اعتبر الأمين العام السابق للمؤتمر القومي
العربي، معن بشور، أن العدوان الصهيوني الأخير على
إيران ليس إلا "مقامرة
عسكرية فاشلة"، ستخرج منها
إسرائيل بخسائر استراتيجية كبرى، مؤكداً أن ما جرى
يعكس مأزقاً صهيونياً داخلياً وارتباكاً سياسياً لدى قادته، خصوصاً في ظل رد الفعل
الإيراني المنضبط والقوي في آنٍ واحد.
وفي تصريحات خاصة لـ
"عربي21"، قال
بشور إن "إسرائيل شنت عدوانها الغادر على إيران بدعم أمريكي استعماري كامل،
بعد عملية خداع استراتيجي مكشوف، جاءت عقب خمس جولات تفاوض بين واشنطن وطهران،
وعشية الجولة السادسة، لتضرب في العمق وتستهدف القادة والعلماء والمراكز الحيوية،
على أمل أن يتزامن ذلك مع اضطرابات داخلية إيرانية تؤدي إلى إسقاط النظام من
الداخل والخارج معاً".
لكنه شدد على أن "تلك الرهانات سقطت
سريعاً، فقد انتقلت طهران من الصبر الاستراتيجي إلى الدفاع، ثم إلى بدايات الرد
الهجومي الاستراتيجي، في وقت تكتمت فيه إسرائيل على حجم خسائرها، وبدأت تتلقى
الضربات من غزة إلى لبنان واليمن، ما شكل مشهداً معاكساً تماماً لما أرادته تل
أبيب".
وحول الأداء الإعلامي والسياسي العربي
والدولي، قال بشور: "رغم أن العديد
من الدول العربية والإسلامية أدانت العدوان منذ اليوم الأول، فإن الموقف لا يزال
دون المستوى المطلوب، فالمطلوب اليوم ليس فقط بيانات شجب، بل تحركات فاعلة تتضمن
مقاطعة شاملة للكيان الصهيوني، ووقف مسار التطبيع، والتحرك العاجل في الأمم
المتحدة من خلال الجمعية العامة لإصدار قرار يلزم بوقف العدوان، كما حصل إبان
الحرب الكورية أو العدوان الثلاثي على مصر".
وأكد بشور أن المعركة الحالية ليست منفصلة
عن مسار الصراع الأشمل، وقال: "إيران تُستهدف
اليوم كما استُهدفت مصر وسوريا والعراق ولبنان واليمن وليبيا من قبل، والهدف واحد:
إسكات صوت أي قوة تساند القضية الفلسطينية، وتفكيك أي محور يرفض الهيمنة
الصهيونية–الأمريكية".
ودعا بشور إلى عقد قمة عربية ـ إسلامية عاجلة
في القاهرة أو الرياض أو أنقرة، تتضمن "
مواقف صريحة وقرارات حاسمة ضد
إسرائيل، وأبرزها قطع العلاقات، وإعادة الاعتبار لخيار المقاومة، وبناء آليات
تنسيق ودعم شامل للمقاومة الفلسطينية والعربية والإسلامية".
وختم بشور تصريحاته بالقول: "قد تكون الحرب على
إيران في بدايتها، لكنها ستنتهي بلا شك بهزيمة المعتدي. ومن يريد أن يعرف اتجاه
الحرب، فليرَ مظاهرات طهران والمدن الإيرانية التي تتحدى القصف وتبشر بالنصر. هذه
لحظة فارقة، وعلى العرب والمسلمين وأحرار العالم أن يتحركوا قبل فوات الأوان".
ومنذ 13 يونيو/ حزيران تشن إسرائيل بدعم
أمريكي عدوانا على إيران استهدف منشآت نووية وقواعد صاروخية وقادة عسكريين وعلماء
نوويين، وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيرة باتجاه العمق
الإسرائيلي، في أكبر مواجهة مباشرة بين الجانبين.
ووفق آخر حصيلة أعلنتها إيران الاثنين،
أسفرت الضربات الإسرائيلية عن مقتل 224 شخصا وإصابة 1277، معظمهم مدنيون، فيما
أفادت منظمة "نشطاء حقوق الإنسان" (مقرها واشنطن) بأن عدد القتلى ارتفع
إلى نحو 639 شخصا، إضافة إلى أكثر من 1329 مصابا، حتى الخميس.
في المقابل، تشير أحدث التقديرات
الإسرائيلية نقلا عن وسائل إعلام عبرية بينها "القناة 12"، إلى مقتل 25،
بينما أعلنت تل أبيب ارتفاع حصيلة الجرحى الذين وصلوا المستشفيات إلى 2517، بينهم
21 بحالة خطيرة و103 متوسطة، وفق بيان وزارة الصحة.
لكن مراقبين قالوا إن الخسائر الإسرائيلية
أكثر من ذلك، في ظل الرقابة الصارمة التي تفرضها تل أبيب على نشر كل ما يتعلق
بمواقع سقوط الصواريخ الإيرانية أو نتائج ذلك، وهو ما يرشح الإحصائية للارتفاع.