قضايا وآراء

بيع بنك القاهرة ووصف مصر بالمفلسة

"بنك القاهرة تم تقييمه من البنك الأهلي اليوناني لشرائه بمبلغ 2.25 مليار دولار في العام 2008م"
لم تشهد صفقة بيع، ضمن سياسة الخصخصة والتفريط في الأصول المصرية، جدلا واسعا كما تشهده صفقة بيع بنك القاهرة، وما يترد عنها، حيث حصل بنك الإمارات دبي الوطني على موافقة البنك المركزي المصري على عملية الفحص النافي للجهالة للبنك، وهي خطوة تمهيدية للاستحواذ على البنك. وهذا الاستحواذ نفسه تباينت الآراء في شأنه سواء كان كليا أو يشمل حصة تصل لنحو 60 في المئة منه، وطرح حصة منه في البورصة. كما أن مبلغ البيع يقدر بمليار دولار، والصفقة ذاتها يشوبها الغموض من حيث طرحها، حيث تتم بشكل مباشر دون طرح مناقصة عالمية، وهو ما يعني غياب الشفافية والإفصاح عنها.

وفي إطار هذا الجدل تقدم نواب في البرلمان المصري ببيانات عاجلة إلى رئيس مجلس النواب يطالبون فيه بوقف الصفقة، معبرين عن مخاوفهم من تأثيرها على الاقتصاد المصري، كما اتجه بعض المحامين إلى القضاء لوقف تنفيذ الصفقة.

وقد خرج رئيس الوزراء المصري مصطفي مدبولي بعد تفاقم الأمر ليعلن أن الحكومة كانت قد أعلنت عن برنامج الطروحات، وبيّنت أن ضمن خطط الطرح هناك بنكان هما: المصرف المتحد، وبنك القاهرة، وأن ما يتم حاليا يتمثل في أن هناك استشاريا يقوم بعمل الفحص النافي للجهالة لبنك القاهرة، أي ما يعني تقييما لبنك القاهرة لتحديد قيمته، أما ما أثير حول تقييمه بمليار دولار، وأنه كان قد سبق تقييمه بأكثر من ذلك، فهو حديث عار تماما عن الصحة، وما يتم الآن هو تقييم للبنك بوضعه الحالي بعد مرور الوقت الذي تم فيه التقييم السابق؛ حيث يتم تحديث هذا التقييم في
إذا كنت تمتلك دجاجة تبيض لك ذهبا فلماذا تبيعها بأبخس الأثمان؟ إن الإجابة على هذا السؤال تبدو في تصريحات مبعوث الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بشأن الوضع في مصر،
ضوء المستجدات الواقعة حاليا، وبناء على ذلك ستقوم الدولة والبنك المركزي بتحديد النسبة التي سيتم طرحها من هذا البنك؛ سواء كانت لمستثمر استراتيجي، أو طرح في البورصة، مُؤكدا أن هذا ما يتم الآن بكل وضوح.

والماضي والواقع يكشف أن بنك القاهرة تم تقييمه من البنك الأهلي اليوناني لشرائه بمبلغ 2.25 مليار دولار في العام 2008م، فكيف يقل المبلغ المعروض حاليا عن هذا المبلغ بـ1.25 مليار دولار رغم مرور سبعة عشر عاما اتجه فيها البنك لزيادة أصوله وأرباحه؟! ولا عبرة بتغير سعر الصرف، فالعملة المصرية لا قياس عليها، بل الأصل التقييم بالدولار باعتباره العملة الدولية المستقرة.

