صحافة دولية

كاتب يهودي: لا ترتكبوا مذابح بحق الفلسطينيين باسمنا

مئات الشهداء سقطوا في غارات وحشية للاحتلال على قطاع غزة
قال الكاتب اليهودي، بيتر بينارت، إنه في الوقت الذي نستعد فيه للاحتفال بعيد البوريم "المساخر"، عبر ارتداء اليهود أزياء سخيفة، وأكل المعجنات المثلثة، والاستماع لحكاية قديمة عن ارتكاب إبادة جماعية، نرتكب إبادة جماعية باسمنا في قطاع غزة.

واستعرض الكاتب في مقال بصحيفة الغارديان، ترجمته "عربي21" قصة توراتية، عن محاولة لإبادة جماعية كان سيرتكبها ملك بحق اليهود، وكيف قامت فتاة عبر حيلة بإنقاذهم، مشيرا إلى أن "الدولة اليهودية تمارس سلطان الموت والحياة على ملايين الفلسطينيين".

وفيما يلي النص الكامل للمقال:

في وقت لاحق من هذا الشهر، في عطلة البوريم، سوف يرتدي اليهود أزياء سخيفة، ويأكلون المعجنات المثلثة، ويستمعون إلى حكاية قديمة حول محاولة ارتكاب إبادة جماعية. ما نلاحظه وما لا نلاحظه بشأن تلك الحكاية يقول الكثير عما نلاحظه وما لا نلاحظه في إسرائيل وفلسطين.

مصدر الحكاية هو سفر أستير (في العهد القديم أو التوراة). تبدأ الحكاية بملك فارسي إباحي متهتك ينظم حفل عشاء، يشرب فيه حتى الثمل، ثم يأمر ملكته باستعراض جمالها أمام الحضور، وعندما ترفض ذلك يتخذ قراراً بإقصائها عن العرش. ثم يختار بديلاً لها أستير، وهي فتاة شابة جميلة، ولكنها، وهو ما لم يكن يعرفه، يهودية. ثم يتخذ قراراً شخصياً مشؤوماً باختيار هامان، شديد الكراهية لليهود، ليكون ذراعه اليمنى. وبذلك يصبح المشهد معداً لصدام ملحمي.

يقنع هامان الملك بالتوقيع على مرسوم يقضي بإبادة اليهود. يسمع بالخبر عم أستير، واسمه موردخاي، فيرسل لها قائلاً إن عليها أن تنقذ شعبها. على الرغم من أن الاحتجاج يعرض حياتها للخطر، إلا أن أستير تناشد الملك، ومن خلال سلسلة من المناورات الجريئة، تحرضه فينقلب ضد هامان، فيشنقه، ليحل محله موردخاي، وبذلك ينتصر الخير على الشر.

عندما يروي اليهود الحكاية في عيد بوريم اليوم، كثيرون منا يتوقفون عند ذاك. ولكن هذا ليس صواباً على الإطلاق. إذ أن سفر أستير لا ينتهي بموت هامان، بل يستمر إلى ما بعد ذلك، لأنه بالرغم من أن هامان لم يعد موجوداً، إلا أن مرسومه بقتل اليهود يبقى ساري المفعول، ولا يتمكن الملك من التراجع عنه. إلا أن ما يستطيع فعله هو تمكين موردخاي وأبناء عشيرته من تولي زمام الأمور وإطلاق أيديهم. وهو ما يفعلونه. يعلن سفر أستير أن "اليهود انهالوا على أعدائهم بالسيوف ذبحاً وتدميراً، وصبوا جام غضبهم على أعدائهم." في اليوم الثالث عشر من آذار، يقتل اليهود 75 ألف إنسان، ثم يعلنون الرابع عشر "يوماً للاحتفال والتعبير عن الفرح." يقوم اليهود، ولم تجف دماء خصومهم بعد، بالاحتفال والابتهاج. وذلك هو أصل عيد البوريم.

لا يتعلق عيد البوريم فقط بالخطر الذي يشكله الأغيار علينا، وإنما أيضاً بالخطر الذي نشكله نحن عليهم.

