في
الوقت الذي تتعالى فيه أصوات
الاحتلال بالعودة مجددا للعدوان على
غزة، وتحضيرات
مزعومة لتنفيذ خطة تهجير الفلسطينيين منها، خرجت مطالبات أخرى تدعو لاستخدام الرافعة
الاقتصادية الثقيلة التي يمتلكها الاحتلال لزيادة الضغط على حماس، دون ضمانات
بنجاحها في تحقيق أهداف الاحتلال.
الجنرالان
الإسرائيليان عاموس يادلين، الرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات العسكرية، وأودي أفينتال
خبير التخطيط الاستراتيجي والسياسي، ذكرا أنه "بعد انتهاء المرحلة الأولى من
صفقة التبادل والمفاوضات الصعبة لإطلاق سراح جميع المختطفين، لم يحقق الاحتلال بعد
هدفي الحرب الرئيسيين في غزة: إعادة جميع المختطفين، والقضاء على حكم حماس، وعلى
خلفية المفاوضات الصعبة معها، تنشأ الانقسامات في الجمهور الإسرائيلي، بين أغلبية
تؤيد الصفقة بأي ثمن، ومن يعتقدون أنه لا يمكن ترك حماس في السلطة".
وأضافا
في مقال مشترك نشرته القناة الـ12، وترجمته "عربي21" أنه "لدى الاحتلال في هذه الحالة ثلاث رافعات ضغط رئيسية على حماس، إذا لم
يتم التوصل لاتفاق: أولاها استئناف القتال، وثانيها حجب المساعدات الإنسانية،
وثالثها منع إعادة إعمار القطاع، وطالما أن حماس بحاجة لتجنب أن ينظر إليها
باعتبارها ألحقت كارثة بمواطني غزة، فمن المرجح أن تؤدي عودة الحرب لمقتل المختطفين
الأحياء، فيما لن يؤثر وقف المساعدات الإنسانية على الحركة بالوتيرة المطلوبة، بعد
أن امتلأت مخازنها خلال وقف إطلاق النار".
وأشارا
إلى أن "أحد الخيارات الأخرى هو محاولة تحقيق رؤية الرئيس دونالد ترامب
بإجلاء سكان غزة، وإقامة حكم أمريكي في القطاع في اليوم التالي، ورغم الحماس الذي
يبديه الإسرائيليون للفكرة، لكن العالم العربي بأسره يعارضها، ويبدو أن ترامب نفسه
يدرك ذلك، وعلى استعداد للنظر في أفكار بديلة، رغم أن السياسة الأمريكية المحدثة
تجاه غزة تخلق بيئة استراتيجية أكثر ملاءمة للاحتلال، مع تأكيدها بأن حماس لن
تسيطر على غزة في اليوم التالي للحرب".
وتساءلا
عما "يستطيع الاحتلال أن يحققه بعدما فشل بتحقيقه سابقا في غزة، رغم المزاعم بأن
احتلالها، والتفكيك المنهجي لبنية حماس يشكلان هدفا محتملا، وحتى لو كان صحيحا،
فإن هذه الخطوة ستستغرق وقتا طويلا، وتستلزم تكاليف باهظة من حياة الجنود،
والموارد الاقتصادية والعسكرية، والتركيز على ساحات أخرى، ومزيد من الضرر لمكانة الاحتلال
في العالم، والفرص التي سيتأخر تحقيقها كالتطبيع مع السعودية، وحتى لو تجاهلنا هذه
التكاليف الباهظة، فمن المتوقع أن يغرق الاحتلال في غزة، خاصة إذا لم ينشأ بديل
لحكم حماس".
وأضافا
أن "الخيار الثالث المتمثل بإصرار الاحتلال على أن إعادة إعمار غزة ستعتمد
على نزع سلاحها، مع الحفاظ على التهديد باستخدام الحرب بقوة كبيرة، ورغم رفض إسرائيل
لخطة الجامعة العربية لإعادة إعمار القطاع، وقيمتها عشرات مليارات الدولارات، فإن
جعل تنفيذها مشروطا بإخلاء غزة من السلاح سيكثف بشكل كبير الضغوط على حماس".
وزعما
أن "هناك تفاهما بين جميع الأطراف بأن حماس لن تسيطر على غزة، ولن تتمكن من
إعادة بناء قدراتها العسكرية واستعادتها، ولتحقيق هذه الغاية، سيطلب من قيادتها العسكرية
والسياسية مغادرة القطاع، وإغلاق محور فيلادلفيا، بالتعاون بين الاحتلال ومصر
والنظام الدولي، على أن تعمل قوات عربية تدخل غزة كمستشارين، ولن تشارك بنزع
السلاح العميق للبنية التحتية العسكرية لحماس، مما يتطلب من إسرائيل التوصل لتفاهمات
مع الدول العربية والولايات المتحدة بشأن آلية مراقبة فعالة؛ على غرار تفاهمات لبنان".
وأكدا
أنه "استنادا للدروس المستفادة حتى الآن، فإن الحل العسكري وحده لن يكون
كافيا، بل سيكون الاحتلال ملزما بالحصول على المساعدة من العناصر المحلية، بما فيها
التابعة للسلطة الفلسطينية، مع مراعاة إصلاحاتها، لأن بناءها كبديل مستقبلي لحكم
حماس أمر ضروري، ويشكل شرطا لمشاركة طويلة الأمد من جانب الدول المانحة في مشروع
غزة، ويعكس اعترافا دوليا بالحاجة للقضاء على حماس كحكومة في القطاع، مما يتطلب من
الاحتلال القفز عن لغة الشعارات، والحديث بصورة عملية".