صحافة دولية

كيف تمكن كوشنر من دفع ويتكوف لتحقيق صفقة غزة؟.. ترامب هدد باستخدام القوة

القناة 12 العبرية تكشف عن مغادرة كوشنر وويتكوف جلسة حكومة نتنياهو بسبب نقاش حاد مع بن غفير- مكتب نتنياهو
نشرت مجلة "بوليتيكو" تقريرا تناولت فيه الكيفية التي دفع فيها مبعوثي الرئيس دونالد ترامب الجهود الأخيرة لتوقيع اتفاقية وقف إطلاق النار في غز. وقالت إن محادثات وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وحماس تعثرت هذا الأسبوع حتى تدخل المبعوثان الأمريكيان ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر لإملاء تنازلات رئيسية.

ووفقا لثلاثة أشخاص مطلعين على الجهود الدبلوماسية ومسؤول في الإدارة، قال أحد المسؤولين إن "الأمور  كانت تسير ببطء شديد"، في الأيام الأخيرة. وأضاف:"لم يكن هناك استعداد للتنازل عن القضايا الرئيسية، وذكر الشخص، الذي طلب عدم الكشف عن هويته أن القضايا شملت مكان انسحاب القوات الإسرائيلية وآليات إطلاق سراح الأسرى وتبادل الأسرى، وكيفية تدفق المساعدات إلى قطاع غزة، ومن هم السجناء الفلسطينيون الذين ستفرج عنهم "إسرائيل".

وفي يوم الأربعاء، وصل ويتكوف وكوشنر، برفقة رئيس الوزراء القطري محمد عبد الرحمن آل ثاني، وقد عرضوا سلسلة من الشروط وضغطوا على الجانبين لقبولها بسرعة، وأضافت المجلة أن السرعة المذهلة التي تم بها التوصل إلى الاتفاق بعد انخراط ويتكوف وكوشنر بشكل مباشر، تعكس الضغط الشديد الذي شعرت به جميع الأطراف لإتمام صفقة بعد أسابيع من تصريح الرئيس دونالد ترامب بأنها "قريبة جدا".

استخدام القوة ضد الجانبين
ويوضح ذلك مدى تحول موقف إدارة ترامب من الصراع إلى استخدام القوة ضد الجانبين، بدءا من اجتماع ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي، والذي دفعه فيه إلى الاعتذار لقطر عن ضربة ضد مفاوضي حماس في الدوحة.

ووفقا لمصدر آخر مطلع على المحادثات، تضمنت شروط الإدارة الأمريكية مطلبا بأن تبدأ "إسرائيل" في سحب قواتها قبل إطلاق سراح أي أسير، وقال هذا الشخص إن هذه كانت مجرد واحدة من عدد من التنازلات التي ساعدت في إبرام الاتفاق. واستمرت المناقشات حتى المساء، لكن الاتفاق بدأ يتبلور وكانت الساعة حوالي الثانية والنصف من صباح يوم الخميس في مصر عندما أجرى ترامب مشاورات أخيرة مع مفاوضيه قبل أن يطلق منشوره على موقع "تروث سوشيال" معلنا انتهاء الصراع، وفقا لما ذكره مسؤولون أمريكيون كبار للصحافيين في إحاطة إعلامية.

وفي حين ساهم ويتكوف وكوشنر في ترسيخ الاتفاق، كان آخرون لاعبين مهمين في المفاوضات أيضا، بمن فيهم مسؤولون من مصر وتركيا، الذين ساعد نفوذهم العميق لدى حماس في تحريك الأمور، ومن المحتمل أن العديد من المشاركين كانوا ينتظرون وصول الممثلين الأمريكيين لإجراء اتصالات حاسمة، وتضيف المجلة أن الوتيرة السريعة للاختراق الذي تحقق مساء الأربعاء فاجأت العديد من المسؤولين المشاركين في المفاوضات، الذين اعتقدوا أن المناقشات قد تستمر حتى نهاية الأسبوع، وفقا للشخصين المطلعين على المحادثات.

المرحلة الأولى الهشة
وقال الشخص الأول المطلع على المحادثات: "كنا نتوقع أن نحتاج إلى خمسة أيام أخرى"،  وكانت الشروط التي وضعها ويتكوف وكوشنر، إذا سارت الأمور وفقا للخطة، ستؤدي إلى إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المتبقين ومئات الأسرى الفلسطينيين والانسحاب الأولي للقوات الإسرائيلية وزيادة إمدادات المساعدات إلى قطاع غزة، مما يخفف من وطأة عامين من الحرب التي عصفت بالمنطقة وأدت إلى مقتل الآلاف، لكن الكثير قد ينهار في الأيام القليلة المقبلة، في وقت تواصل فيه إدارة ترامب الضغط على عدة جبهات لضمان عدم حدوث ذلك.

وسافر كوشنر وويتكوف إلى القاهرة من شرم الشيخ لإطلاع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على الخطة والتأكيد على حاجتهما لمساعدته في تنفيذها، ومن هناك، توجها إلى إسرائيل لبدء المرحلة الأولى الهشة.

