سياسة دولية

NYT: لماذا قررت أمريكا إلغاء مكتب الشؤون الفلسطينية في سفارتها بـ"إسرائيل"؟

طلب من معظم الدبلوماسيين في المكتب التوقف عن إرسال البرقيات- الأناضول
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تقريرا، أعدّه أدم راسغون، وناتان أودينهايمر، وإدوارد وونغ، نقلوا فيه عن مسؤولين، قولهم إنّ: "السفير الأمريكي الجديد في إسرائيل، مايك هاكابي، يخطط لإغلاق خطوط التواصل المباشر بين الدبلوماسيين الأمريكيين في سفارة أمريكا بالقدس العاملين في الشؤون الفلسطينية، مع  وزارة الخارجية ووكالات الحكومة الأمريكية". 

وبحسب التقرير الذي ترجمته "عربي21" فإنّه: "في السنوات الأخيرة، كان لمكتب داخل السفارة الأمريكية بإسرائيل، خط اتصال مباشر مع واشنطن، حيث كان المقصود الإشارة إلى أن الولايات المتحدة ترى أن القضايا الفلسطينية مهمة، وتعتبر الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة منفصلتين عن إسرائيل". 

وتابع: "إلا أن السفير الجديد، هاكابي، قرّر إغلاق هذه القناة المباشرة، وذلك نقلا عن مسؤولين أمريكيين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم. ومن شأن هذا القرار أن ينهي فعليا الوضع الخاص لمكتب الشؤون الفلسطينية بالسفارة، والذي كان يرسل البرقيات لواشنطن دون الحاجة للحصول على موافقة أولية من مسؤولي السفارة البارزين".

وأبرز: "كانت البرقيات التي تصدر من المكتب تذهب للوكالات الأمريكية العاملة في مجال السياسة الخارجية والأمن القومي. وكان المكتب يعمل من مبنى القنصلية القديم بالقدس وليس السفارة، وهو مسؤول عن التواصل مع كبار المسؤولين الفلسطينيين وتقديم التقارير حول القضايا الفلسطينية". 

"تعد هذه الخطوة واحدة من أهم القرارات التي اتخذها هاكابي منذ وصوله لإسرائيل في نيسان/ أبريل الماضي. وقال المسؤولون إن القائمة بأعمال رئيس مكتب الشؤون الفلسطينية في السفارة، لورديس لاميلا، علمت في الفترة الأخيرة بقرار هاكابي الذي استشار وزير الخارجية ماركو روبيو قبل اتخاذ القرار" وفقا للتقرير نفسه. 

وأضاف: "بعد أن طُلب من وزارة الخارجية التعليق على هذه المقالة، صباح الثلاثاء، قالت المتحدثة باسم الوزارة، تامي بروس، في مؤتمر صحافي بعد الظهر إنّ: روبيو قرّر دمج مسؤوليات مكتب الشؤون الفلسطينية بشكل كامل في السفارة". 

وتابعت بروس، بأنّ: "هاكابي سيشرف على عملية الاندماج في الأسابيع المقبلة". وأضافت أن "التغيير في عمل المكتب لا يعكس أي جهود للتواصل أو الالتزام بالتواصل مع الضفة الغربية أو غزة". 

ومضى التقرير بالقول: "ظل الرؤساء الأمريكيون، جمهوريون أم ديمقراطيون، ولعقود طويلة، يرسلون سفراءهم لتل أبيب نظرا لعدم اعتراف الولايات المتحدة رسميا بالقدس كعاصمة لإسرائيل. وكان لدى الخارجية قنصلية في القدس الشرقية، والتي تعود إلى التمثيل الأمريكي منذ العهد العثماني".

وأوضح: "إلا أن ترامب قرّر في ولايته الأولى نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، واعترف بالقدس كعاصمة، وأغلق عمليات القنصلية، حيث ضمت الشؤون الفلسطينية ضمن عمل السفارة الجديدة. وأعيدت تسمية القسم باسم: وحدة الشؤون الفلسطينية؛ على الرغم من بقائه في المبنى القديم". 

واسترسل: "ظل الموقف الأمريكي من تسوية النزاع قائما على حل الدولتين. ومع أن إدارة جو بايدن لم تعد تفعيل عمل القنصلية، إلا أنها قررت تغيير اسم وحدة الشؤون الفلسطينية إلى مكتب الشؤون الفلسطينية في عام 2022، وأعادت عملية التواصل المباشر مع واشنطن". 

وأورد: "تمتع مدير المكتب بسلطة الموافقة على البرقيات الدبلوماسية التي يعدها الموظفون وإرسالها إلى الولايات المتحدة، دون الحصول على موافقة من كبار المسؤولين في السفارة الذين كانوا يوافقون على حركة البرقيات الأخرى". 

واستدرك: "كان الدبلوماسيون الذين عملوا في ذلك المكتب حريصين على ضبط اللغة، والمواضيع التي يدرجونها في البرقيات، لأنهم لم يكونوا يريدون أن يقوم كبار المسؤولين بإلغاء سلطة استخدام تلك القناة المباشرة".

