نشرت صحيفة "
لوفيغارو" الفرنسية تقريراً سلطت فيه الضوء على تصاعد التوترات بين
باكستان وأفغانستان بعد أن أعلنت إسلام آباد ترحيل جميع اللاجئين الأفغان بحلول 31 آذار/ مارس الجاري.
وذكرت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21"، أنه وفي إطار ردود الفعل على التفجيرات التي تم التخطيط لها من
كابول عاصمة أفغانستان، تسارع إسلام آباد في تنفيذ عمليات ترحيل اللاجئين الأفغان، وذلك في محاولة للضغط على حركة
طالبان، حيث يتعين على جميع الأفغان مغادرة باكستان قبل انتهاء المهلة، وإلا سيتم ترحيلهم قسريًا.
وأوضحت الصحيفة بأن أكثر من 800 ألف شخص، بعضهم يعيش في البلاد منذ عقود، سيُجبرون على مغادرة البلاد. حيث تم نشر أمر الترحيل من قبل وزارة الداخلية الباكستانية في 7 آذار/مارس الجاري.
والاثنين الماضي، طلبت حركة طالبان من إسلام آباد منح تمديد الإقامة للمواطنين الأفغان وذلك على لسان المتحدث باسم وزارة اللاجئين الأفغان، الذي قال: "الطلب الذي نوجهه إلى باكستان هو أن تعيد النظر في قرارها، هذا القرار ليس في مصلحتهم ولا في مصلحتنا".
وبحسب الصحيفة، فقد بدأ تدفق اللاجئين الأفغان إلى باكستان بعد غزو الاتحاد السوفياتي في 1979، واستمر بعد الحرب الأهلية وسقوط كابول بيد طالبان في 2021. فيما نفذت باكستان أول عملية ترحيل جماعي عام 2023 شملت 842 ألف شخص، ومن المتوقع أن يكون الترحيل الثاني مماثلاً في شدته.
اظهار أخبار متعلقة
تدهور العلاقات
وذكر تقرير نشرته منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن عمليات الترحيل التي بدأت في عام 2023، امتدت لتشمل جميع أفراد المجتمع الأفغاني، حيث قامت الشرطة الباكستانية بمداهمة المنازل، وضرب المعتقلين، واعتقالهم بشكل غير قانوني، وصادرت أوراق اللاجئين وتصاريح الإقامة الخاصة بهم. كما تم اعتقال أطفال كانوا في طريقهم إلى المدرسة.
وبعد عودة طالبان إلى السلطة، عُزلت أفغانستان عن النظام المصرفي الدولي وفقدت معظم المساعدات الأجنبية.
علاقات باكستان مع طالبان
وتعتبر باكستان علاقتها مع طالبان في كابول أكثر تعقيدًا. فمنذ انسحاب القوات الأمريكية قبل أكثر من ثلاث سنوات، شهدت العلاقة بين إسلام آباد والنظام التابع للملا هبة الله أخوند زاده تدهورًا مستمرًا.
حيث يواصل نظام طالبان في أفغانستان السماح لحركة طالبان الباكستانية (TTP)، وهي مجموعة قريبة فكريًا من طالبان، بالهجوم على باكستان من الأراضي الأفغانية. وبالإضافة إلى ذلك، تشكل الجماعات المسلحة المتمردة في بلوشستان تهديدًا مستمرًا ضد باكستان من الأراضي الأفغانية.
وأشارت الصحيفة إلى أن السلطات الباكستانية تناوبت بين الحوار والأساليب القسرية لإقناع النظام الإسلامي بقمع حركة طالبان الباكستانية والحركات البلوشية. بينما كان المسؤولون الباكستانيون يقومون بزيارات متكررة إلى كابول، التي لعبت دور الوسيط بين إسلام آباد وطالبان في 2021 و2022، إلا أن تلك المحاولات باءت بالفشل.
اظهار أخبار متعلقة
العقوبات الاقتصادية
وفي خطوة لزيادة الضغط على طالبان، فرضت الحكومة الباكستانية عقوبات اقتصادية، منها زيادة الرسوم الجمركية على الواردات والصادرات الأفغانية، التي تمر عبر أراضي باكستان من ميناء كراتشي. وذلك بهدف تقليص إيرادات طالبان الجمركية.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أفادت غرفة التجارة والاستثمار الأفغانية بأن التجارة بين البلدين انخفضت بنسبة 60 إلى 75 بالمئة.
نوّهت الصحيفة إلى أن ترحيل المواطنين الأفغان يعتبر جزءًا من استراتيجية العقوبات الهادفة إلى تعميق الأزمة الاقتصادية التي تواجه أفغانستان في منطقة آسيا الوسطى.
وحسب تقرير "هيومن رايتس ووتش"، فإن عودة حركة طالبان إلى السلطة أدت إلى عزل أفغانستان عن النظام المصرفي الدولي، مما أدى إلى توقف معظم المساعدات الأجنبية المخصصة للتنمية. حيث أسهم هذا العزل في تدهور الاقتصاد الأفغاني، ودخل في حالة ركود قضت على عشرات الآلاف من الوظائف.
زيادة الهجمات والرد العسكري
وذكرت الصحيفة أن باكستان تعرضت لـ 521 هجومًا في عام 2024، مما أسفر عن مقتل 852 شخصًا وإصابة أكثر من ألف آخرين، وفقًا لإحصائيات معهد باكستان لدراسات السلام. وكان العدد الإجمالي للقتلى والتفجيرات قد تضاعف في السنوات الثلاث الأخيرة.
ومن أبرز هذه الهجمات كانت الهجمات التي نفذها مقاتلو "جيش تحرير بلوشستان" (ALB) في 12 و13 آذار/مارس الجاري، حيث قاموا بالهجوم على قطار بين كويته وبيشاور، مما أسفر عن احتجاز 346 رهينة.
اظهار أخبار متعلقة
اللعب على الحبلين
وبحسب الصحيفة؛ فإنه رغم تأكيد نظام طالبان عدم السماح لأي جماعة مسلحة بمهاجمة جيرانه من أراضيه، فإن الهجوم الأخير من قبل جيش تحرير بلوشستان "ALB" يبرز استعداد طالبان لتصعيد المواجهة مع إسلام آباد، وهو ما قد يؤدي إلى تصعيد أكبر.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أنه بينما تواصل طالبان ممارسة سياسة اللعب المزدوج على الساحة الدولية، يسعى قادتها إلى تعزيز مكانتهم في المجتمع الدولي من خلال مشاركتهم في المؤتمرات العالمية، مثل مؤتمر COP29 الذي عُقد العام الماضي.