تتزايد التقديرات
الإسرائيلية التي تؤكد أن نهاية
الحرب في
غزة باتت قريبة، وبالتالي ينبغي تحديد
معالم اليوم التالي للحرب، لأنه إذا لم تقرر تل أبيب الشكل الذي ستكون عليه غزة،
فإنّ جهة أخرى ستحدده، ولن يكون مؤكدا أنه سيلبي الرغبة الإسرائيلية.
وأوضح
الكاتب الإسرائيلي أورن نهاري في مقال نشرته صحيفة "
يديعوت أحرونوت"
العبرية، أن "الحرب بدأت على أبواب غزة، وانتهت على ذات الأبواب"، مضيفا
أن "هناك شخصا واحدا سيقرر نتيجتها ولا يجلس في تل أبيب، بل في البيت الأبيض،
وهو الذي سيجيب على السؤال البسيط: من انتصر في الحرب؟".
وذكر
نهاري في المقال الذي ترجمته "
عربي21"، أن "هذا السؤال يعيد
الإسرائيليين للسؤال القديم الجديد، عمّن انتصر في حرب 1973"، معتقدا أنه
"من منظور عسكري بحت فقد انتصرت تل أبيب، التي اقتربت من القاهرة ودمشق أكثر
مما كان عليه عشية الحرب، وقتل من المصريين والسوريين أكثر مما قتلوا من
الإسرائيليين".
واستدرك
بقوله: "لكن في الحرب، المنتصر ليس من يقتل أكثر، بل من يستولي على الأرض، وهكذا
فإن مصر حققت أهدافها بإثبات قدرتها على عبور القناة، وضرب إسرائيل، وبعد سنوات
قليلة حققت هدفها الرئيسي باستعادة شبه جزيرة سيناء".
وذكر أن
"عبارة "النصر الكامل" التي رفعها القادة الإسرائيليون تثير
المشاكل، لأن الحرب الأخيرة التي تحقق فيها النصر الكامل هي الحرب العالمية
الثانية، وما حصل في هجوم حماس في السابع من أكتوبر أن دولة إسرائيل هُزمت، لأنه
لم يتم في أي حرب، بما فيها 1948، السيطرة أي مستوطنة يهودية من قبل الفلسطينيين،
حتى ولو لدقيقة واحدة، لكن ذلك حصل في السابع من أكتوبر، في ذلك اليوم الكارثي،
الذي سيتم التحقيق فيه بشكل أكبر، وستؤلف الكتب بشأنه".
وأكد أنه
"حتى نهاية الأجيال، عندما يتذكر الجهاديون، يوم السابع من أكتوبر، سيحتفلون،
وستحزن "إسرائيل"، وهذا مؤشر آخر على من انتصر، رغم أن الأمور أكثر
تعقيدا، فحرب غزة ليست حربًا واحدة، بل ثلاث حروب، أولاها، والأكثر أساسية، حرب إسرائيل
ضد حماس، والثانية حرب إسرائيل، بمساعدة حلفائها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، ضد
إيران ووكلائها حزب الله والحوثيون على رأسهم، وثالثها أن هذه الحرب جزء من الصراع
العالمي للمحور المعادي بقيادة الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية، الذي يريد
تفكيك الغرب".
وأوضح أن
"إسرائيل خرجت من الصدمة الأولية الرهيبة، وقاتلت مرة أخرى، وحققت إنجازات في
غزة، والأهم في الساحة الشمالية ضد حزب الله، الذي يشكل تهديدا أكثر خطورة على
المدى البعيد، وضد إيران في الغارات الجوية، لكن الواقع يقول إنه لم يكن النصر في
كل شيء من نصيب تل أبيب".
وأضاف أن
"نتيجة الحرب في غزة تعيد للأذهان كلام كلاوزفيتس، الجنرال البروسي المسنّ،
عندما قال إن "الحرب استمرار للسياسة بوسائل أخرى"، مما يؤكد أن تل أبيب
لم تعد قادرة على الاستمرار في الحرب، ولأن السياسة استمرار للحرب بوسائل أخرى،
يتعين على إسرائيل أن تحدد لنفسها ما سيحدث في غزة الآن، لأنه لا يوجد فراغ في
العالم، وحماس تجند مقاتلين جددا، ولذلك فلن يحقق النصر الكامل في غزة، ولن يتحول
الغزيون إلى مسالمين".
وأشار إلى
أن "إسرائيل تعرضت لضربة قاسية في السابع من أكتوبر، ستحمل ندوبها دوماً، وقد
تكبّدنا ثمن الحرب في غزة من خلال الجنود المعوقين، والأسر المفجوعة، والمختطفين،
والنازحين الذين يعيشون وسيعيشون في كوابيس، وكلفة الاقتصاد، وبالطبع التكلفة
السياسية والإعلامية".
وختم
بالقول إن "الإسرائيليين لم يتخيلوا أنفسهم في الثامن من أكتوبر 2023، أنه
بعد مرور عام ونصف، سيكونون في هذا الوضع، للأفضل أو الأسوأ، لأنهم لم يتوقعوا
استمرار الحرب كل هذا الوقت، ويقاتلوا على هذا العدد من الجبهات، والآن وقد أوشكت
الحرب، أو على الأقل هذا الفصل منها، على الانتهاء، كما هي الحال مع كل حرب في
التاريخ، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ماذا بعد؟ لأنه حان الوقت منذ وقت
طويل لمناقشة هذه القضية بشكل جدي، وإلا فإنه سيكون سهلا تشويه ما أنجزه الجيش من
عمليات عسكرية".