إن بنك القاهرة يمثل البنك الثالث والأخير في قائمة البنوك الحكومية المصرية بعد بنكي الأهلي ومصر، ويرجع تأسيسه إلى العام 1952م، وتكشف القوائم المالية للبنك عن ارتفاع إجمالي أصوله بقيمة 81.45 مليار جنيها، لتصل إلى 483.1 مليار جنيه بنهاية كانون الأول/ ديسمبر2024 ، مقارنة مع 401.6 مليار جنيه بنهاية 2023، بنمو قدره 20.28 في المئة. كما ارتفعت محفظة القروض والتسهيلات للعملاء في البنك بقيمة 37.038 مليار جنيه لتتخطى 210.946 مليار جنيه بنهاية 2024، مقابل 173.908 مليار جنيه بنهاية كانون الأول/ ديسمبر 2023، محققة نموا بنسبة 21.3 في المئة. وارتفع إجمالي ودائع العملاء في البنك لتصل إلى 352.27 مليار جنيه بنهاية كانون الأول/ ديسمبر 2024، مقارنة بـ302.07 مليار جنيه بنهاية كانون الأول/ ديسمبر 2023، بنسبة 16.62 في المئة. كما حقق البنك صافي أرباح 12.369 مليار جنيها بنهاية كانون الأول/ ديسمبر 2024، مقارنة بـ6.660 مليار جنيه بنهاية نفس الفترة من عام 2023، بنمو 85.7 في المئة.

إن وصف مصر بالمفلسة ليس جديدا، فالكل يعرف أن السياسة التي تتبعها الحكومة هي ترقيع الديون. ومسألة الإفلاس الرسمي هي مسألة وقت، ومن أجل سياسة ترقيع الديون جاءت سياسة التفريط في الأصول وما يرتبط بذلك من فساد ملحوظ وتدمير لمقدرات الدولة الاقتصادية وأصولها المنتجة الناجحة، فضلا عن تهديد الأمن القومي المصري ببيع أصول لدول بعينها، لا سيما وأن دولة الإمارات العربية تستحوذ على العديد من القطاعات الرئيسة في مصر
والسؤال الذي يطرح نفسه: إذا كنت تمتلك دجاجة تبيض لك ذهبا فلماذا تبيعها بأبخس الأثمان؟ إن الإجابة على هذا السؤال تبدو في تصريحات مبعوث الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بشأن الوضع في مصر، وذلك في معرض رده على سؤال بشأن تأثير الأوضاع في قطاع غزة على دول الجوار، وما إذا كان ذلك يثير نوعا من القلق، حيث ذكر أن البيانات في مصر تشير إلى معدل بطالة ضخم، نحو 45 في المئة، ولا يُمكن أن تستمر دولة هكذا، وهم مفلسون بصورة كبيرة وبحاجة إلى الكثير من المساعدة وإذا ما حصل شيء سيئ في مصر، فقد يدفعنا ذلك إلى الوراء.. ولهذا علينا حل موضوع غزة.

إن وصف مصر بالمفلسة ليس جديدا، فالكل يعرف أن السياسة التي تتبعها الحكومة هي ترقيع الديون. ومسألة الإفلاس الرسمي هي مسألة وقت، ومن أجل سياسة ترقيع الديون جاءت سياسة التفريط في الأصول وما يرتبط بذلك من فساد ملحوظ وتدمير لمقدرات الدولة الاقتصادية وأصولها المنتجة الناجحة، فضلا عن تهديد الأمن القومي المصري ببيع أصول لدول بعينها، لا سيما وأن دولة الإمارات العربية تستحوذ على العديد من القطاعات الرئيسة في مصر منها قطاع الصحة وقطاع التعليم، وتمتلك خمسة بنوك في القطاع المصرفي المصري.

إن ويتكوف كل همه حماية أمن الكيان الصهيوني، وأن تكون مصر حارسة لهذه الحماية، لذا يريد هو وصندوق النقد الدولي أن تنغمس مصر في الديون والحاجة لتظل دولة لا تموت ولا تحيا، وهذا لا يليق بمصر وتاريخها ومكانتها، وما هذا البيع لبنك القاهرة إلا حلقة في سلسلة الإملاءات التي يفرضها صندوق النقد الدولي لصرف شرائح قرض الـ8 مليارات دولار المشؤوم، لذا فإنه قد آن الأوان لمصر للخروج من عباءة هذا الصندوق ووقف سياسة ترقيع الديون وبيع الأصول، والعمل على خصخصة إدارة الشركات الحكومية التي تعاني من صعوبات اقتصادية بدلا من بيعها، وفي الوقت نفسه التوجه نحو خصخصة شركات الجيش التي تمارس أعمالا مدنية، والتركيز على تطوير البنية العسكرية ليكون سلاحنا من صنع أيدينا وكلمتنا من صنع عقولنا، ونحمي أمننا القومي اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا بروح وطنية خالصة.

x.com/drdawaba