طالبت منظمات حقوقية
وسياسيون ونشطاء وصحفيون
مصريون بالإفراج عن "رئيس ديوان رئيس
الجمهورية"، الأسبق خلال عام حكم الرئيس الراحل محمد مرسي،
السفير محمد رفاعة
الطهطاوي (75 عاما)، وذلك بعد مرور عامين على انتهاء جميع الأحكام الصادرة ضده،
وتعدي الحد الأقصى للحبس الاحتياطي.
وأشار أصحاب المبادرة
لتعرض الدبلوماسي المصري، لأشد أنواع الانتهاكات منذ
اعتقاله من مقر الحرس
الجمهوري 3 تموز/ يوليو 2013، وبينها حقه القانوني في إخلاء سبيله بعد قضاء 12
عاما في محبسه، داعين لإطلاق سراحه أسوة بالناشط علاء عبدالفتاح، الذي أفرج عنه
بقرار عفو رئاسي 22 أيلول/ سبتمبر الماضي، في ملف أثار جدلا محليا ودوليا.
إفراج فوري وتعويض
والجمعة الماضية،
تساءلت منظمة "هيومن رايتس إيجيبت": "لماذا لا يتم الإفراج عن
السفير رفاعة الطهطاوي، بعد مرور عامين على انتهاء محكوميته في القضايا الجائرة
التي سُجن بسببها؟".
وقالت: "ما أكد
تفاقم الانتهاكات الواقعة بحق الطهطاوي، رسالة منسوبة له أشار فيها إلى لجوئه
للإضراب عن الطعام"، مؤكدة أن ما يدعو للقلق ويؤكد عزلة الطهطاوي التامة،
طلبه بتشكيل لجنة تقصي حقائق لزيارة (قطاع 2 بسجن بدر 3)، بينها السفير شكري فؤاد
(توفي كانون الثاني/ يناير 2022) والناشط جورج إسحاق، (توفي حزيران/ يونيو 2023).
وطالبت المنظمة
بـ"الإفراج الفوري عن السفير رفاعة الطهطاوي، وتعويضه عما لحق به من أذى جراء
السجن دون أدلة، والإصرار على استمرار حبسه رغم انتهاء مدة محكوميته".
اعتقال غير آدمي
وطالبت الكاتبة
الصحفية إكرام يوسف، بالحرية للسفير رفاعة الطهطاوي، مؤكدة عبر صفحتها
بـ"فيسبوك"، أن هناك "فجر في الخصومة"، مشيرة إلى حبسه 10
سنوات، وتجاوز الحكم عليه بسنتين، إلى جانبه منع الزيارة عنه مدة 7 سنوات.
أيضا انضم الكاتب
الصحفي كارم يحيى، لحملة المطالبة بالحرية للطهطاوي، واصفا إياه
بـ"الدبلوماسي المحترم، المثقف"، مؤكدا أنه "معتقل في ظروف غير
آدمية منذ 2013".
وكانت "المبادرة
المصرية للحقوق الشخصية"، قد طالبت بإخلاء سبيل الطهطاوي، مؤكدة أن استمرار
احتجازه وحرمانه من الحد الأدنى من حقوقه، "جريمة تعريض مسن للخطر وفقا لنص
(المادة 24) من قانون رعاية حقوق المسنين رقم 19 لسنة 2024".
وتكرر المبادرة
المصرية مطالبتها بـ"إعادة النظر في ملف الحبس الاحتياطي على ذمة قضايا
أمن الدولة بشكل جاد بما يسمح بإخلاء سبيل أعداد أكبر، وغلق القضايا المفتوحة دون
ظهور دليل جاد يثبت الاتهامات الواردة بها منذ سنوات".
من القصر إلى
"العقرب" و"بدر 3"
رفاعة الطهطاوي،
مواليد (1949)، وأحد رموز ثورة كانون الثاني/ يناير 2011، وحفيد المفكر المصري
وأحد صناع نهضة مصر الحديثة الشيخ رفاعة الطهطاوي، وجدّه لأمه أول رئيس للجامعة
العربية عبدالرحمن عزام، وشغل منصب رئيس ديوان رئيس الجمهورية الأسبق 9 آب/ أغسطس
2012.