طوال الجزء الأكبر من تاريخنا، عندما لم تكن لدى اليهود القدرة على فرض إرادتهم بحد السيف، كانت خلاصة سفر أستير خيالاً لا يضر، بل وأمراً يمكن تفهمه. فمن يملك لوم قوم على أن يحلموا بعالم مقلوب رأساً على عقب؟ إلا أن النهاية تبدو مختلفة عندما تمارس دولة يهودية سلطان الحياة والموت على ملايين الفلسطينيين الذين لا يملكون حتى جواز سفر. ينبغي أن تقلقنا اليوم تلك الآيات المغموسة بالدماء. عندما نتلوها بصوت مرتفع في المعابد، ينبغي أن نستخدم اللحن الموجوع والحزين الذي ننشد به سفر المراثي، والذي يصف تدمير معابدنا القديمة.

بدلاً من ذلك، يختار معظمنا تجاهل العنف الذي ينتهي إليه سفر أستير، بل ينزع بعض اليهود المعاصرين إلى تبريره باعتباره دفاعاً عن النفس. وهناك في اليمين المتطرف من يحتفي به. إلا أن هؤلاء هم الاستثناء، لأن ما جرت عليه العادة هو أن نشيح عنه بوجوهنا، ونركز على ذلك الذي حاولوا هم فعله بنا. ثمة دعابة بأن كل عيد يهودي ينتهي إلى نفس المآل: "حاولوا قتلنا، ولكننا نجونا، فهيا بنا نأكل." تلك هي الطريقة التي يروي بها كثير من اليهود ليس فقط بوريم، بل وكذلك كثيراً من أعيادنا الأخرى المحببة إلينا. فعيد الفصح يذكرنا بتحريرنا من العبودية في مصر، وحانوكا (عيد الأنوار) يحتفي بالمكابيين الذين حررونا من قهر اليونانيين السوريين.

كل الاحتفالات التي لا نتمكن من إقحامها في مثل هذا النص الروائي فهي في الأغلب ليست مما يستحوذ على ذاكرتنا الجمعية. فلماذا شفوعوت (عيد العنصرة) أقل شهرة في أوساط اليهود المعاصرين من بوريم وحنوكا، رغم أنها أعياد أقل أهمية من الناحية الدينية؟ هناك أسباب متنوعة، إلا أن أحدها هو الآتي: لم يعد شفوعوت يتناسب مع الحكاية التي نرويها عن أنفسنا. ففي الحداثة، صار اليهود أكثر علمانية. وفيما عدا قلة قليلة من الملتزمين دينياً، لم نعد نصف أنفسنا بأننا قوم اختارهم الله حتى يتّبعوا الأحكام التي نُقشت في سيناء. بدلاً من ذلك نصف أنفسنا بأننا شعب كتب عليه التاريخ إلى الأبد مواجهة الإبادة ولكننا في نهاية المطاف ننجو بأعجوبة.

ومع هذه العلمنة جاء التفلت الأخلاقي. عند تفسير المعاناة اليهودية، يكاد التقليد الحاخامي يكون مسكوناً بمطالبة اليهود بالنظر في الذات والاعتبار بما جنيناه من خطايا. يلوم التلمود اليهود على صعود هامان لأنهم شاركوا في حفلة السكر والمجون التي دعا إليها الملك. بل يرى تفسير توراتي لنشيد الإنشاد أن الإسرائيليين الذين استعبدوا في مصر لم يكونوا يستحقون الحرية لأنهم عبدوا الأصنام. بل يخصص التلمود رسالة تلمودية بأسرها لتعليمنا كيف ينبغي على اليهود التعامل مع القحط. والجواب هو: علينا أن نصوم ونتوب من سيئات أعمالنا.

