نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية تقريرا، أعدّته غابرييل ستينهاوسر، وجونيو وانغ، وتيموتي مارتن، قالوا فيه إنّ "التحول الأمريكي من الحرب في أوكرانيا يثير مخاوف
حلفاء أمريكا في آسيا. فقد أثار تسرّع إدارة
ترامب باتجاه فتح محادثات السلام مع روسيا لوقف الحرب في أوكرانيا، قلق بعض المسؤولين في آسيا، وأثار مخاوف بشأن التزام الولايات المتحدة بأمن المنطقة".
وتابع التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بأنه "في وقت سابق من هذا الشهر، وفي تحوّل كبير في السياسة الخارجية الأمريكية، جاء بعد مكالمة بين الرئيس ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وافقت الإدارة مع موسكو على فتح محادثات سلام مباشرة. ولم تشارك أوكرانيا في المحادثات الأمريكية - الروسية الأولية".
وأضاف: "كما تم استبعاد جيران أوكرانيا الأوروبيين، الذين قد يتأثر أمنهم بشكل مباشر بأي تسوية أمريكية مع روسيا. وتردّد صدى التحولات المتسارعة بين حلفاء الولايات المتحدة في آسيا".
وأبرز: "في تصريحاتهم العلنية، أعرب مسؤولون من تايوان والفلبين واليابان وكوريا الجنوبية، الذين يعتمدون على الولايات المتحدة في دفاعهم، عن ثقتهم في أن واشنطن ستقف إلى جانبهم في حالة عدوان من الصين أو كوريا الشمالية. ووقعت الولايات المتحدة اتفاقيات دفاع متبادلة مع اليابان والفلبين وكوريا الجنوبية، وكجزء من اتفاقية أوسع نطاقا، مع تايلاند".
"في أحاديثهم الخاصة، أعرب بعض المسؤولين عن قلقهم من أن ترامب قد يسعى لنوع من المساومة مع الزعيم الصيني، شي جين بينغ، بخصوص الأراضي المتنازع عليها في آسيا أو السماح ببقاء البرنامج النووي لكوريا الشمالية كتهديد" تابع التقرير نفسه.
وأضاف: "أشار مسؤولون من حلفاء أمريكا في المنطقة إلى تعليقات وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغيسث، التي أكّد فيها على التزام أمريكا بمواجهة بيجين. واقترح فيها أن الانسحاب الأمريكي من أوروبا هو ضروري لتخصيص المزيد من الوقت والمصادر لآسيا".
وأبرز: "في لقائه مع وزراء في حلف الناتو، قال وزير الدفاع الأمريكي: تعطي الولايات المتحدة أولوية لمنع الحرب مع الصين في منطقة الباسيفيك وتعترف بواقع عدم توفر الموارد وتجري مقايضات لضمان عدم فشل الردع".
وبحسب التقرير ذاته، فإنه "في الأيام التي أعقبت تأكيده، تحدث هيغسيث ومسؤولون آخرون في الإدارة، بمن فيهم وزير الخارجية ماركو روبيو، مع نظرائهم في آسيا قبل أن يتصلوا بحلفاء رئيسيين في أوروبا. ورحّب ترامب في البيت الأبيض برئيسي وزراء الهند، التي تشترك في حدود متنازع عليها مع الصين، واليابان، حيث يوجد للولايات المتحدة ما يقرب من 60,000 جنديا هناك".
وقال رئيس مجلس الأمن القومي التايواني، جوزيف وو، في منتدى أمني رفيع المستوى في تايبيه، الخميس الماضي: "إن دعم إدارة ترامب لتايوان سيظل قويا جدا". مشيرا إلى أنّ: "المناصب الأمنية الوطنية الرئيسية في البيت الأبيض يشغلها مؤيدون لتايوان منذ فترة طويلة".
وأوضح التقرير: "بناء على الاتفاق القديم، فإن الولايات المتحدة ملتزمة بتقديم الدعم العسكري لتايوان. وتزعم الصين أن الجزيرة التي تحكم نفسها تابعة للأرض الصينية. وزادت المناورات العسكرية الصينية في السنوات الأخيرة من مخاوف سيطرتها بالقوة على الجزيرة".
"عبّر وزير الخارجية الفلبيني، إنريك مانالو، عن تفاؤله من تواصل الدعم الأمريكي، وذلك أثناء مشاركته في مؤتمر الأمن الذي انعقد في ميونيخ هذا الشهر، وقال: أعتقد أن الرسالة هي أن التزام الولايات المتحدة لا يزال قويا وأن التحالف الأمريكي- الفلبيني قوي"، وفق التقرير الذي ترجمته "عربي21".
وتابع: "تحدّت مانيلا إلى جانب دول أخرى في جنوب شرق آسيا، مزاعم الصين في بحر الصين الجنوبي، الذي يعد من أكثر ممرات الشحن ازدحاما في العالم، وربطت أمنها بشكل وثيق بالولايات المتحدة"، مشيرا إلى أن "الفلبين وبشكل دوري، تجري تدريبات عسكرية مشتركة، وسمحت للقوات الأمريكية باستخدام المزيد من القواعد العسكرية، إذ ينفق البنتاغون عشرات الملايين من الدولارات على بناء مدارج أكبر ومستودعات جديدة وتخزين الوقود والثكنات".
