هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
إن الشرق الأوسط الذي نعرفه اليوم تكون قبل كل شيء بآليات عمل الرأسمالية الحديثة التي غزت المنطقة منذ بدايات القرن التاسع عشر، وشهدت منذ النصف الأول من القرن العشرين صراعًا بين حركات التحرر الوطني و القومي و القوى الإست8مارية الأوروبية . وكان الشكل الذي اكتسبته الدول والاقتصادات، بل الشكل الذي أخذته الإيديولوجيات الدينية والقومية أيضاً في الشرق الأوسط الحديث، يعكس هذا التفاعل والدور الذي اضطلعت به معاداة الامبريالية الغربية كان نفسه ذا وجهين، عاملاً على تحرير الشعوب من الاضطهاد الخارجي وعاملاً بدوره على شرعنة أشكال جديدة من الاضطهاد المحلي، تمثل في الدول التي حظيت بدعم من القوى الاستعمارية الأوروبية والإمبريالية الأمريكية.
إنه من نافلة القول أن نؤكد هنا بأنه مثلما أثبتنا بأن الإسلام لم ينتشر بالسيف في كل البلاد المغربية لأنه أتى محررا للسكان من قبضة الرومان، فكذلك الأمر بالنسبة لانتشار لسان القرآن مع دينه وكتابه المحفوظ في الصدور فبل السطور. ولو كان الأمر عكس ذلك لما زالت المسيحية واللا تينية من هذه البلاد وبقي الإسلام وحده راسخا في الواقع مع لسان القرآن إلى يومنا هذا في كل هذه البلدان رغم عودة وقوعها من جديد تحت سيطرة المسيحيين والإسبان والإيطاليين الذين لم يتركوا أثرا مقبولا من الشعب يذكر لهم خارج الإدارة الرسمية للاحتلال طوال سنوات وجوده.
تكشف دراسة علمية حديثة صادرة عن مركز الزيتونة للدراسات عن خلفيات الغليان الإسرائيلي تجاه البرنامج النووي الإيراني، مبيّنة أن سعي "إسرائيل" المحموم لإفشال أي اتفاق أمريكي–إيراني لا يضمن "تصفيراً كاملاً" لتخصيب اليورانيوم، ينبع من عقيدتها الأمنية القائمة على احتكار السلاح النووي في الشرق الأوسط، ومخاوفها من تحول إيران إلى قوة نووية تُهدد تفوّقها الاستراتيجي، في وقت تشير فيه التحركات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة، وعلى رأسها عملية "الأسد الصاعد"، إلى تصعيد قد يقود المنطقة إلى مواجهة مفتوحة تتجاوز حدود الحسابات السياسية التقليدية.
يقدّم رضوان السيد أطروحة فكرية فريدة تبحث عن توازن صعب بين الإيمان والمدنية، دون أن تسقط في فخ التقديس أو التغريب؛ فهو لا ينظر إلى العلمانية كأداة صراع ثقافي، بل كإطار توافقي لتنظيم التعدد وضمان العيش المشترك، منطلقًا من عمق الفقه السياسي الإسلامي، ومتسلّحًا بتجربة بيروت المجبولة بالتنوع والاحتراق، ليقترح تصورًا عربيًا ناضجًا للدولة المدنية، يتجاوز ثنائيات الصدام بين الدين والعصر، ويصوغ طريقًا ثالثًا يراهن على الشراكة لا الإقصاء، وعلى المواطنة لا الهيمنة.
