في خطوة تعكس العقلية الاستعمارية التي
لطالما حكمت سياسات القوى الكبرى تجاه القضية
الفلسطينية، أعلن الرئيس الأمريكي
دونالد
ترامب عن خطط تهدف إلى
تهجير الشعب الفلسطيني من أراضيه، وهو ما يعدّ جريمة
إنسانية تضاف إلى سلسلة طويلة من الانتهاكات والجرائم التي تعرض لها الفلسطينيون
منذ نكبة عام 1948.
الخطة تعتبر أخطر من نكبة عام 1948
كسياسة تطهير عرقي تحت غطاء الدبلوماسية، ولطالما سعت القوى الاستعمارية وعلى
راسها الولايات المتحدة الأمريكية إلى فرض حلول تصفوية للقضية الفلسطينية، متجاهلة
الحقوق التاريخية والقانونية للشعب الفلسطيني، إلا أن خطة ترامب الجديدة ليست سوى
امتداد للهيمنة الأمريكية على حق الشعب الفلسطيني، والتي تهدف إلى تصفية القضية
الفلسطينية من خلال الضغط الاقتصادي والسياسي من خلال عرقلة التوصل لاتفاق المرحلة
الثانية والثالثة للوصول إلى وقف الحرب وإعادة بناء قطاع
غزة، والتوصل لمسار سياسي
يقتضي بإقامة دولة فلسطينية.
لا تزال الإدارات الأمريكية خاصة في عهد ترامب، تتعامل مع القضية الفلسطينية بعقلية الانحياز المطلق لإسرائيل، متجاهلة القانون الدولي والقرارات الأممية التي ترفض أي تغيير ديموغرافي قسري في الأراضي المحتلة
التنمية العمرانية والانتعاش الاقتصادي من
منظور ترامب مفاده اقتلاع الفلسطينيون من جذورهم، وتدمير نسيجهم الاجتماعي،
وحرمانهم من حقوقهم الأساسية في تقرير المصير. هذا النهج يعيد إلى الأذهان النكبة
الأولى، حيث تم تهجير أكثر من 900 ألف فلسطيني قسرا، وهو السيناريو الذي يحاول
ترامب إعادته بأدوات جديدة.
انتهاك صارخ للقانون الدولي
ما أعلنه ترامب من خطط للتهجير القسري
يعد جريمة حرب وفقا للقانون الدولي، إذ ينص البند السابع من نظام روما الأساسي
للمحكمة الجنائية الدولية على أن النقل القسري للسكان يعدّ "جريمة ضد
الإنسانية"، وهذا ما نصت عليه كافة الاتفاقيات وأبرزها رفض اتفاقية جنيف
الرابعة على أي محاولات لترحيل السكان الأصليين قسرا أو إجبارهم على مغادرة
أراضيهم.
بالرغم من كل هذه القوانين، لا تزال
الإدارات الأمريكية خاصة في عهد ترامب، تتعامل مع القضية الفلسطينية بعقلية
الانحياز المطلق لإسرائيل، متجاهلة القانون الدولي والقرارات الأممية التي ترفض أي
تغيير ديموغرافي قسري في الأراضي المحتلة.
تواطؤ دولي وصحوة عربية
أخطر ما في هذه الخطط ليس فقط تنفيذها،
بل الصمت الدولي حيالها. المجتمع الدولي الذي يدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان يقف
عاجزا أمام هذا الانتهاك الفاضح، في حين أن بعض الدول العربية سارعت للتحرك من أجل
إفشال مخطط ترامب، بداية من النظام الأردني الحاسم والذي يرى في تنفيذ المخطط
بمنزلة إعلان حرب، وصولا للموقف المصري الذي يرى بأنه خطر على الأمن القومي المصري،
وكذلك الموقف السعودي الذي سارع في تصريحات مباشرة وموقف سريع من المملكة العربية
السعودية التي أعلنت رفض التطبيع وعدم الانخراط باتفاقيات مع إسرائيل على حساب
الحق الفلسطيني إلا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة،
ما يطرح اليوم من تهجير الشعب الفلسطيني ليس مجرد مشروع سياسي، بل هو مخطط استعماري يستهدف تصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي، لكن كما أفشلت الشعوب الحرة كل مشاريع الاستعمار عبر التاريخ، سيبقى الفلسطينيون صامدين على أرضهم
إلا أن غياب الموقف العربي الموحد
هو من سيمنح الاحتلال الإسرائيلي الغطاء لمواصلة سياساته العدوانية بدعم الإدارة
الأمريكية، فمنذ النكبة وحتى اليوم، لم تتوقف جرائم الاستيطان والتهجير، بل ازدادت
حدتها مع السياسات الأمريكية المنحازة.
ما هو المطلوب الآن؟
تحرك سياسي ودبلوماسي قوي من قبل الأنظمة
العربية وحشد كافة الطاقات الرسمية والشعبية وصولا لقطع العلاقات كاملة بقرار من
جامعة الدول العربية، من جانب آخر إنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي للتصدي لأخطر
قضية تهدد وجود الشعب الفلسطيني.
ولا بد من تحشيد الرأي العام العربي
والدولي ضد مخططات التهجير من خلال المظاهرات الشعبية لدعم صمود الفلسطينيين داخل
أراضيهم، وتعزيز المساعدات الاقتصادية التي تمنع تهجيرهم قسرا بسبب الضغوط
المعيشية، فالحق يُنتزع ولا يُوهب.
ما يطرح اليوم من تهجير الشعب الفلسطيني
ليس مجرد مشروع سياسي، بل هو مخطط استعماري يستهدف تصفية القضية الفلسطينية بشكل
نهائي، لكن كما أفشلت الشعوب الحرة كل مشاريع الاستعمار عبر التاريخ، سيبقى
الفلسطينيون صامدين على أرضهم، مدافعين عن حقهم في العيش بحرية وكرامة، فالاحتلال
زائل مهما طال الزمن، والتاريخ شاهد على أن الحق لا يموت ما دام وراءه من يدافع
عنه.