صحافة دولية

شراكة خليجية فاخرة.. كيف يستغل أبناء ترامب النفوذ العائلي في صفقات ضخمة؟

دونالد ترامب الابن جال دول الخليج وعقد صفقات عديدة- إكس
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرًا يسلط الضوء على سعي أبناء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى عقد صفقات تجارية ضخمة في ثلاث قارات، مستغلين نفوذ والدهم بعد عودته إلى البيت الأبيض؛ حيث قام أبناء الرئيس يعقد لقاءات مع مسؤولين حكوميين وشركاء أعمال أجانب لدعم هذه المشاريع، مما أثار مخاوف حول تضارب المصالح وانتهاك الأعراف السياسية الأمريكية.

وقالت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الأيام الأخيرة شهدت منافسة في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة والشرق الأوسط؛ حيث سعى نجلا الرئيس ترامب الأكبر سنًا إلى تنفيذ مشاريع عائلية لجني الأموال مستفيدين من منصب والدهما، ويبدو أن كل منهما يحاول التفوق على الآخر في تهافت لجني الأموال لم يسبق له مثيل في التاريخ الأمريكي.

فندق فاخر في دبي، وبرج سكني راقٍ في جدة بالمملكة العربية السعودية، ومشروعان للعملات الرقمية في الولايات المتحدة، وملعب غولف جديد ومجمع فيلات في قطر، ونادٍ خاص جديد في واشنطن. لن يستفيد من هذه الصفقات الجديدة إريك ترامب ودونالد ترامب الابن فحسب، بل الرئيس ترامب نفسه.

وأشارت الصحيفة إلى أن ماراثون عقد الصفقات كان سريعًا للغاية لدرجة أن العديد من العناصر لم تجذب اهتمامًا كبيرًا في الولايات المتحدة، على الرغم من أن معظمها كان علنيًا. ويرجع ذلك جزئيًا إلى ظهور الأبناء أمام حشود مُتملقة في الغالب، ولكن أيضًا لأن الرئيس ترامب ومساعديه ومستشاره الملياردير إيلون ماسك كانوا يتصدرون عناوين الصحف بسيل مستمر من الخلافات المثيرة للجدل.

يشارك ابنا ترامب في مجموعة واسعة من المشاريع التجارية العائلية؛ حيث يدير إريك ترامب، الابن الأوسط للرئيس، منظمة ترامب، وهي الشركة العائلية الرئيسية، والمتخصصة في العقارات. كما أنه عضو في مجلس إدارة شركة قابضة تشرف على شركة وورلد ليبرتي فاينانشال، وهي شركة العملات المشفرة المملوكة للعائلة، وقد انضم مؤخرًا إلى شقيقه الأكبر، دونالد ترامب الابن، لبدء عملية تعدين بيتكوين.

وأكد البيت الأبيض عدم وجود أي مشاكل أخلاقية لأن أبناء السيد ترامب يديرون هذه الأعمال. وقالت آنا كيلي، المتحدثة باسم البيت الأبيض: "أصول الرئيس مودعة في صندوق استئماني يديره أبناؤه. لا يوجد تضارب في المصالح".

غير أن تقرير الإفصاح المالي لترامب، والذي يتعين عليه تقديمه قانونًا، يُظهر أنه لا يزال يستفيد ماليًا شخصيًا من معظم هذه المشاريع.

ونقلت الصحيفة عن إريك ترامب أن العديد من المشاريع التي يروجون لها - من العملات الرقمية إلى العقارات - كانت قيد التنفيذ قبل إعادة انتخاب والدهم. وقال إريك ترامب: "نحن نبني أكثر المشاريع شهرة على وجه الأرض ونقود الطريق في الثورة الرقمية".

أما دونالد ترامب الابن فقد رفض أي تلميح إلى أنه يتاجر باسم والده، قائلًا إنه كان رجل أعمال طوال حياته الراشدة، ثم وجّه انتقادًا لاذعًا إلى هانتر بايدن الذي كان يبيع اللوحات الفنية بينما كان والده جوزيف بايدن الابن يشغل منصب الرئيس.

وقال دونالد ترامب الابن في تصريح لصحيفة التايمز: ”من المضحك أن تعتقد وسائل الإعلام اليسارية أنه يجب أن أحبس نفسي في غرفة مبطنة بينما يتولى والدي منصب الرئيس وأتوقف عن فعل ما كنت أفعله منذ أكثر من 25 سنة لكسب لقمة العيش وإعالة أطفالي الخمسة".

في الواقع، كان لأقارب رؤساء آخرين - بما في ذلك بيلي كارتر (شقيق الرئيس جيمي كارتر) ونيل بوش (شقيق الرئيس جورج دبليو بوش)، إلى جانب هانتر بايدن - تعاملات تجارية أثارت تساؤلات حول تضارب المصالح المحتمل.

وأضافت الصحيفة أن ما يثير الجدل في عمل نجلي ترامب هو أن العديد من هذه المشاريع تحقق عائدات تعود بالنفع على الرئيس نفسه أيضًا.

فخلال الأيام العشرة الماضية فقط، توقف دونالد ترامب الابن في المجر ورومانيا وصربيا وبلغاريا في جولة خطابية مدفوعة الأجر أطلق عليها اسم "رؤية ترامب للأعمال 2025"، والتي تضمنت أيضًا زيارات مع قادة حكومات أجنبية ومرشحين سياسيين. وخلال الفترة نفسها تقريبًا، كان إريك ترامب يتنقل بين قطر والإمارات ومناطق أخرى في الشرق الأوسط للترويج لخطط العائلة في مجال العقارات والعملات الرقمية.