وأضاف: "خلال فترة ولاية ترامب الأولى، عزّز وزير الخارجية آنذاك، مايك بومبيو، التزام واشنطن بمعاهدة الدفاع المتبادل لعام 1951 بين البلدين. وطالما اشتبكت قوات خفر السواحل ومليشيات الصيد الصيني مع القوارب والمقاتلات الفليبينية، وكان آخرها في يوم الثلاثاء، عندما حلقت مروحية صينية مسافة لا تبعد إلا 10 أقدام عن مقاتلة صغيرة تحمل عناصر من خفر السواحل في الفلبين وبرفقة عدد من الصحافيين".
وأكّد: "أدانت الولايات المتحدة الحادث فوق جزيرة سكاربورو، وهي شعاب مرجانية استولت عليها الصين في عام 2012. وسرعان ما شارك خفر السواحل الفلبيني البيان على وسائل التواصل الاجتماعي"، متابعا: "مع ذلك، قال جوليو إس أمادور الثالث، الرئيس التنفيذي لشركة الاستشارات أمادور ريسيرتش سيرفيسز، الذي عمل في مكتب الرئيس الفلبيني في عامي 2017 و2018، إن التحركات الأخيرة التي اتخذتها واشنطن بشأن أوكرانيا أزعجت أجزاء من المؤسسة الأمنية في بلاده".
وقال: "في الخفاء، تجري محادثات تظهر بالفعل القلق". مردفا بأنّ "الدول الأخرى في جنوب شرق آسيا التي كانت أكثر حذرا بشأن الانحياز إلى الولايات المتحدة ربما تمر بنوع من لحظة: ألم أقل لك هذا؛ وإن التغيير في السياسة الأمريكية في أوروبا يشير إلى أن الدول الآسيوية يجب أن تتحمل مسؤولية دفاعها".
وفي ميونيخ، وصف وزير دفاع سنغافورة، نغ إنغ هين، التغيّر في صورة الولايات المتحدة "من المحرر إلى المعطل وصاحب العقار الذي يطالب بالإيجار"، وأضاف نغ الذي تقيم بلاده علاقات وثيقة مع بيجين وواشنطن أن: "التفوق الأمريكي أصبح الاعتبار الأكبر؛ وليس لأنها لم تكن كذلك، ولكنني أعتقد أنها أصبحت العنصر المستقطب في السياسة الخارجية، وحتى لو جاء هذا على حساب العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف".
أيضا، أثار التغير في السياسة الأمريكية، المخاوف من تغير المسار الأمريكي تجاه كوريا الشمالية. وكما هو الحال مع بوتين، أكّد ترامب أكثر من مرة على علاقته الشخصية القوية، مع شي، وزعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون.
وأبرز التقرير: "في ولايته الأولى التقى ترامب مع كيم ثلاث مرات اجتماعات مباشرة في عامي 2018 و2019، أدّت إلى وقف مؤقت للاختبارات الرئيسية للأسلحة في بيونغيانغ، لكنها لم تدفع كوريا الشمالية إلى نزع السلاح النووي. وانتقد كيم احتمالات إحياء المحادثات. وفي وقت سابق من هذا الشهر، تعهّدت وزارة الخارجية الكورية الشمالية بمواصلة تعزيز قوتها النووية، ووصفت جهود الولايات المتحدة لنزع السلاح بأنها: خطة عفا عليها الزمن وسخيفة".
وتريد سيول أن تظل منخرطة في دبلوماسية ترامب - كيم المستقبلية بشأن نزع السلاح المحتمل، لكن المسؤولين الكوريين الجنوبيين يعترفون بأنه قد يتم تهميشهم. وقال وزير الخارجية الكوري الجنوبي، تشو تاي يول مؤخرا: "يتعين علينا أن نكون جاهزين لأي سيناريوهات يمكننا تخيلها في التعامل مع التهديد الأمني من الشمال وأجزاء أخرى من المنطقة". وفي الوقت نفسه أكّد على "عدم وجود شكوك" حاليو بشأن التزام أمريكا بأمن بلاده.
وتعد
كوريا الجنوبية مكانا لأكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الخارج، ويتمركز فيها حوالي 28,500 عنصرا وجنديا أمريكيا. وأي تخفيض لعدد الجنود قد يسرع الدعوات داخل البلاد لبدء برنامج نووي محلي. فيما تحاول دول آسيا المتحالفة مع أمريكا فهم والتعامل مع خطط إدارة ترامب لزيادة التعرفات الجمركية.
وتضرّرت العديد منها، بما فيها تايلاند وفيتنام، بسبب تجميد الإدارة للمساعدات الخارجية. ووصف ترامب كوريا الجنوبية بأنها "آلة نقود" وقال إنه يريد أن تتحمل سيول جزءا أكبر من التكاليف العسكرية المشتركة لوجود القوات الأمريكية. واتّهم تايوان بأخذ أعمال أشباه الموصلات الأمريكية، وهو الادعاء الذي نفاه وو، رئيس مجلس الأمن القومي، يوم الخميس.
وقالت الزميلة في مركز دراسات السياسة الآسيوية التابع لمؤسسة بروكينغز في واشنطن، لين كوك، إنّ: "ترامب قد يرغب في نهاية المطاف في التوصل إلى تسوية اقتصادية مع الصين، وإنّ إعادة تحوله بشأن أوكرانيا يجب أن يدفع حلفاء أمريكا في المنطقة لإعادة النظر.
وقالت: "إذا كانت واشنطن مستعدة لإبرام صفقة مع بوتين على حساب أوروبا؛ فإن آسيا لا تستطيع إلا أن تسأل نفسها عما إذا كانت ستفعل الشيء نفسه مع شي على حساب آسيا".