يصعب تحمل هذه العقيدة، ولا أدل على ذلك من أنها حينما تطبق على الفواجع المعاصرة مثل الهولوكوست (المحرقة)، يعتبر معظم اليهود، محقين، أن أي مقترح بأن علينا أن نلوم أنفسنا إنما هو مقترح بغيض للغاية. ولكن في غياب الإيمان بالثواب والعقاب الإلهي، توقفنا إلى حد كبير عن الصراع مع ما تقوله نصوصنا المقدسة حول المسؤولية الأخلاقية اليهودية، وحولناها إلى حكايات حول البراءة اليهودية.

تتغلغل البراءة الزائفة في النقاش اليهودي داخل التيار السائد حول إسرائيل. ولهذا السبب، حينما يُطرح تأسيس إسرائيل للنقاش، يلوم زعماء اليهود الأمريكيين الفلسطينيين ويحملونهم المسؤولية عما حصل لهم من طرد جماعي. فها هي رابطة مناهضة التشويه (إيه دي إل)، أشهر المنظمات الأمريكية في مجال مكافحة معاداة السامية، تفسر ذلك قائلة: "تعود قضية اللاجئين الفلسطينيين إلى الحرب العربية الإسرائيلية في عام 1948، عندما قامت خمس جيوش عربية بغزو دولة إسرائيل بعد ساعات فقط من تأسيسها." تتجلى هنا أخلاقية الترتيب الزمني للأحداث: لقد غادر الفلسطينيون ديارهم لأن الدول العربية بدأت الحرب. صحيح أن الفلسطينيين عانوا، ولكن الضحية الحقيقية هنا كانت إسرائيل.

تكمن المشكلة في هذا التوصيف في أن ما بين ثلث إلى نصف الفلسطينيين غادروا فعلياً قبل الرابع عشر من مايو (أيار) من عام 1948، اليوم الذي أعلنت فيه إسرائيل استقلالها وأعلنت الحكومات العربية الحرب عليها. عندما هاجمت الجيوش العربية كانت القوات الصهيونية قد أجلت سكان يافا وحيفا، أكبر مدينتين فلسطينيتين. كما أن أبشع المذابح التي ارتكبت بحق الفلسطينيين في الحرب، والتي قتلت فيها المليشيات الصهيونية أكثر من مائة رجل وامرأة وطفل في قرية دير ياسين، وقعت في شهر إبريل (نيسان). عندما يزعم زعماء اليهود أن الغزو العربي هو الذي حمل الفلسطينيين على المغادرة، فإنهم يعكسون السبب والمسبب. وهذا ما خلص إليه المؤرخ وليد الخالدي بعد الرجوع إلى كم هائل من وثائق الحكومات العربية والتقارير الصحفية، حيث يقول: "لم يكن دخول الجيوش العربية هو الذي سبب الهجرة الجماعية، وإنما كانت الهجرة الجماعية هي السبب في دخول الجيوش العربية."

والطريقة الأخرى التي يلجأ إليها زعماء اليهود لتبرئة إسرائيل من التطهير العرقي الجماعي الذي ارتكبته في عام 1948 هو الزعم بأن الفلسطينيين إنما غادروا لأن الزعماء العرب طلبوا منهم ذلك. في كتابه الأضخم بعنوان "مكان بين الأمم" يقول بنيامين نتنياهو إنه في كثير من الحالات "رجا اليهود جيرانهم العرب الفلسطينيين أن يبقوا. وكان هذا على العكس تماماً من التوجيهات التي تلقاها العرب الفلسطينيون من الحكومات العربية، والتي حثتهم على المغادرة من أجل تمهيد الطريق أمام الجيوش الغازية." وهذا الزعم أيضاً أقرب إلى الخرافة منه إلى الحقيقة. ففي تقرير صدر في عام 1948 خلص جهاز المخابرات الإسرائيلي نفسه إلى أن الهجمات الصهيونية نجمت عن إجلاء ما يقرب من سبعين بالمائة من الفلسطينيين بينما كان نصيب القوات العربية خمسة بالمائة تقريباً.

