزبه الجمهوري، ولهذا يقود أمريكا بصفته الشخصية وبرجاله الذين يحيطون به، ويشيرون عليه بما يريد لا بما فيه مصلحة بلادهم، لسبب واحد أنه سيطيح بكل من يعارضه. معنى هذا أن الحزبين اللذين حكما أمريكا منذ نشأتها تقريبا، الآن خارج المعادلة وأمريكا تقاد برجل عجوز فاسد يلاحقه 34 اتهاما جنائيا بالرشوة والفساد والتهرب الضريبي، ولم ينج من الحبس إلا بنجاحه في الانتخابات. وكل هذا بسبب طوفان الأقصى.

ترامب دخل في حرب مع العالم كله ولن تكون نتيجتها في مصلحة بلاده، مما سيدفع لإعادة تشكيل المشهد الداخلي، ولربما يتراجع الحزبان الكبيران لتنشأ قوى جديدة لا تخضع للوبي الصهيوني بل ستكون معادية له. نفس التأثير سينتقل إلى أوروبا التي تشعر أنها مكشوفة أمنيا، بعد تراجع ترامب عن حمايتها ودخوله معها في حرب تجارية.

ولو عدنا للكيان، فرغم المجازر التي يقع إثمها على المتخاذلين والخونة، فلن يستطيع الانتصار ولن يستطيع البقاء في غزة؛ لأنه سيحتاج إلى أعداد من الجنود تفوق قدرته على التجنيد، في الوقت الذي يعاني منه من النقص ومن هرب جنود الاحتياط ورفض المتشددين لدخول الجيش. نتنياهو يدرك ذلك، ولكنه يقود المقتلة ليطيل عمر حكومته دون أن يستطيع أن يحقق أيا من أهدافه، ولن تعود عقارب الساعة إلى الوراء.
التعليقات (0)