صحافة دولية

تقرير: المشهد الليبي يظهر تراجع قوة الدبيبة.. الحديث عن حكمه أصبح بـ"صيغة الماضي"

المجلة أشارت إلى أن سكان طرابلس ضاقوا ذرعا وسئموا من حكم الدبيبة- الأناضول
سلط تقرير نشرته مجلة "إيكونوميست" تحت عنوان "أسوأ مؤتمر في العالم" الضوء على تطورات الأوضاع السياسية في ليبيا، مشيرة إلى تحول خطط الحكومة الليبية لـ"بناء دبي" على البحر المتوسط إلى "جحيم"، على حد قولها.  

وقالت المجلة في تقرير ترجمته "عربي21"، إن شعار "ليبيا تبني" وهو ما قدم على أنه أضخم مشروع  "إكسبو" بني أبدا في شمال أفريقيا واجتذب رجال أعمال من الصين وتركيا ومالطا، لكن مع وصولهم في 12 أيار/مايو، بدأت قذائف الهاون بالتساقط، فقد أطلق مسلحون على متن شاحنات مزودة برشاشات ثقيلة النار، وسيطروا على نصف العاصمة طرابلس.  

وتناثرت السيارات المحترقة في الشوارع وأغلقت المدارس والأسواق والبنوك أبوابها واقتحم مسلحون البنك المركزي. وسرق أحدهم الغزلان من حديقة حيوان طرابلس. وتراجعت بريطانيا بهدوء عن نصائحها المتعلقة بالسفر، والتي خففتها قبل شهر، وحذرت من جميع الرحلات إلى طرابلس وسارعت السفن في الميناء إلى المغادرة.  

ونقلت تركيا، الحليف الرئيسي للحكومة، مواطنيها جوا إلى شاطئ الأمان. 

وعلقت المجلة أن الجهود في طرابلس لإعادة ضبط عجلة الدولة بعد الإطاحة بمعمر القذافي في أثناء الربيع العربي عام 2011، تترنح مرة أخرى. فقد انكسر الجمود بين الحكومة المعترف بها دوليا في الغرب، بقيادة عبد الحميد الدبيبة، وخليفة حفتر، الرجل القوي الذي يحكم الشرق مع أبنائه. 

وأشارت المجلة إلى أن الصراع الذي كان كامنا خرج وتحول إلى أعمال عنف لم تشهدها ليبيا منذ خمسة أعوام.  

وعلى الرغم من الاعتراف الدولي به، كان الدبيبة دائما الأضعف، فعلى عكس آل حفتر، الذي كان مقاولا، وليس أمير حرب، تعتمد سلطة الدبيبة على تحالف غير مستقر من الميليشيات.  

وعندما أصبحت أكثر اضطرابا تحداها، محققا بعض النجاح الأولي عليها، إلا أن جوهر النزاع يدور حول المال، حسب التقرير. 

وقالت المجلة إن الدبيبة وعائلته أفرغوا خزينة دولة كان يجب أن تكون من أغنى دول أفريقيا. فعندما تراجعت الأموال التي يدفعها للميليشيات أبدت هذه تمردا متزايدا وحاولت البحث عن مصادر دعم بديلة، مثل اختطاف رؤساء الشركات الكبيرة والاحتفاظ بهم كرهائن. 

وعندما خشي الدبيبة أن حكمه أصبح عرضة للتهديد، دعا حرسه عبد الغني الككلي، أهم قائد ميليشيا وأقواهم لحضور لقاء في 12 أيار/مايو وقتلوه، ثم انتقلوا لمواجهة وتحييد أكبر ميليشيا تعرف باسم قوات الردع الخاصة، وهي جماعة سلفية تسيطر على مطار طرابلس الرئيسي والأحياء المحيطة به، لكنها قاتلت حتى سيطرت على نصف العاصمة، وفقا للتقرير.

وتعلق المجلة أن "سكان طرابلس ضاقوا ذرعا وسئموا زعيما أفسد جشعه الوعد ببناء دبي على البحر الأبيض المتوسط. وتعبوا من انتظار الانتخابات، الموعودة منذ عشرة أشهر بعد أن عينته الأمم المتحدة رئيس حكومة مؤقتة في شباط /فبراير عام 2021".   

وتقول المجلة إن الكثيرين يرون في الدبيبة واحدا من "الفلول"، أو فلول نظام القذافي. وبعد وقف إطلاق النار الذي رحّبت به الأمم المتحدة في 14 أيار/مايو، تدفق آلاف المتظاهرين إلى الشوارع، مرددين نفس الشعارات التي رفعوها مرارا ضد القذافي عام 2011: "إسقاط النظام وإجراء انتخابات وإعادة توحيد الشرق والغرب". 

وفي الوقت نفسه يراقب آل حفتر، وفق المجلة، الأمور ويقيمون الوضع وإن كانوا يستطيعون استغلال السخط في الغرب. فهم يسيطرون على برلمان الشرق وحقول النفط ونسبة 80% من البلاد. وقد فشل حصارهم الدموي في عام 2020 لطرابلس، لكنهم قاموا منذ ذلك الوقت باستمالة حلفائهم على أمل العودة. 

ولفتت المجلة إلى أن أنصارهم في الزاوية والزنتان يتحركون. وهناك تقارير عن تحركات في سرت وسط البلاد وغدامس قرب الحدود مع الجزائر، وربما من أجل حرف نظر الجماعات التي وقفت مع الدبيبة.  

وفي جلسة عقدها برلمان الشرق في 19 أيار/مايو ببنغازي، ثاني مدن ليبيا ومعقل حفتر أعلن الحاضرون عن عدم "شرعية" حكم الدبيبة واقترحوا استبداله. وقام عدد من وزراء الدبيبة الذين خافوا من اقتراب ساعة الحساب بالاستقالة من مناصبهم. 

ويقال إن رئيس الوزراء الليبي أرسل عائلته إلى لندن، لكنه متمسك بالسلطة، على حد قول المجلة. وفي محاولة يائسة للظهور بمظهر المسيطر، استدعى أتباعه من مسقط رأسه مصراتة لتأمين الشوارع. 

وأشار التقرير إلى أنهم أطلقوا النار على المتظاهرين. ومع بقاء مطار العاصمة الرئيسي تحت سيطرة الردع، أعاد فتح مطار طرابلس الدولي المعطل لأول مرة منذ سنوات.  

وتعهد بتحويل ثكنات الككلي في طرابلس إلى منتزه وتطهير العاصمة من ميليشياتها المتبقية، أو كما يسميهم "المبتزين والمجرمين" و"سمك القرش". لكن بدونهم، قد يزداد نفوذه هشاشة.  

وقد بدأ الليبيون والدبلوماسيون الأجانب يتحدثون عن حكمه بصيغة الماضي، ومع إعادة فتح المطار، فعلى الأقل لديه فرصة للنجاة، حسب تعبير المجلة.