لا يكتفي الزعماء اليهود بالتهرب من المسؤولية الأخلاقية اليهودية فحسب عندما يستعرضون ماضي إسرائيل، بل ويفعلون ذلك عندما يناقشون حاضر إسرائيل كذلك. لا ريب في أن معظم اليهود كانوا قد أصيبوا بالغثيان والامتعاض الشديد من المذبحة التي ارتكبتها حماس يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ولكن عندما ردت إسرائيل على تلك المذبحة بشن هجوم ضار على قطاع غزة، كان رد الفعل الأولى لكثير من المسؤولين الإسرائيليين والزعماء اليهود في الولايات المتحدة هو التشكيك فيما إذا كان عدد ضخم من الفلسطينيين قد قتلوا. حينها، في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) أعلنت إيباك، وهي أكبر جماعات للوبي المناصر لإسرائيل نفوذاً في الولايات المتحدة، بأن "وزارة الصحة في غزة، أو وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، تتحكم بها حماس، ولا يمكن الوثوق بالمعلومات التي تصدر عنها." وأضاف سفير إسرائيل السابق لدى الولايات المتحدة مايكل أورينأإن أرقام الوفيات الواردة من غزة "بكل بساطة ليست صحيحة."

والحقيقة هي أن أرقام وزارة الصحة في غزة كانت بالفعل خطأ، ولكن في الاتجاه المعاكس تماماً لما ذهب إليه الزعماء اليهود، لقد كانت أقل بكثير من الواقع. فقد قدّرت دراسة صدرت في يناير (كانون الثاني) 2025 عن خبراء الصحة العامة من جامعة ييل ومن كلية الصحة والطب الاستوائي في لندن بأن إجمالي عدد الوفيات في غزة كان يزيد أربعين بالمائة عن تقديرات وزارة الصحة في غزة. كان متوقعاً أن تكون الحسبة متدنية. وذلك لأن وزارة الصحة خلال الشهور الأولى من الحرب كانت تحسب فقط الجثث التي وصلت إلى المشرحة، مع أن كثيراً من الناس الذين قتلوا في غزة لم تصل جثثهم إلى أي مستشفى. ولكن بالنسبة للمسؤولين الإسرائيليين والزعماء اليهود في أمريكا هذه التفاصيل ليست ذات أهمية، وإنما المهم هو تبرئة إسرائيل من كل ذنب، تجنباً لمواجهة إمكانية أن تكون دولة يهودية قد ارتكبت أي خطأ.

وعندما أقر مسؤولو المؤسسة اليهودية بأن الفلسطينيين كانوا بالفعل يموتون بأعداد كبيرة، لاموا حماس على ذلك. وهذا ما أعلنت عنه إيباك يوم الرابع عشر من أكتوبر (تشرين الأول) حين قالت: "حماس مسؤولة عن التسبب في قتل المدنيين الفلسطينيين." والسبب: أنها تستخدمهم "دروعاً بشرية".

يراكم ادعاء الدروع البشرية المغالطات بعضها فوق بعض. من المؤكد أن حماس تنشط داخل المناطق المدنية، ولكن هذا هو ما تفعله المجموعات الثائرة. لا يوجد قوة فدائية ترتدي الزي العسكري بألوانه البراقة، أو تمشي في الحقول المفتوحة، أو تقاتل جيشاً تقليدياً يفوقها بمراحل قوة وعدة وعدداً. وعن ذلك يقول أستاذ القانون الدولي المولود في إسرائيل نيف غوردون: "من الثورة الأمريكية إلى الثورة الإيطالية إلى النضالات المناهضة للاستعمار في الملايو والهند وسريلانكا وفيتنام وكذلك في الجزائر وأنغولا وفلسطين، يختبئ المسلحون وسط المدنيين. وحماس من هذه الناحية ليست خارجة عن النسق."

