نشرت صحيفة "
ذا نيشن" الأمريكية تقريرًا
تحدثت فيه عن خطة إدارة
ترامب لترحيل مهاجرين من جنسيات آسيوية، مثل فيتنام ولاوس
والفلبين، إلى
ليبيا عبر
رحلات عسكرية، رغم عدم وجود اتفاق رسمي مع أي من
الحكومتين الموجودتين في ليبيا أو الجماعات المسيطرة هناك.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن مسؤولين في إدارة ترامب أفادوا، في وقت سابق من هذا الأسبوع، بأنهم
يجهزون رحلة عسكرية، محمّلة بالمهاجرين، لإرسالهم إلى ليبيا. وقد أُثيرت تساؤلات
حول هوية المرحّلين، لكن الحكومة لم تكشف عنها. وأوضح محامو الهجرة لاحقًا أن من
سيرسلون إلى ليبيا ينحدرون من فيتنام ولاوس والفلبين ودول أخرى.
وأفادت الصحيفة بأن هناك حكومتين متنافستين في ليبيا
وعدد كبير من الجماعات التي لديها أيضًا ذرائع سياسية وتسيطر على نسبة كبيرة من
أراضي البلاد. وقد تبيّن سريعًا أنه لم توافق أي سلطة ليبية شرعية على خطة
الترحيل؛ حيث أنكرت الحكومتان، المعترف بها أمميًا في الغرب وحكومة حفتر في الشرق،
وجود أي اتفاق مع الولايات المتحدة لاستضافة
المهاجرين المرحّلين، كما نفت جماعات
كبرى موافقتها على الصفقة.
وأوضحت الصحيفة أن القضية ستصبح موضع خلاف كبير،
سواء وافق أحد في ليبيا على الرحلات العسكرية أم لا، كما حدث مع ترحيل المهاجرين
إلى مركز إيواء المهاجرين في السلفادور. وقد تكون أكثر حساسية، نظرًا لسجل ليبيا
السيئ في حقوق الإنسان وظروف الاحتجاز المميتة التي يواجهها المهاجرون هناك.
ولن تكون أمريكا أول دولة تُرحل مهاجرين إلى ليبيا، إذ دأب الاتحاد الأوروبي على تمويل اعتراض المهاجرين خلال محاولتهم عبور البحر المتوسط نحو أوروبا. وقد وثّقت منظمات حقوقية انتهاكات واسعة في مراكز احتجازهم، شملت التعذيب والاغتصاب والإعدامات، وبيع بعضهم كعبيد.
وفي سنة 2023، أكدت بعثة أممية لتقصي الحقائق في
ليبيا وجود أدلة موثوقة على جرائم ضد الإنسانية واسعة النطاق، وشملت التعذيب
والإتجار بالبشر والإعدام وتجنيد الأطفال والعنف الجنسي والقيود المفروضة على حقوق
العمال في تكوين النقابات. وفي سنة 2017، أظهرت لقطات مصورة بيع مهاجرين أفارقة
بالمزاد العلني في أسواق عبيد مفتوحة بسعر يقارب 400 دولار للفرد.
وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأمريكية
لاحظت في السنة الماضية الظروف "المهددة للحياة" في السجون الليبية. وقد
وثّقت كل من منظمة العفو الدولية وأطباء بلا حدود الظروف المروعة في السجون ومراكز
احتجاز المهاجرين في هذا البلد الذي مزقته الحرب.
واستبعدت وجود أي سبب قانوني لترحيل المهاجرين في
الولايات المتحدة إلى ليبيا. ويعتقد الخبراء القانونيون أنه سيخالف اتفاقية مناهضة
التعذيب واتفاقية اللاجئين، موضحة أن المبررات الوحيدة المحتملة هي تدمير حياة من
تجرأ على طلب اللجوء إلى أمريكا وزرع الخوف بين الذين يفكرون في الهجرة إليها. وهو
ما يتشابه مع عمليات الترحيل إلى سيكوت في السلفادور، واقتراحات ترحيل المهاجرين
إلى رواندا، والشائعات حول محاولات الضغط على أوكرانيا لقبول رحلات المهاجرين إلى
أمريكا.
وذكرت الصحيفة أن الرسالة التي يوجهها ترامب وستيفن
ميلر للمهاجرين أكثر قتامة بكثير، وهي: إذا دخلت الولايات المتحدة بدون تأشيرة
صالحة لمحاولة طلب اللجوء، أو تجاوزت مدة تأشيرتك، ستُرحل كأسير إلى أخطر البلدان،
بغض النظر عن القوانين الدولية والمحلية. وهذه السياسة تمثل تجسيدًا للسادية،
وتنتهك حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء، وتدعم فكرة بناء "معسكرات أرخبيل"
السوفيتية للمهاجرين غير الشرعيين في دول متعددة.
ولفتت إلى أن قاضٍ في ماساتشوستس علق مؤقتًا خطة
الحكومة بخصوص ليبيا يوم الأربعاء. ولكن إدارة ترامب الثانية عازمة على ترحيل
المهاجرين إلى أماكن تهدد حياتهم، وستسعى لإيجاد طرق للقيام بذلك سواء بوجود
المحاكم أو بدونها.
وفي عهد ترامب الأول، كانت الكراهية والحلول أكثر
عشوائية، مثل دعوته لإطلاق النار على أرجل المهاجرين أو ملء نهر ريو غراندي
بالتماسيح لردعهم. ولكن هذه المقترحات المروعة لم تُنفذ. أما الآن، أصبح التطرف
أكثر انتشارًا وتنظيمًا، فقد خصصت الإدارة الكثير من جهدها لشيطنة المهاجرين وتبحث
عن فظائع جديدة ضدهم والتي تتصدر عناوين الأخبار.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن هذه ليست
حكومة تمثل الشعب أو تعمل من أجله، بل هي هيكل قائم على إظهار القسوة علنًا، وهو
ما كان جليًا في الماضي.