شددت صحيفة "
واشنطن بوست" على أن الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب بحاجة للضغط على رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لو كان يريد حقّا وقف الحروب.
وقالت الصحيفة الأمريكية في افتتاحية ترجمتها "عربي21"؛ إن جلب السلام إلى قطاع
غزة وأوكرانيا أصعب مما زعم الرئيس الأمريكي.
وأضافت أن من السهل عادة أن تبدأ حربا والأصعب هو وقفها، وهي حقيقة يكتشفها ترامب وهو يحاول وقف القتال في غزة وأوكرانيا، وهما نزاعان معقدان وعد بحلهما سريعا عند توليه منصبه.
ولإحلال السلام فيهما، سيتعين على ترامب الضغط على زعيمين لم يتردد حتى الآن في انتقادهما علنا: نتنياهو وبوتين. ففي غزة، انهار فعليا اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ مع تولي ترامب منصبه، الذي نسب لنفسه الفضل في تحقيقه.
إظهار أخبار متعلقة
ومع وصول إسرائيل وحماس إلى طريق مسدود بشأن تمديد وقف إطلاق النار أو المضي قدما في محادثات المرحلة الثانية لإنهاء الصراع، استأنف نتنياهو قصفا شاملا للقطاع، واستشهد أكثر من 400
فلسطيني، وجرح مئات آخرون يوم الثلاثاء، وهو أحد أكثر أيام الحرب دموية.
أما في أوكرانيا، فلم تؤد مكالمة هاتفية استمرت ساعتين ونصفا بين ترامب وبوتين يوم الثلاثاء عن اختراق، بل اتفاق متواضع، وهو تعهد روسيا بعدم ضرب البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا لمدة 30 يوما. وبالمثل، وافقت أوكرانيا يوم الأربعاء، على وقف هجماتها ضد البنية التحتية للطاقة الروسية. ووافق بوتين على تبادل أسرى، ووعد بمحادثات مستقبلية تهدف إلى وقف الهجمات البحرية على البحر الأسود.
وفي إشارة إلى تقاربهما الجديد، اتفق ترامب وبوتين على إقامة بطولات هوكي في بلديهما.
جاء ذلك بعد أن وافق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي لم يكن طرفا في المحادثات، على وقف غير مشروط للقتال لمدة 30 يوما، وهو أمر لم يقبله بوتين، وفقا للصحيفة.
وقالت "واشنطن بوست"؛ إنه ومع ذلك، يظل اتفاق وقف استهداف بنى الطاقة مهم لموسكو وكييف؛ فقد أدت الصواريخ والقنابل الانزلاقية والطائرات المسيرة الروسية إلى تدهور مستمر لشبكة الكهرباء في أوكرانيا، وتكبد قطاع الطاقة الأوكراني خسائر بلغت 14.6 مليار دولار؛ جراء هجمات دمرت محطات الطاقة الكهرومائية والحرارية، وألحقت أضرارا بالعديد من محطات الكهرباء الفرعية ومنشآت النفط والغاز.
ورد الأوكرانيون باستهداف منشآت النفط والغاز داخل روسيا، مما عرقل آخر مصدر للموارد المالية، فقد واصلت موسكو تصدير الوقود الأحفوري، رغم العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وأوروبا. وفي الشهر الماضي حملت 356 ناقلة نفط بما فيها 167 "ناقلة ظل"، النفط الروسي الخام الذي ذهب في معظمه إلى الصين وتركيا والهند. ورغم العقوبات، لا تزال أوروبا أكبر مستورد للغاز الروسي والغاز الطبيعي المسال.
ولم يكن الاتفاق على وقف الهجمات ضد بنى الطاقة بمنزلة تنازل من بوتين بل شريان حياة. وبعبارات أخرى، وافق بوتين بالقدر الذي يظهره أنه مهتم بالسلام، ولكي يحصل على ما يريد دون أن يقدم الكثير في المقابل، فقد استأنفت روسيا ضرباتها على المدن الأوكرانية بعد انتهاء المكالمة. وتعلق الصحيفة أن بوتين متردد بالموافقة على وقف كامل للأعمال القتالية؛ لأنه يشعر بالجرأة من تحول ترامب الأخير نحو موسكو وتخليه عن حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، التي وقفت على الهامش في المحادثات لوقف الحرب. ويشعر بوتين بالثقة من أن القوات الروسية تحقق تقدما في ساحات المعارك.
وبمساعدة من الجنود الكوريين الجنوبيين، استطاع الجنود الروس استعادة السيطرة على معظم كورسك، في غرب روسيا التي هاجمتها أوكرانيا. وحاول الأوكرانيون السيطرة على مناطق روسية من أجل استخدامها كورقة مقايضة في أي محادثات سلام مستقبلية.
وبحسب الصحيفة، فإن بوتين يتعرض للضغوط من القوميين المتشددين الذين روجوا لدعم الحرب، مما يعني أن أي تنازل لأوكرانيا سيترك تداعياته بين أنصاره المتحمسين للحرب.
وبالمثل، يتردد نتنياهو بوقف الحرب على غزة، لشعوره بالتشجيع من ترامب ودعمه الكامل لأهداف الحرب الإسرائيلية، والثقة في أن المزيد من العمل العسكري قد يقضي على حماس المنهكة.
وقالت الصحيفة؛ إن لدى نتنياهو أيضا اعتبارات محلية: فقد حذر المتشددون في ائتلافه من أنهم سيتخلون عن حكومته إذا وافق على إنهاء الحرب بشكل دائم بينما لا تزال حماس تشكل تهديدا. لكنه وضع الأسرى الأحياء المتبقين في غزة الذين احتجزتهم في النسيان.
إظهار أخبار متعلقة
وأضافت أنه بعد عام من الهجمات الجوية المدمرة والعمليات البرية الإسرائيلية التي دمرت الكثير من البنية التحتية للأنفاق وترسانات الأسلحة لحماس، فإن الحركة حريصة على التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب تماما.
ويسعى نتنياهو وبوتين لتحقيق أقصى ما يمكن تحقيقه من الحرب؛ فنتنياهو لا يزال يعتقد أنه قادر على محو حماس، ولا يريد أي دور لقوات حفظ سلام دولية أو للسلطة في رام الله، واستمرار الوجود الإسرائيلي في غزة.
وبالنسبة لبوتين، فهو يريد تحييد أوكرانيا ونزع سلاحها دون قوات حفظ سلام أوروبية، ومنع انضمامها للناتو، واستمرار احتلال المناطق التي تسيطر عليها قواته في داخل أوكرانيا الآن.
وبحسب الصحيفة، فإن على ترامب أن يقرر، فقد هدد حماس وتنمر على أوكرانيا، فلو أراد أن يكون صانع سلام، فيجب الضغط على إسرائيل وروسيا لتقديم تنازلات.