في الحقيقة حتى الجيوش التقليدية كثيراً ما تعمل قريباً من المدنيين. فها هو المقر الرئيسي للجيش الإسرائيلي يقع في المركز من مدينة تل أبيب. هناك أربع وعشرون مدرسة ضمن مسافة كيلومتر واحد من مبنى الأركان العامة للجيش، والذي يشتمل على مكاتب كبار قادة الجيش. ونظراً لأن مثل هذا التداخل بات شائعاً، فإن القانون الدولي واضح، إذ ينض على أنه لا يجوز تحويل المدنيين إلى صيد مباح لمجرد وجود المقاتلين في الجوار. وحسبما ينص عليه البروتوكول الإضافي في معاهدة جنيف الرابعة، فإن تواجد المقاتلين في منطقة ما "لا يُعفي أطراف الصراع من مسؤولياتهم القانونية تجاه السكان المدنيين." وأحد الالتزامات القانونية هو التناسب. وبحسب البروتوكول الإضافي فإن "الخسارة في أرواح المدنيين" بسبب هجوم ما لا يجوز "أن يفرط في تجاوز ما ينتظر أن يسفر عنه ذلك الهجوم من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة."

أصبح هجوم إسرائيل على غزة مفرطاً يوم التاسع من أكتوبر عندما قطعت الطعام والكهرباء عن كل سكان القطاع. في اليوم التالي، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي أنه "أزال جميع القيود" على كيفية خوض إسرائيل للقتال، وأعلن الناطق العسكري الإسرائيلي أن "المعول عليه هو الضرر الحاصل وليس مدى الدقة." كشف تحقيق قامت به مجلة +972 وجميعة "المكالمة المحلية" أنه خلال الأيام الخمسة الأولى فقط من القتال، قصفت إسرائيل أكثر من ألف من "أهداف القوة" – والتي اشتملت على أبراج سكنية وبنوك وجامعات ومكاتب حكومية – والتي ضربتها ليس بسبب قيمتها العسكرية وإنما لمجرد الأثر النفسي المترتب على ذلك. كان المسؤولون الإسرائيليون يرجون أن يصدم الدمار سكان غزة فيثيرهم ضد حماس. إن تبرير ذلك من خلال التذرع بالدروع البشرية يقوض المبادئ الأساسية للقانون الدولي. ولكن من الضروري إثبات أن إسرائيل دائماً بريئة. وحتى عندما تُسقط دولة يهودية القنابل التي تقتل عشرات الآلاف من الناس، فهي ليست المسؤول الحقيقي عن التسبب بهذا الموت الجماعي.

والآن، بدلاً من المضي قدماً نحو الجولة الثانية من وقف إطلاق النار، والتي تطالبها بسحب قواتها من غزة، عادت إسرائيل وشنت الحرب من جديد بضراوة أشد. فقد منعت جميع المساعدات الإنسانية من الوصول إلى الناس في غزة. جاء رد فعل إيباك على النحو التالي: إسرائيل ليست مسؤولة عن سياسة التجويع هذه لأن حماس ترفض إعادة صياغة صفقة وقف إطلاق النار بما يعفي إسرائيل من التزاماتها.

وبهذه الطريقة، يسعى خطاب المؤسسة اليهودية إلى تبييض السلوك الإسرائيلي بنفس الشكل الذي يبيض به كثير من اليهود سفر أستير. حكايتنا الجماعية – والتي يرويها زعماء اليهود من القدس إلى نيويورك – ليست خاطئة لأنها تتحدث عن الشرور التي يعاني منها اليهود، بما في ذلك الشرور التي ارتكبتها حماس يوم السابع من أكتوبر، ومازالت ترتكبها من خلال احتفاظها بالإسرائيليين كرهائن. وإنما يكمن الخطأ في هذه الحكاية في أنها تنكر الشرور التي يرتكبها اليهود. إن رفضنا للتعامل مع الجانب المظلم من بوريم يعكس رفضنا للتعامل مع الجانب المظلم فينا، أن نقر ببشريتنا الكاملة، والتي تجعلنا قادرين على أن نكون ليس فقط ضحايا وإنما معتدين كذلك.

رجائي في هذا البوريم هو أن تقشعر أبداننا عندما يأتي اليهود على المذبحة التي ينتهي إليها سفر أستير. وأن يتولد من هذا الاشمئزاز التزام جديد بإنهاء المذبحة التي ترتكب حالياً باسمنا في قطاع غزة.