صحافة دولية

فضيحة "نيوم": كيف غطّى مسؤول كتالوني على فوضى المليارات في السعودية؟

أصبح فيفيس مسؤولا عن مشروع "سندالة" أحد المشاريع الأربعة التي تشكل "نيوم"
نشرت صحيفة "إل باييس" الإسبانية تقريرا، يتناول فصلا جديدا من التحديات التي تواجهها مدينة "نيوم"، التي يعتزم ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بناءها.

يتعلق الأمر بالتكاليف الزائدة لهذا المشروع، الذي يهدف إلى تحويل المملكة –التي تعد الآن من أكثر دول العالم تلوثا–، إلى نموذج يحتذى به في مجال البيئة.

ومن المتوقع أن يكلف المشروع 8.8 تريليون دولار، وهو ما يعادل 25 ضعف الميزانية السنوية للمملكة. وقد تم بذل جهود لتجميل التكاليف الزائدة بالتعاون مع كبار المسؤولين.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"؛ إن بريدا إلكترونيّا كشف أن أنطوني فيفيس، الكتالوني الذي كان في السابق اليد اليمنى لعمدة برشلونة خافيير ترياس، والذي كان حتى وقت قريب رئيسا لأحد المشاريع الرئيسية في "نيوم"، قد حث زملاءه في الإدارة عبر البريد الإلكتروني قائلا: "لا يجب أن نذكر التكاليف بشكل استباقي".

وقد كشف تدقيق داخلي عن "دليل تلاعب متعمّد لتبرير زيادة التكاليف" من قبل "بعض أعضاء الإدارة".

وعندما وصل فيفيس إلى بلدية برشلونة، أذهل نموذج المدينة الذي ابتكره العمدة الجديد خافيير ترياس. ومع أنه لم يكن مهندسا معماريّا، فقد أسس معهد الهندسة المعمارية المتقدمة في كاتالونيا بالتعاون مع ويلي مولر وفيشنتي غوالارت. وبصفته اقتصاديّا، أصبح فيفيس المخطط الحضري الرئيسي للحكومة المحلية المتحالفة.

كان فيفيس يتمتع بأسلوب ما بعد الحداثة، وأصبح الرجل الأهم في منصب نائب العمدة لشؤون البيئة الحضرية.

وأوضحت الصحيفة، أن فيفيس لم يكن يهدف فقط إلى أن يصبح نسخة من المهندس المدني الفرنسي هاوسمان، بل أيضا غاص في عالم الأعمال المشبوهة. وفي نهاية عام 2022، أمرت المحكمة الوطنية بفتح محاكمة علنية ضد حوالي ثلاثين شخصا بتهم تمويل غير قانوني لحزب "التقارب الديمقراطي في كتالونيا". وقد طالبت النيابة العامة بحبس فيفيس لمدة ست سنوات، بسبب العديد من المخالفات في قضية أطلق عليها "3 بالمئة".

بعد إعادة تأهيله بفضل الدورة وانتظار محاكمته في قضية الـ 3 بالمئة، قرر فيفيس تجربة حظه في المملكة العربية السعودية. وصل نائب العمدة السابق إلى أراضي الحويطات (القبيلة العربية التي تسكن شمال السعودية)، الذين اشتهروا بشجاعتهم البدوية كما وصفها لورانس العرب.

ومن أبواب خليج العقبة، أصبح فيفيس مسؤولا عن مشروع "سندالة"، أحد المشاريع الأربعة التي تشكل "نيوم". وكانت جمعيات حقوق الإنسان قد حذرت من أن زعيم الحويطات -الذين كانوا يرفضون مغادرة المنطقة- قد قُتل بالرصاص على يد الشرطة، وأن ثلاثة آخرين من أفراد القبيلة قد أُعدموا، وفقا لـ"بي بي سي". وفي النهاية، تم إخلاء الحويطات من المنطقة، ليصبح الحلم خاليا من الكوابيس.


وفي نهاية عام 2024، ترك فيفيس منصبه. ولا يزال غير معروف ما إذا كان ذلك بسبب غياب حقوق الإنسان، أو التضامن الوطني مع الحويطات، أو لأسباب أكثر دنيوية.

ومن المؤكد أن تجربته ستسمح له بإعادة إطلاق عمله الأدبي، سواء في مجال المقالات أو الروايات. وعلى الرغم من أن المملكة العربية السعودية قد قدمت له مادة جيدة، إلا أنه قد لا يكون لديه الوقت لتطويرها. يجب عليه الاستعداد للدفاع عن نفسه ضد القمع.