جرى اعتقاله مع الرئيس
الراحل مرسي، ورفض مغادرة القصر الرئاسي سالما، وظل لسنوات في سجن
"العقرب" شديد الحراسة، ويقبع حاليا في سجن "بدر3" سيء
السمعة، في ظل تجاهل تام لأوضاعه الصحية والحياتية، رغم مسيرة عمل وطني حافلة،
أهمها فترة عمله بالعاصمة الإيرانية طهران عقب "ثورة" عام 1979، ودوره
كسفير لمصر في بروكسل، وليبيا وغيرها.
في نيسان/ أبريل 2015،
حُكم الطهطاوي، بالحبس 3 سنوات، ثم قُدم للمحاكمة بالقضية المعروفة إعلاميا
بـ"التخابر مع حماس"، ليتم تبرئته في أيلول/ سبتمبر 2019، مع معاقبته
بالسجن 7 سنوات بتهم الانضمام لجماعة الإخوان، ليجري استبعاده من القضية الثالثة
وهي "أحداث الاتحادية"، بعدما قضى فترة من الحبس الاحتياطي على ذمتها.
منذ 8 تشرين الأول/
أكتوبر الماضي، أنهي الطهطاوي، مدة عامين قيد الاحتجاز وهما الحد الأقصى للحبس
الاحتياطي على ذمة القضية (1097 لسنة 2022) المنظورة بـ"جنايات بدر"،
لتصبح القضية الرابعة التي يجري وضع اسمه وبتهم الانضمام لجماعة إرهابية،
وتمويلها، رغم أنه محتجز لأكثر من 12 عاما.
أتم الطهطاوي، 10
سنوات حكم بها في القضايا الثلاثة التي وصفها حقوقيون بـ"المسيسة"، وكان
من المفترض إخلاء سبيله في آب/ أغسطس 2023، ما يشير وفق حقوقيين، إلى "إصرار
النظام الحاكم على استمرار حبسه والتنكيل به، والذي وصل حد منعه حقه في الزيارة
لـ7 سنوات و7 أشهر، حيث كانت الزيارة الأخيرة في 14 آذار/ مارس 2018.
فشلت جميع محاولات
أسرته القانونية لزيارته أو إخلاء سبيله، ما دفعه للمطالبة بتشكيل "لجنة تقصي
حقائق" حول تردي أحواله وأحوال المعتقلين المعيشية وحرمانهم حقوقهم الأساسية.
واتخاذه قرارا
بـ"الإضراب عن الطعام"، مع 58 معتقلا أغلبهم أعضاء وقيادات بجماعة
الإخوان المسلمين، ومن الفريق الرئاسي للرئيس مرسي، المعتقلين بـ(قطاع 2- سجن بدر
3)، سيء السمعة، الذي جرى نقلهم له من سجن "العقرب" شديد الحراسة،
بالقاهرة.
وفي يناير 2025، أحالت
محكمة "القضاء الإداري"، طعن أسرة الطهطاوي، على القرار السلبي بمنعه من
حقه في التواصل إلى "هيئة مفوضي الدولة"، والتي أصدرت رأيها الاستشاري
بعدم قبول الدعوى، ما يعني استمرار المسؤول المصري السابق في عزلته عن العالم.
وضع غامض ولا معلومات
مصدر مقرب من عائلة
الدبلوماسي المصري، وفي حديثه لـ"عربي21"، ثمن "تبني البعض دعوات
لإخلاء سبيله، خاصة في ظل معاناته التي كشفت عنها التسريبات من سجن بدر3".
وحول آخر ما وصل لهم
عن أوضاع السفير رفاعة الصحية والنفسية وموقفه القانوني، أعرب عن أسفه من أنه
"لا معلومات حول حالته الصحية وأوضاعه مع الإضراب عن الطعام"، مؤكدا أنه
"ليس لدينا أية معلومات سوى ما تقوله منظمات حقوقية".