وقد تم تنفيذ هذه العروض حتى في الوقت الذي كان فيه بعض شركاء دونالد ترامب الابن يطرحون مشروعًا آخر في واشنطن من شأنه أن يستفيد من عودة والده إلى البيت الأبيض: نادٍ يسمى "إكسكيوتيف برانش" (الفرع التنفيذي).

وقد سجل جيف ميلر، أحد أعضاء جماعات الضغط وأحد كبار جامعي التبرعات لترامب، وعضو مؤسس في النادي. السابق ذكره، في الربع الأول من هذه السنة لتمثيل 39 عميلًا جديدًا من الشركات، بما في ذلك شركة تيثر للعملات الرقمية، وهي شركة خارجية كانت هدفًا للهيئات التنظيمية الأمريكية منذ فترة طويلة حتى وقت قريب، عندما بدأت في ترسيخ نفسها كقوة رئيسية في واشنطن ومحاولة فتح مكتب لها في الولايات المتحدة.

ومن بين المالكين الآخرين في النادي الجديد، إلى جانب دونالد ترامب الابن، زاك وأليكس ويتكوف - ابنا مبعوث السيد ترامب إلى الشرق الأوسط - وعميد مالك، الذي يقود شركة 1789 كابيتال، وهي شركة رأس مال استثماري مقرها فلوريدا عينت دونالد ترامب الابن مؤخرًا كمسؤول تنفيذي كبير.

وأشارت الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي كان يجري فيه عرض هذه المشاريع الواقعية، كان هناك سعيٌ آخر نحو الربح في العالم الافتراضي؛ حيث يتنافس مستثمرو عملة ترامب ميمكوين على أن يصبحوا من بين أفضل 220 مالكًا لهذه العملة النادرة، وأن يفوزوا بعشاء مع الرئيس في وقت لاحق من هذا الشهر.

وتسيطر على عملة ترامب ميمكوين شركة يديرها أبناء ترامب وشركاؤهم التجاريون، ولكن الرئيس ترامب شجع مؤيديه على شرائها.

وذكرت الصحيفة أن إعلانات عائلة ترامب خلال الأسبوع الماضي شملت حكومات أجنبية، بما في ذلك حكومتي قطر والإمارات.

فقد سافر إريك ترامب إلى الدوحة، عاصمة قطر، يوم الأربعاء، حيث وقّع مسؤول حكومي هناك اتفاقية مع شركة عقارات سعودية لبناء ملعب غولف جديد لترامب ومجمع فلل فاخر، وهي شراكة ستجلب ملايين الدولارات لعائلة ترامب.

ويُعد هذا واحدًا من ستة مشاريع عقارية مخطط لها الآن في الشرق الأوسط، برعاية دار جلوبال، وهي شركة دولية تابعة لشركة عقارات سعودية ذات علاقات وثيقة بالعائلة المالكة السعودية، أما المشاريع الأخرى فهي في السعودية وسلطنة عمان ودبي.

وأشاد إريك ترامب خلال زيارته لدبي الأسبوع الماضي بسرعة الحصول على التصاريح العقارية اللازمة من الحكومة؛ حيث لم يستغرق ذلك سوى شهر واحد.

وفي ندوة حول العملات المشفرة في دبي، جلس إريك ترامب بجانب زاك ويتكوف، أحد مؤسسي شركة عائلة ترامب للعملات المشفرة، وورلد ليبرتي فاينانشال، الذي أعلن أن شركة ذات رأس مال استثماري مدعومة من حكومة أبوظبي ستستثمر ملياري دولار باستخدام شكل من أشكال العملات الرقمية التي تقدمها وورلد ليبرتي، وهذه الصفقة وحدها قد تُدرّ مئات الملايين من الدولارات من الإيرادات لعائلة ترامب وشركائها.

وأفادت الصحيفة بأن دونالد ترامب الابن سبق شقيقه، إذ وصل إلى بودابست في 25 نيسان/ أبريل/، حيث عقد اجتماعًا قصيرًا مع وزير خارجية المجر، بيتر سيارتو، ثم تلقى أجرًا لحضور حفل عشاء مع قادة الأعمال.

وكانت محطته التالية صربيا؛ حيث تخطط عائلة ترامب لبناء فندق جديد على أرض مملوكة للحكومة هناك. والتقى بالرئيس ألكسندر فوتشيتش، الذي وافقت إدارته على مشروع الفندق، والذي يشارك فيه أيضًا جاريد كوشنر، صهر السيد ترامب.

وانتقل دونالد ترامب الابن بعد ذلك إلى بلغاريا؛ حيث ظهر على خشبة المسرح مع أنتوني ترينشيف، المؤسس المشارك لشركة العملات المشفرة "نيكسو"، والتي تم تغريمها 45 مليون دولار من قبل هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية سنة 2023، ووافقت على مغادرة السوق الأمريكية.

وأعلن السيد ترينشيف، في حضور دونالد ترامب الابن، أن نيكسو قد تواصلت بالفعل مع الجهات التنظيمية الأمريكية، وأنها ستعود إلى السوق الأمريكية.

واختتم الموقع بالإشارة إلى أن الرئيس ترامب ساهم أيضًا في دعم أعمال عائلته في الأيام الأخيرة؛ حيث حضر فعالية لجمع التبرعات في ناديه "مار إيه لاغو" في فلوريدا نهاية الأسبوع الماضي، وهذه هي زيارته العاشرة للنادي منذ عودته إلى البيت الأبيض في كانون الثاني/ يناير، وقد شهدت العديد من زيارات عطلات نهاية الأسبوع هذه تجمعات سياسية تُغطي نفقات عائلته.

للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)