تحدثت في مقالي السابق عن: عودة الإخوان
غدا، وهو من باب التعجب ليس إلا، فأداء الإعلام السيساوي يشعرك بأن حدثا جللا
سيحدث غدا، وهو ما يهدد عرش السيسي، وكأن الإخوان عائدون للحكم غدا، هياج غير
طبيعي من الإعلام تجاه جماعة يزعم هذا الإعلام منذ سنوات، أن السيسي قد قضى عليهم
قضاء مبرما، ولا أمل في عودتهم.
ولأن
الذكرى المشؤومة على
مصر والربيع
العربي قد حلت، وهي ذكرى 30 يونيو، ذكرى
الانقلاب العسكري في مصر، فقد اجتهدت
أجهزة الإعلام السيساوية هذا العام، في حشد كم هائل من الضيوف الذين لا هم لهم سوى
الحديث عن مساوئ الإخوان، ولكن بعضهم راح يبدع في التملق للسيسي، فوضع سؤالا
غريبا، كجريدة الوطن المصرية، حيث وضعت سؤالا كانت تلك صيغته: بمناسبة 30 يونيو..
تفتكروا لو استمر عصر الإخوان كنا وصلنا لفين؟
لأن الذكرى المشؤومة على مصر والربيع العربي قد حلت، وهي ذكرى 30 يونيو، ذكرى الانقلاب العسكري في مصر، فقد اجتهدت أجهزة الإعلام السيساوية هذا العام، في حشد كم هائل من الضيوف الذين لا هم لهم سوى الحديث عن مساوئ الإخوان، ولكن بعضهم راح يبدع في التملق للسيسي، فوضع سؤالا غريبا، كجريدة الوطن المصرية، حيث وضعت سؤالا كانت تلك صيغته: بمناسبة 30 يونيو.. تفتكروا لو استمر عصر الإخوان كنا وصلنا لفين؟
بغض النظر عن الإجابات التي تنم عن خفة ظل
الشعب المصري، من بعض التعليقات التي تعبر عن واقع عاشه الناس، فمن الطرف التي
كتبت في التعليقات، أنه كانت فقرة رقص النساء أمام اللجان للسيسي ستنتهي. وآخر
علق: بأن كانت ثلاجة السيسي لن يكون فيها سوى الماء البارد، لكن التعليقات الجادة
والمعبرة عن حزن الشعب عن وقوعهم في تلك الخديعة بالنزول، كانت معبرة عن واقع مؤسف
لمصر، ودعنا نتخيل بعض المجالات التي لو استمر حكم الإخوان، أو حكم الثورة بوجه
عام، ماذا سيكون حال مصر؟
إن أول ما افتقده الناس من جراء النزول
للثلاثين من يونيو، هو حق النزول والتظاهر نفسه، فإن نظاما جاء بالتظاهر، كان أول
ما قام به هو منع التظاهر، في تطبيق عملي وحقيقي لمقولة السيسي التي اتهم بها
الإخوان باختطاف سلم الديمقراطية، فإذ به يبرهن عمليا على أن العسكر هم أساتذة
اختطاف الصناديق والسلم، وحجبه عن الشعب، بل إن أناسا نزلوا للتظاهر أمام منزل
الرئيس مرسي بالبرسيم، لم يعد يمكنهم الآن أن يأكلوا البرسيم نفسه، لعدم وجود
ثمنه، فضلا عن تظاهرهم به أمام أي زريبة يملكها العسكر أو الحكم!!
حتى التظاهر السلمي التام، لأجل فلسطين، لم
تعد الميادين، ولا النقابات، يمكنها القيام به، لن نقول المساعدات والعبور لغزة
للتضامن، كما كان يحدث من قبل، بل إن مجرد رفع علم فلسطين أصبح سببا للحبس دون
محاكمة، وخسرت القضية الفلسطينية أحد أهم الحواضر الإسلامية والعربية النابضة بكل
آلام وآمال فلسطين.
لو استمر حكم الإخوان، فكان على الغالب بعد
أول دورة رئاسية سينتهي، ولو امتد فلن يكون أكثر من فترة ثانية، ويربحها بصعوبة،
وهو ما نراه في دول ديمقراطية، حكمها إسلاميون، وتركيا خير نموذج، فرغم حكم
أردوغان وحزبه لتركيا ما يقرب من ربع قرن، لكنه إلى الآن، لم تستقر له أدوات
الحكم، ويظل طوال فترة حكمه في سباق مع الزمن، لبذل كل ما في وسعه لإقناع وإرضاء
الناخب التركي، لأن وجوده وذهابه مرهون بصندوق الانتخابات.