وعن إمكانية استغلال
الإفراج عن الناشط علاء عبدالفتاح، الشهر الماضي، في إطلاق سراح الطهطاوي، في
تقديره رأى المصدر أنه "يصعب المقارنة بين حالة علاء عبدالفتاح، وحالة
السفير، من حيث الظروف المحيطة، ومن حيث نظر السلطة الحالية لكليهما".
وضع صحي خطير
وكانت شقيقة
الدبلوماسي المصري وعضو المجلس الرئاسي السابق، الدكتورة ماجدة رفاعة، قد أكدت في
آب/ أغسطس الماضي، نقله إلى المستشفى، بسبب تدهور حالته الصحية، إثر إضرابه عن
الطعام، "بعدما ضاقت بهم السبل، وتجاوزت الانتهاكات بحقوقهم حدود الصمت
والاحتمال".
وأوضحت في منشور عبر
"فيسبوك"، أن "مستوى السكر في الدم انخفض إلى 39 ملغم/دل"،
مشيرة إلى "بلوغ حجم التعنت بحقه مداه"، وملمحة إلى عدم "وجود
وسيلة للاطمئنان على وضعه الصحي، في ظل منع الزيارة عنه".
وأكدت أنه والمعتقلين،
"يدافعون عما يُبقي على الحد الأدنى من إنسانيتهم، والتي تكفلها القوانين
والمواثيق الدولية، كالحق في زيارة عائلاتهم، والرعاية الطبية المناسبة، ووقف
الحبس الانفرادي، والتواصل مع محاميهم، والمعاملة الكريمة، وتوفير ظروف إنسانية
لائقة في محبسهم".
مناشدة السفير
وفي 24 آب/ أغسطس
الماضي، نشر مركز "الشهاب لحقوق الإنسان"، مناشدة السفير الطهطاوي، التي
طالب فيها: "بتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية لزيارة قطاع (2) بسجن بدر (3)،
ترفع تقريرها إلى المفوضية السامية ومجلس حقوق الإنسان في جنيف".
وطالبت الرسالة
السياسي المصري محمد البرادعي، برئاسة اللجنة المقترحة، أو القاضي بمحكمة العدل
الدولية بلاهاي رئيس وزراء الأردن الأسبق عون الخصاونة، وعضوية السفير شكري فؤاد،
والناشط جورج إسحق، الذين توفيا في 2022 و2023 على التوالي، دون أن يعلم الطهطاوي.
مناشدات سابقة
وكان السفير معصوم
مرزق، قد كتب معددا نجاحات ومواقف الطهطاوي، داعما المطالب الداعية لنيله حريته،
فيما كتب يقول: "قلبي معك وأنت خلف القضبان، وقد صرنا شيخين اكتهلا، ونعاني
في البدن ضريبة جهد السنين من أجل الوطن".
أيضا، شارك السياسي
المصري حمدين صباحي، في حملة دعم الطهطاوي، وقال إن "ما يعانيه في محبسه، ومن
معه، ظلم بيّن لا يقبله إنسان سوى مهما كان الخلاف السياسي".
وأشاد الدبلوماسي
المصري، مصطفى الفقي، بالسفير رفاعة عبر فضائية "إم بي سي مصر"، حيث
وصفه بأنه: "من بين أفضل سفراء مصر، وأكثرهم كفاءة وحرفية، وأنه خبير رفيع
المستوى بالشأن الإيراني".
وقال السفير فوزي
العشماوي، إنه: "دبلوماسي رفيع الشأن علما وخلقا وأداء وسيرة عطرة، ونتمنى أن
تنتهي معاناته التي لم يكن يستحقها بكل تأكيد".
وقالت الصحفية مي
عزام: "ما يحدث مع السفير رفاعة، عار على النظام"، مؤكدة أن "تهمته
الحقيقية كانت وفائه لرئيس الجمهورية المرحوم محمد مرسي"، موضحة أنه
"كان عضوا محترما من أعضاء الدبلوماسية المصرية العريقة".
وأشادت الإعلامية
شهيرة أمين، والصحفي محمود سلطان، بالسفير رفاعة، مذكرين بمواقفه وقدارته
التفاوضية خلال عمله بوزارة الخارجية، وفي سفارات مصر بليبيا، ودوره كقائم بأعمال
لمصر في إيران.
