قضايا وآراء

حاجة ملحة للمؤتمر الوطني الفلسطيني.. قيادة وطنية موحدة

يتبنى المؤتمر الوطني الفلسطيني رؤية تتبلور حول إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية بما يتناسب مع التغيرات التي شهدها الواقع الفلسطيني.. الأناضول
في وقتٍ حساس ومفصلي من تاريخ الشعب الفلسطيني، يشهد العالم حدثًا بالغ الأهمية في الدوحة بعد أيام قليلة، وهو انعقاد المؤتمر الوطني الفلسطيني تحت مظلة "إصلاح منظمة التحرير وقيادة موحدة للشعب الفلسطيني". هذا المؤتمر يأتي في وقت تزداد فيه الحاجة إلى توحيد الصفوف الفلسطينية، لتكون قوة واحدة قادرة على مواجهة الصعوبات والتهديدات التي تواجه الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، ويشمل ذلك الاحتلال الإسرائيلي، والأطماع الأمريكية في المنطقة، وأي محاولة لتصفية القضية الفلسطينية.

إن الحقيقة التي لا بد أن يدركها الجميع هي أن تحقيق التحرير لن يتم إلا من خلال موقف فلسطيني موحد وصلب ضد كل إملاءات التخلي والخذلان، وضد أي محاولة لتصفية قضيتنا أو تشتيتها.
يتبنى المؤتمر الوطني الفلسطيني رؤية تتبلور حول إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية بما يتناسب مع التغيرات التي شهدها الواقع الفلسطيني، ويضع نصب عينيه هدفًا رئيسًا وهو توحيد القوى الفلسطينية المختلفة، سواء كانت من الداخل أو من الخارج. ويستهدف المؤتمر بناء إطار موحد يعكس تطلعات جميع أبناء الشعب الفلسطيني في كل مكان، ويعزز من تمثيلهم على مختلف الأصعدة.

من ناحية أخرى، هناك مشروع آخر يمثله "المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج"، الذي دافع وما يزال يدافع عن حقوق فلسطينيي الشتات، مؤكدًا ضرورة أن يكون لهم تمثيل فعال في الهيئات الوطنية الفلسطينية. هذا المؤتمر يرى أن فلسطينيي الخارج يجب أن يكونوا جزءًا أساسيًّا في صناعة القرار الفلسطيني، لا من خلال الحق في التمثيل فقط، ولكن أيضًا من خلال الوقوف خلف المقاومة بوصفها حقًّا شرعيًّا لشعبنا، ودعم مساعي التحرير. هذا المشروع الذي بدأ في 2017 له ثوابت راسخة، وهو يؤكد أن المقاومة الشعبية والمسلحة هي السبيل لتحقيق الأهداف الوطنية، وأن التشتت الجغرافي يجب ألا يعرقل التضافر الفلسطيني في سبيل التحرير.

قد يظن بعض الناس أن هذين المشروعين يشكلان تباينًا أو تعارضًا، إلا أن الحقيقة خلاف ذلك. فكلا المشروعين يتكاملان، ويخدمان الهدف الأسمى: وحدة الصف الفلسطيني في الداخل والخارج. فالمؤتمر الوطني الفلسطيني في الدوحة يعكس الحاجة الملحة للتنسيق بين الفصائل والجهات الفلسطينية كافة، من أجل بناء قيادة موحدة تمثل الجميع وتكون قادرة على مواجهة العقبات السياسية والدبلوماسية، مع تعزيز وتنسيق العلاقة بين الداخل والخارج. في حين أن "المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج" يضع نصب عينيه تمثيل فلسطينيي الشتات، وتوثيق الروابط بينهم وبين فلسطين، مع تعزيز موقفهم بوصفه جزءًا لا يتجزأ من المعركة الوطنية، التي تشمل كل فلسطيني في أي مكان.

نحن بحاجة إلى قيادة موحدة تنبثق من إرادة شعبية حقيقية، تشمل الجميع وتستجيب لتطلعات الفلسطينيين في كل مكان، سواء في الداخل أو في الخارج.
في ظل تجاهل السلطة وقيادة منظمة التحرير الحالية لنداءات التوحيد والتنسيق بين القوى الفلسطينية، التي تعكس ضعفًا واضحًا في الاستجابة للحاجة الماسة لإصلاح الداخل الفلسطيني، يصبح من الضروري إرساء الأسس المناسبة للتعاون بين مختلف المشاريع الفلسطينية. هذا يأتي على الرغم من المحاولات المستمرة للإدارة الأمريكية ومواقف ترامب المتساهلة مع الاحتلال، والراعية له أيضًا، ويشمل ذلك الدعم الأعمى للمشاريع الاستيطانية، وهو ما يمثل تهديدًا مباشرًا لوجودنا الفلسطيني.

إذن لا بد من التعاون بين هذه المشاريع المتوازية والسعي لأن تكون متكاملة لا متعارضة، بل يجب أن تكون خطوة واحدة نحو توحيد الشعب الفلسطيني. فإن الجميع يعي أن المواقف الوطنية الفلسطينية يجب أن تكون موحدة في إطار مواجهة الاحتلال والتهديدات التي تستهدف القضية الفلسطينية. “إصلاح منظمة التحرير وقيادة موحدة” ليس مجرد شعار، بل هو ضرورة وطنية. و”المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج” يمثل هو الآخر ركيزة من الركائز الأساسية في عملية المقاومة الوطنية. نحن بحاجة لتنسيق المواقف وتعزيز الوحدة الوطنية التي تنبع من هذا التوجه الثابت.

إن الحقيقة التي لا بد أن يدركها الجميع هي أن تحقيق التحرير لن يتم إلا من خلال موقف فلسطيني موحد وصلب ضد كل إملاءات التخلي والخذلان، وضد أي محاولة لتصفية قضيتنا أو تشتيتها. نحن بحاجة إلى قيادة موحدة تنبثق من إرادة شعبية حقيقية، تشمل الجميع وتستجيب لتطلعات الفلسطينيين في كل مكان، سواء في الداخل أو في الخارج. لا بد أن يكون لدينا موقف واحد، قوي وراسخ، يؤكد تمسكنا بحقوقنا الوطنية والشرعية، ويقف في وجه أي محاولة لتقويضها. من خلال توحيد الصفوف، سنتمكن من تجاوز كل الصعوبات والتهديدات التي تحيط بنا، وسنستطيع أن نحقق الهدف الذي طالما حلمنا به: تحرير فلسطين بأسرها من الاحتلال، وإعادة الحقوق إلى أصحابها.