وقد جرب السياسيون أن يروا الإخوان يخسرون
بالصندوق، في أوج قوتهم الانتخابية والسياسية، فلم يخسر الإخوان انتخابات نقابات
ولا اتحادات طلابية في ظل حكم مبارك، بل خسروا عدة انتخابات دخلوها في ظل حكم
الدكتور محمد مرسي، فلم يكن يحلم جابر نصار أن يكون رئيسا لجامعة القاهرة في ظل
حكم مبارك، إلا لو رشحته الأجهزة الأمنية، لكنه في ظل حكم الإخوان ترشح، ونجح،
وبعد مجيء الانقلاب العسكري تحول كل مكان قنن بأن الوصول إليه بالانتخاب، أعاده
السيسي للتعيين، إما بالأمن الوطني، أو عن طريقه مباشرة، ابتداء من المعيد في
الجامعة، وانتهاء برئاسة الجامعة، وقس على ذلك كل المواقع صغرت أم كبرت.
غاب حق التظاهر، وأبسط الحقوق المدنية
والسياسية عن الجميع، وكان أول من عوقب بالحرمان من هذه الحقوق، هم أنفسهم من
نزلوا يحملون الضباط من العسكر والشرطة على أكتافهم، هاتفين بهم في ميادين الثورة
التي ثارت عليهم، ليعودوا بهم إلى الحكم، وزاد على ذلك أن البعض منهم ازداد كبرا
وغطرسة، فلا يريد أي نوع من الإقرار بالاعتراف بالخطأ، بل لا يزال يرمي الكرة في
ملعب الإخوان، وأن نار العسكر ولا جنة الإخوان!!
إن أول ما افتقده الناس من جراء النزول للثلاثين من يونيو، هو حق النزول والتظاهر نفسه، فإن نظاما جاء بالتظاهر، كان أول ما قام به هو منع التظاهر، في تطبيق عملي وحقيقي لمقولة السيسي التي اتهم بها الإخوان باختطاف سلم الديمقراطية، فإذ به يبرهن عمليا على أن العسكر هم أساتذة اختطاف الصناديق والسلم، وحجبه عن الشعب
الإجابة عن سؤال: ماذا لو استمر حكم
الإخوان، تحتاج لسلسلة مقالات، تعدد ما خسرته مصر على جميع المستويات، وهو ما قام
به مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ببيروت، في عمل استقرائي مقارن، في سلسلة
بعنوان: مصر بين عهدين.. مرسي والسيسي، على مستوى: التغيرات الدستورية
والانتخابية، والأحزاب والقوى السياسية، والأداء الاقتصادي، والأداء الأمني
والقضائي، والأداء الإعلامي، والسياسة الخارجية، وذلك حتى عام 2016 فقط، فما بالنا
لو اكتملت الدراسات حتى عامنا هذا؟!
هذا لو وقف النقاش والمقارنة والافتراض، عند
حدود مصر، فما بالنا لو رحنا نقارن ذلك بأوضاع الثورة المضادة، فقمنا بتخيل: ماذا
سيكون موقف الإمارات، أين ستكون لو ظل الإخوان في الحكم، ولم تنجح مشاريعهم
المساندة والمؤسسة للاستبداد في بلدان عديدة، مثل: مصر، والسودان، وليبيا، ودول
أخرى، ولو أكملنا الخط على المستوى الإقليمي والدولي.
ما قامت به جريدة الوطن، ومواقع أخرى تابعة
للسلطة في مصر، قلب السحر على الساحر، فكانوا متوقعين أن تنطلق التعليقات تصب جام
غضبها على فترة الإخوان، مشيدة بحكم السيسي، لكن ما حدث أن جل التعليقات جاءت
ناقمة، بل ساخرة من السيسي وحكمه، وما جره من ويلات ونكبات على الشعب والدولة،
وتقزيم حجم ومكانة مصر، جغرافيا وسياسيا، سواء على مستوى بيع الجزر، أو على مستوى
تراجع المكانة السياسية لمصر.
Essamt74@hotmail.com