إجراءات استثنائية
لتطبيق القانون
وفي حديثها
لـ"عربي21"، أعربت الحقوقية هبة حسن، عن أسفها أن "يصل الحال بنا
أن نطالب بإجراءات استثنائية لتطبيق القانون بإخلاء سبيل من أتموا عقوبتهم -على
الرغم من أنها بالأساس عقوبات ظالمة تمت وفق محاكمات تفتقر لأبسط قواعد العدالة
وحقوق الإنسان- فيطالب البعض بعفو رئاسي".
وقالت
لـ"عربي21": "النظام يصر على استكمال انتقامه من جميع فئات الشعب،
عبر اعتقالات خارج إطار القانون، ومحاكمات تفتقر للعدالة، وانتهاك لحقوق الإنسان
بالسجون، سواء بالتعذيب، والإهمال الطبي، ومنع الزيارة، ومنع الالتقاء بالمحامين،
مرورا بممارسات التدوير، وإعادة اعتقال من تم اعتقاله وإخلاء سبيله".
المدير التنفيذي
للتنسيقية المصرية لحقوق والحريات، أكدت أنها "ممارسات مستمرة منذ 12 عاما
وضحيتها رجال شرفاء؛ لم يكن لهم ذنب سوى ممارسة حقوقهم الدستورية بحرية في بلدهم،
ومنهم السفير رفاعة الطهطاوي، وغيره كثيرين".
وفي نهاية حديثها،
أعربت حسن، مجددا عن أسفها "أن يضطر أصحاب الحق لاستجداء عفو عن برئ، وللأسف
أن النظام لا يعطي العفو إلا بضغوط أو مساومات تضطره لذلك".
الفريق الرئاسي لمرسي
ومع الطهطاوي، تعرض
العشرات من أعضاء الفريق الرئاسي والمساعدين والمستشارين للرئيس الراحل محمد مرسي،
وأعضاء حكومة رئيس وزرائه هشام قنديل، للاعتقال والتوقيف إثر الانقلاب العسكري
الذي تزعمه قائد الجيش حينها ورئيس النظام الحالي عبدالفتاح السيسي، 3 تموز/ يوليو
2013.
وجهت للجميع اتهامات
بارتكاب العنف والتخابر والانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون، وغيرها من
اتهامات يصفها حقوقيون بـ"المسيسة"، في محاكمات "غابت عنها أدنى
معايير العدالة"، وفق وصف منظمات حقوقية، وصدرت بحق بعضهم أحكاما بالإعدام
والسجن المؤبد، ولمدد تصل لعقود.
ومنهم: مساعد رئيس
الجمهورية للشؤون الخارجية والتعاون الدولي عصام الحداد، الذي أيدت محكمة النقض في
تموز/ يوليو 2021، عليه حكما بـ10 سنوات بقضية "التخابر مع حماس"، فيما
يوضع حاليا رهن "الحبس الاحتياطي" بعد تدويره بقضية جديدة بتهمة "الانضمام
إلى جماعة محظورة وتمويلها".
وأيضا، مستشار رئيس
الجمهورية لشؤون المصريين بالخارج أيمن علي، المحكوم بذات الحكم في ذات القضية،
ويواجه ذات الانتهاكات مع سياسة "التدوير" بقضايا جديدة، و"الحبس
الاحتياطي" الذي وصل حده الأقصى بالمخالفة للقانون.
كذلك مدير مكتب رئيس
الجمهورية أحمد عبدالعاطي، المحكوم بالمؤبد في قضية "التخابر مع قطر"،
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، ألغت محكمة النقض حكم الإعدام الصادر بحقه في قضية
"التخابر مع حماس".
إلى جانب نائب رئيس
ديوان رئيس الجمهورية أسعد الشيخة، الذي يقضى 17 عاما مدة حبسه في قضيتي
"التخابر مع حماس"، و"أحداث الاتحادية".
وفي حين طالت الأحكام
المشدد أغلب محافظي مصر في عهد مرسي، يواجه وزير التموين باسم عودة، أحكاما بالسجن
تصل 65 عاما، ووزير الشباب أسامة ياسين السجن المؤبد، والإعدام "في قضية
رابعة".