وقال المسؤولون الأمريكيون للصحافيين في الإحاطة الإعلامية بأن ويتكوف وكوشنر التقيا بمجلس الوزراء الإسرائيلي لمدة ساعة تقريبا في وقت متأخر من يوم الخميس، وشرحا لهم مزايا الصفقة وأسباب دعم الإدارة لها. ووافق مجلس الوزراء الإسرائيلي على صفقة إطلاق سراح الأسرى بعد ساعات قليلة. ورفض البيت الأبيض التعليق على المفاوضات وتقديم معلومات أخرى بخلاف المعلومات المقدمة في الإحاطة.

ومن المتوقع أن يتبع انسحاب القوات الإسرائيلية في غضون يوم من موافقة مجلس الوزراء، يليه إطلاق حماس سراح الأسرى الإسرائيليين المتبقين، بمن فيهم 20 يعتقد أنهم على قيد الحياة وجثث 28 ماتوا في الأسر. ووافقت إسرائيل على إطلاق سراح مئات السجناء الفلسطينيين، وستبدأ زيادة المساعدات في التدفق إلى قطاع غزة.

ومن المتوقع أن يزور ترامب "إسرائيل" يوم الأحد، حيث سيلقي كلمة أمام الكنيست، ويلتقي بعائلات الأسرى ويشهد إطلاق سراح بعض المحتجزين في غزة، وفقا لمسؤول إسرائيلي وآخر أمريكي، مع أن الخطط لا تزال في طور التغيّر. وسيبقى ويتكوف وكوشنر في "إسرائيل" خلال عطلة نهاية الأسبوع لضمان تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق.

وقال مسؤول أمريكي بارز "هناك الكثير من الطرق التي أن تتدهور فيها الأمور للأسوأ، لذلك نتابع التفاصيل عن كثب للتأكد من وفاء الجميع بالتزاماتهم ومناقشة أي سوء فهم والبت فيه بسرعة"، وفي حال اكتمال الإتفاق، فإن إطلاق سراح جميع الأسرى المتبقين يمثل نقطة تحول مهمة في عامين من الحرب، مما سيخلق مساحة أكبر للولايات المتحدة وشركائها العرب و"إسرائيل" للمناورة، ومع ذلك فهذه ليست سوى المرحلة الأولى من الخطة المكونة من 20 نقطة، ولا تزال العديد من الأسئلة دون إجابة، مثل ما إذا كانت حماس ستنزع سلاحها أو من سيدير غزة بعد انتهاء الحرب.

الأيام الصعبة قادمة
وقال روبرت غرينواي، المدير الأول لشؤون الشرق الأوسط في إدارة ترامب الأولى، والذي يعمل الآن في هيريتدج فاونديشن: "الأيام الصعبة هي تلك التي تلي يوم الاثنين"، كان غرينواي، الذي عمل مع كوشنر على اتفاقيات إبراهيم - التي طبّعت العلاقات بين إسرائيل والعديد من الدول العربية، يشير إلى اليوم الذي قال فيه ترامب إن حماس ستبدأ في إطلاق سراح الأسرى.

وسترسل واشنطن 200 جنديا إلى إسرائيل لتشكيل قوة مهام مشتركة للمساعدة في مراقبة وقف إطلاق النار والمساعدة في الشؤون اللوجستية والتنسيق، وفقا لمسؤول دفاعي أمريكي، مضيفا أنهم سيصلون خلال عطلة نهاية الأسبوع. وأبلغ المسؤولون الأمريكيون الصحافيين أنه من المتوقع انضمام أفراد من الجيش المصري والقطري والتركي والإماراتي إلى هذا الجهد.

وقال المسؤول الأمريكي الكبير في الإحاطة إن القوات الأمريكية لن تدخل غزة، وأن المفاوضات ستجرى خلال عطلة نهاية الأسبوع لتحديد مكان تمركزها، وقد تعهدت الدول العربية في المفاوضات لإسرائيل بدعم نزع أسلحة حماس، بينما ضمنت الولايات المتحدة لحماس، في حال إطلاق سراح جميع الأسرى، أن إسرائيل لن تستأنف الحرب.

نشر قوات يشكل تحديا كبيرا
وبعد إطلاق سراح الأسرى وتبادل الأسرى، تخطط الولايات المتحدة لبدء التفاوض على القضايا الأكثر تحديا مثل نزع سلاح حماس، وتشكيل حكومة تكنوقراط، وإعادة انتشار الجيش الإسرائيلي بالكامل، وتخطط قوة مهام القيادة المركزية الأمريكية للتواصل مع الجيش الإسرائيلي والمساعدة في بدء عملية تشكيل قوة أمنية دولية تشمل، كما قال المسؤولون قوات عربية ودولية تهدف في نهاية المطاف إلى استبدال الجيش الإسرائيلي في أجزاء من غزة.

وفي حين تقول الولايات المتحدة إنها حصلت على التزامات من دول إسلامية وعربية بالانضمام إلى هذه القوة، إلا أن نشرها فعليا سيشكل تحديا كبيرا. وقال مسؤول إسرائيلي، طلب عدم الكشف عن هويته لمناقشة الخطط التي لا تزال غير مؤكدة: "بينما ترامب موجود هنا على الأرض، سيكون هناك أمل متزايد في رؤية الأسرى الأحياء يطلق سراحهم".