وقال الدبلوماسي الذي عمل على قضايا غزة في مكتب الشؤون الفلسطينية من عام 2021 حتى استقالته العام الماضي، مايك كيسي: "بينما استخدمنا السلطة المنفصلة للإبلاغ عن القضايا الرئيسية، كان علينا أن نكون حذرين في كيفية صياغتها لتجنب فقدان استقلالنا". فيما زادت الحساسية السياسية للبرقيات بين السفارة في دولة الاحتلال الإسرائيلي وواشنطن منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023. 

وقال كيسي إنه طلب من معظم الدبلوماسيين في المكتب التوقف عن إرسال البرقيات، إلا في حالة التحديث اليومي، ومع ذلك حافظ مكتب الشؤون الفلسطينية على استقلاليته وظل الدبلوماسيون فيه يكتبون ويرسلون البرقيات. 

إلى ذلك، ذكرت الصحيفة أنّ: "هاكابي أخبر في الفترة الأخيرة، موظفي السفارة أنه يريد الاجتماع مع المسؤولين الفلسطينيين في رام الله. وهي مهمة عادة ما تقع على عاتق مدير مكتب الشؤون الفلسطينية، حسب قول المسؤولين". 

"عادة ما لا يلتقي السفراء الأمريكيون في إسرائيل القيادة الفلسطينية مباشرة، وهو ما يعكس رؤية الولايات المتحدة للفرق بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل. ورد المسؤول الفلسطيني البارز، حسين الشيخ، في رسالة نصية قائلا للصحيفة إنه لن يعلق حتى تعلم السلطة في رام الله ورسميا  بالقرار" بحسب التقرير نفسه الذي ترجمته "عربي21".

 وأضاف: "رأى هادي عمرو، الذي عينه بايدن مبعوثا خاصا للشؤون الفلسطينية أن إغلاق الخط المباشر بين مكتب الشؤون الفلسطينية وواشنطن من شأنه أن يقوض قدرة الدبلوماسيين على تقديم تقارير: مباشرة وغير منمقة"، مضيفا أنّ: "إغلاق هذه القناة من شأنه أن يقلل بشكل كبير من مصداقية الدبلوماسيين الأمريكيين وبالتالي قدرتهم على التواصل مع الشعب الفلسطيني في وقت نحتاج إليه أكثر من أي وقت مضى". 

وأبرز: "تجنّب الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، المواجهة، مع إدارة ترامب الحالية بشأن سياساتها وتصريحاتها بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وعلى النقيض من نهجه الأكثر عدوانية خلال إدارة ترامب الأولى، حيث قاطع حينها، المسؤولين الأمريكيين".

وعرّج بالقول: "كان عباس غاضبا من ترامب بسبب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بها كعاصمة لإسرائيل، وقطع المساعدات عن الفلسطينيين، وإغلاق المكتب التمثيلي الفلسطيني الرسمي في واشنطن". 

وفي الأسبوع الماضي، ألمح هاكابي إلى أنه سيغلق قناة التواصل المباشر بين مكتب الشؤون الفلسطينية، ووزارة الخارجية الأمريكية، وقال للصحافيين في مؤتمر عقدته صحيفة "جويش نيوز سينديكيت": "من المؤكد أن هناك حاجة إلى الوحدة والقيادة الموحدة عندما يتعلق الأمر بكيفية إدارة الأمور في السفارة". 

وقال بعض المسؤولين السابقين في السفارة إنّ: "قرار هاكابي يشير إلى أن الولايات المتحدة قد تدعم ضم إسرائيل للضفة الغربية". وقال موظف بارز سابق في القنصلية في القدس، إبراهيم دلالشة: "إنها خطوة صغيرة تشير إلى اتجاهات مثيرة للقلق بشكل متزايد في السياسة الأمريكية تجاه الفلسطينيين، بما في ذلك إمكانية دعم ضم إسرائيل للضفة الغربية".

وفي عام 2017، قبل أن يصبح هاكابي سفيرا، زعم أنّ: "إسرائيل لديها صك ملكية للضفة الغربية" مردفا: "لا يوجد شيء اسمه الضفة الغربية، ولا يوجد شيء اسمه مستوطنة، إنها مجتمعات، إنها أحياء، إنها مدن. لا يوجد شيء اسمه احتلال".

وفي الأسبوع الماضي، قال للمعلق المحافظ بن شابيرو إنّ: "الضم ليس قرارا أمريكيا"، مشيرا إلى أنه: "سيحدث في النهاية". ومع ذلك، أخبر هاكابي أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، أثناء جلسة المصادقة على تعيينه،  في شهر آذار/ مارس  أنّ: "سياساته لن يتم تنفيذها في الشرق الأوسط، بل سياسات ترامب".

 وأخبر الرئيس الأمريكي، رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أثناء مؤتمر صحافي، عقد بشباط/ فبراير أنّ: "الولايات المتحدة تناقش ضم إسرائيل للضفة الغربية مع ممثلي الحكومة الإسرائيلية. والناس يحبون الفكرة"، لكنه أوضح أنّ: "الإدارة لم تتخذ موقفا بشأنها بعد".