ينطلق الكتاب من سؤال يبدو للوهلة الأولى بديهيًا إلا أنه في حقيقته جدير بالملاحظة والاهتمام بعمق، حيث يبحث الكاتبان وبعد مرور أكثر من سبعة عقود وبعد حروب استئصالية متواصلة ضد الشعب الفلسطيني بكل مكوناته وفي كل أماكن تواجده وبدعم غربي لا محدود بالمال والسلاح، حيث ومع كل ما سبق ظل الفلسطيني محافظًا على وجوده وكينونته وهويته الثقافية وتميزه وتمسكه بحقه في أرضه والعودة إلى وطنه وإزالة المشروع الصهيوني، الذي بدا وكأنه تجذر في بلده ولن يزول، كيف استطاع الفلسطيني أن يحافظ على بقائه ووجوده على الرغم من كل عوامل المحو والإزالة والشطب التي مارسها الاحتلال ضده عبر هذه السنوات الطويلة؟ يجيب الكاتبان عبر أبواب الكتاب الثلاثة.
لا يدري إلى أين سينهي هذا الوضع، هل سيبرز من القوى المعارضة أقلية خلاقة جديدة، تحمل مشاريع إبداعية جادة، تصنع تيارا شعبيا متأثرا برؤية المرجعيات الجديدة فيبزغ فجرها ونقيم دولة قوية من الداخل تقهر كل التهديدات الخارجية، أم أن الأقلية المسيطرة ستواصل جرنا إلى الأسفل في غفلة تامة من الأغلبية التابعة النائمة، فيكون انتحارنا داخليا، ونفكك دولتنا الوطنية بأيدينا، ونسقط بإرادتنا جميعا بين يدي القوى الخارجية.
يخوض الكتاب الذي بين أيدينا" إنشاء الأحكام بين أصول الفقه وعلم الكلام: فلسفة الكم الشرعي في التراث الإسلامي" لمؤلفه عمر فرحات في جزئية جد دقيقة، تركز على سؤالين اثنين: ما السبب الذي يجعلنا نلتمس من الوحي من الإلهي الهداية لأفعالنا؟ وكيف يكون ذلك منا؟ ويجعل من التراث الإسلامي، وبخاصة التراث الكلامي والأصولي، مادته الأساسية للإجابة عنهما، بحيث لا يقتصر الكتاب على القرن الخامس الهجري وإنما يتعداه حتى لواقعنا المعاصر.
كشفت دراسة علمية جديدة أصدرها مركز الزيتونة للدراسات أن انخراط "إسرائيل" في منظومة العولمة الدولية يشهد تراجعاً ملحوظاً منذ سنوات، تفاقم بعد طوفان الأقصى، في ظل تنامي العزلة الدبلوماسية والضغوط الدولية، بينما تسعى "إسرائيل" إلى تعويض هذا التآكل عبر بوابة التطبيع العربي، مستثمرة التحولات الإقليمية لامتصاص تداعيات الانهيار في مؤشرات العولمة السياسية والاقتصادية.
رغم الحضور الانتخابي المتكرر للحركات الإسلامية في المشهد السياسي، فإنّها سرعان ما تُستأصل بسهولة ودون صدى مجتمعي، وهو ما يكشف عمق أزمتها البنيوية، لا في غياب الديمقراطية أو المؤامرات الخارجية، بل في افتقادها لحزام مدني صلب يقيها الانكشاف السياسي، ويمنحها شرعية مجتمعية تتجاوز سند الصندوق. ففي غياب الترسّبات الثقافية والعمل النقابي، ظلت هذه الحركات خارج الدولة وخارج المجتمع في آن، عاجزة عن بناء توازن قوى حقيقي، ومستسلمة لعزلة مزدوجة غذّتها مرجعيات فقهية مترددة ونظرة مرتابة للعمل المدني، ما جعلها دائمًا فريسة سهلة لكل موجة قمع أو إقصاء.
يسعى نتنياهو ليكون المؤسس الثالث لإسرائيل، ويعمل بقوة مع حلفائه من اليمين المتطرف على تحقيق حلم إسرائيل الكبرى وبناء شرق أوسط جديد تكون إسرائيل هي القوة المهيمنة على شئونه. لذلك، فإن قراءة تفكيره السياسي أمر ضروري لفهم ما حدث في المنطقة منذ توليه رئاسة الوزراء أول مرة عام 1996، ولفهم حروبه الحالية، وتوقع خطواته المستقبلية.