طب وصحة

اكتشاف خلايا دماغية تعيد تشكيل فهمنا لكيفية عمل الذاكرة.. ما القصة؟

توجد الخلايا البيضاوية بأعداد صغيرة نسبيا داخل الحُصي- جيتي
توجد الخلايا البيضاوية بأعداد صغيرة نسبيا داخل الحُصي- جيتي
لو نظر الشخص حوله في المنزل فسيجد نفسه محاطا بأشياء مألوفة من صور العائلة والأصدقاء على الحائط، إلى أحذية رياضية مهترئة بجوار الباب، إلى رف مزين بتذكارات السفر.  

يتم نقش مثل هذه الأشياء في ذاكرتنا، وتشكل هويتنا وتساعدنا على التنقل في البيئات والحياة اليومية بسهولة. ولكن كيف تتشكل هذه الذكريات؟ وماذا لو تمكنا من منعها من الانزلاق بعيدا في ظل حالة مدمرة مثل مرض الزهايمر؟ 

بحسب تقرير نشره موقع "medicalxpress" وترجمته "عربي21"، فقد اكتشف العلماء في كلية الطب بجامعة كولومبيا البريطانية للتو جزءا مهما من اللغز.

اظهار أخبار متعلقة


في دراسة نُشرت في Nature Communications، اكتشف الباحثون نوعا جديدا من خلايا الدماغ التي تلعب دورا مركزيا في قدرتنا على تذكر الأشياء والتعرف عليها. 

تسمى "الخلايا البيضاوية"، تنشط هذه الخلايا العصبية المتخصصة للغاية في كل مرة نواجه فيها شيئا جديدا، ما يؤدي إلى إطلاق عملية تخزن هذه الأشياء في الذاكرة وتسمح لنا بالتعرف عليها بعد أشهر - وربما حتى سنوات - لاحقا.  

قال الدكتور مارك سيمبروفسكي، المؤلف المُشرف على الدراسة والأستاذ المشارك في العلوم الخلوية والفسيولوجية في جامعة كولومبيا البريطانية ومحقق في مركز جواد موفقيان لصحة الدماغ: "إن ذاكرة التعرف على الأشياء تشكل عنصرا أساسيا في هويتنا وكيفية تفاعلنا مع العالم". 

وأضاف أن "معرفة ما إذا كان الشيء مألوفا أو جديدا يمكن أن يحدد كل شيء من البقاء على قيد الحياة إلى الأداء اليومي، وله آثار ضخمة على الأمراض والاضطرابات المرتبطة بالذاكرة". 

توجد الخلايا البيضاوية، التي سميت بهذا الاسم بسبب شكلها المميز الذي يشبه البيضة، بأعداد صغيرة نسبيا داخل الحُصين لدى البشر والفئران والحيوانات الأخرى. 

واكتشفت أدريان كينمان، طالبة الدكتوراه في مختبر الدكتور سيمبروفسكي والمؤلفة الرئيسية للدراسة، الخصائص الفريدة للخلايا أثناء تحليل عينة من دماغ الفأر، عندما لاحظت مجموعة صغيرة من الخلايا العصبية ذات التعبير الجيني المميز للغاية. 

وقالت كينمان: "كانت الخلايا مختبئة هناك في العلن. وبمزيد من التحليل، وجدنا أنها مختلفة تماما عن الخلايا العصبية الأخرى على المستوى الخلوي والوظيفي، ومن حيث دوائرها العصبية". 

لفهم الدور الذي تلعبه الخلايا البيضاوية، قامت كينمان بالتلاعب بالخلايا في الفئران حتى تتوهج عندما تكون نشطة داخل الدماغ. ثم استخدم الفريق مجهرا صغيرا أحادي الفوتون لمراقبة الخلايا أثناء تفاعل الفئران مع بيئتها. 

أضاءت الخلايا البيضاوية عندما واجهت الفئران جسما غير مألوف، ولكن عندما اعتادت عليه، توقفت الخلايا عن الاستجابة. بعبارة أخرى، قامت الخلايا بوظائفها: تذكرت الفئران الآن الأشياء. 

وأوضح كينمان أن "الأمر المثير للدهشة هو مدى حيوية تفاعل هذه الخلايا عند تعرضها لشيء جديد. من النادر أن نشهد مثل هذا الارتباط الواضح بين نشاط الخلايا والسلوك. وفي الفئران، يمكن للخلايا أن تتذكر لقاء واحدا مع جسم ما لعدة أشهر، وهو مستوى غير عادي من الذاكرة المستدامة لهذه الحيوانات". 

يقوم الباحثون الآن بالتحقيق في الدور الذي تلعبه الخلايا البيضاوية في مجموعة من اضطرابات الدماغ. فرضية الفريق هي أنه عندما تصبح الخلايا غير منظمة، إما نشطة للغاية أو غير نشطة بما يكفي، فقد تكون مسؤولة عن أعراض حالات مثل مرض الزهايمر والصرع. 

وأشارت كينمان إلى أن "ذاكرة التعرف هي إحدى السمات المميزة لمرض الزهايمر - تنسى ما هي المفاتيح، أو صورة الشخص الذي تحبه. ماذا لو تمكنا من التلاعب بهذه الخلايا لمنع ذلك أو عكسه؟".
 

اظهار أخبار متعلقة


وأضافت أنه "مع الصرع، نرى أن الخلايا البيضاوية مفرطة الإثارة ويمكن أن تلعب دورا في بدء النوبات وانتشارها، ما يجعلها هدفا واعدا لعلاجات جديدة". 

بالنسبة للدكتور سيمبروفسكي، فإن اكتشاف الخلايا العصبية المتخصصة للغاية يقلب عقودا من التفكير التقليدي بأن الحُصين يحتوي على نوع واحد فقط من الخلايا التي تتحكم في جوانب متعددة من الذاكرة. 

وقال: "من منظور علم الأعصاب الأساسي، فإن هذا الاكتشاف يغير حقا فهمنا لكيفية عمل الذاكرة".  

وأضاف أنه "يفتح الباب أمام فكرة وجود أنواع أخرى غير مكتشفة من الخلايا العصبية داخل الدماغ، ولكل منها أدوار متخصصة في التعلم والذاكرة والإدراك. وهذا يخلق عالما من الاحتمالات التي من شأنها إعادة تشكيل كيفية تعاملنا مع صحة الدماغ وأمراضه وعلاجها".
التعليقات (0)

خبر عاجل