صحافة دولية

آلاف المتظاهرين في لندن.. هل تقترب المملكة من تحولات أوروبية؟

حزب إصلاح المملكة المتحدة بزعامة نايجل فاراج يواصل تحقيق مكاسب انتخابية- جيتي
شهدت الأوضاع السياسية في المملكة المتحدة موجة متصاعدة من الاحتجاجات والخطابات المناهضة للهجرة، في ظل صيف اتسم باضطرابات داخلية وتوترات سياسية لافتة، حيث توافد عشرات الآلاف إلى شوارع لندن ومدن أخرى رافعين الأعلام الوطنية، فيما تحولت بعض التظاهرات إلى مواجهات مع قوات الشرطة.

وبحسب تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية الـ"بي بي سي" أبرز تلك التحركات كانت مسيرة "توحيد المملكة" التي نظمها ناشط اليمين المتطرف تومي روبنسون في 13 أيلول / سبتمبر، ووصفتها منظمة هوب نوت هيت المناهضة للعنصرية بأنها الأكبر من نوعها في تاريخ بريطانيا، حيث شارك نحو 150 ألف شخص، وسط شعارات تدعو لترحيل المهاجرين، وأعلام غطت الجسور والساحات.

ومن جانبه أدان رئيس الوزراء كير ستارمر أعمال العنف والخطابات التحريضية، قائلاً إن الحكومة "لن تسمح باختطاف عَلَم البلاد وتحويله إلى أداة للانقسام"، فيما حذر خبراء حسب التقرير من أن اليمين المتطرف لم يعد ظاهرة هامشية، بل بات لاعباً مؤثراً في الساحة السياسية.

عوامل سياسية واقتصادية

وأوضحت الباحثة من جامعة أكسفورد جوليا إبنر لـ"بي بي سي" أن أفكار اليمين المتطرف تتغلغل بشكل متزايد في النقاش العام البريطاني، مشيرة إلى أن روبنسون الذي كان قبل عقد شخصية على الهامش، أصبح اليوم قادراً على جذب شخصيات بارزة مثل إيلون ماسك، الذي أثار جدلاً بعد دعوته لحل البرلمان.

وأضاف التقرير أن مراقبون اشاروا إلى أن تنامي الخطاب المناهض للهجرة يعكس خليطاً من المخاوف الاقتصادية وفقدان الثقة في الأحزاب التقليدية، بجانب تصاعد الغضب من ملف طالبي اللجوء والفنادق المخصصة لإقامتهم، وبيانات حكومية حديثة كشفت أن أعداد طالبي اللجوء بلغت 111 ألف شخص خلال العام المنتهي في حزيران / يونيو 2025، بزيادة 14 بالمئة عن العام السابق.

صعود حزب "إصلاح المملكة المتحدة"
في السياق ذاته يواصل حزب إصلاح المملكة المتحدة بزعامة نايجل فاراج تحقيق مكاسب انتخابية لافتة، ففي انتخابات أيار / مايو المحلية، فاز الحزب بأغلبية كبيرة في مجلس مقاطعة ستافوردشاير، فيما أظهرت استطلاعات الرأي أنه يحظى بدعم 34 بالمئة من الناخبين، متقدماً على حزب العمال الحاكم.

ورغم سعي فاراج للنأي بحزبه عن تصنيف "اليمين المتطرف"، إلا أن مواقفه الصارمة من قضايا الهجرة جعلته جزءاً من النقاش الدائر حول تحولات الرأي العام في بريطانيا.

مخاطر وتحديات مستقبلية
وكشف التقرير أن خبراء السياسة يرون أن استمرار تصاعد هذا التيار قد يقود إلى تفاقم العنف السياسي وتآكل المؤسسات الديمقراطية، ويؤكد المحلل توني ترافرز من كلية لندن للاقتصاد أن مفتاح مواجهة المد اليميني قد يكون في معالجة الأزمة الاقتصادية، مشدداً على أن "غياب النمو وارتفاع الضغوط المعيشية يغذيان الشعور بالتهميش والغضب".

وقال ترافرز، "كانت الهجرة العامل الأساسي، مثل أي عامل آخر ساهم في صعود حزب (إصلاح المملكة المتحدة)"، لافتاً إلى أن استياء المواطنين من الأحزاب السياسية القائمة كان له تأثيره أيضاً.

أما إبنر فتدعو إلى إصلاح بيئة الإعلام الرقمي والحد من دور خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي في تضخيم الخطاب المتطرف، مؤكدة أن التصدي للفكر الشعبوي لا يكون فقط عبر ضبط الخطاب الرسمي، بل بفهم أعمق للدوافع الاجتماعية والاقتصادية التي تقف وراءه.