كتاب عربي 21

نتنياهو الذليل أمام ترامب

على الرغم مما واجه هذا المشروع من اعتراضات عليه، راح ترامب يتوهّم بأن الكل يؤيّده وموافق عليه، أو سيوافق عليه.. الأناضول
أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في لقائه نتنياهو دعوته للحلّ في قطاع غزة: وهو ترحيل سكانه إلى مصر والأردن، وأماكن أخرى، والسيطرة الأمريكية على القطاع، لإعادة تعميره، وتحويله إلى ريفييرا، شاطئا جميلا مزدهرا. ووصلت تصريحاته إلى إعلان تملك أرض القطاع أمريكيا، كما هو الحال لعدد من الأراضي في العالم، أصبحت ملكية أمريكية.

أما نتنياهو، وهو يستمع إلى هذا المشروع، فكان بمنظر الطالب المطيع المندهش، المؤيِّد له، وربما تصوّر،\ وهو يستمع إلى هذا المشروع، كما لو أنه انتصر في حرب غزة "انتصارا مطلقا".

ثمة ملاحظة في هذه التصريحات تتعلق بنتنياهو، لم تلفت الانتباه إليها. وذلك بالنظر إلى مختلف أبعاد مشروع ترامب، الذي حظي على إجماع دولي، في نقده، وعدم الموافقة عليه، وذلك من قِبَل كل حلفائه الأوروبيين، وغير الأوروبيين في العالم.

هذا ولم يُسمع أيضا، من دول عربية، تأييد له. بل عدم اعتراض عليه حتى لو كانت من جماعة دول التطبيع.

فترامب ومشروعه غرقا في العزلة الدولية السياسية، التي ليس لها من مثيل. بل حتى تصريحات المساعدين لترامب، كانت أغلبها تخفيفا، أو إيحاء بتغيير ما فيه. ولكن ليس دفاعا عنه بالكامل، أو اعتباره نهائيا، سيذهب إلى التطبيق، أبى من أبى، ورضي من رضي.

أما الملاحظة المتعلقة بنتنياهو، فكانت ابتلاعه وموافقته، على أن تَمتلِك أمريكا قطاع غزة. وذلك كما كل الأراضي التي تمتلكها في العالم.

ترامب ومشروعه غرقا في العزلة الدولية السياسية، التي ليس لها من مثيل. بل حتى تصريحات المساعدين لترامب، كانت أغلبها تخفيفا، أو إيحاء بتغيير ما فيه. ولكن ليس دفاعا عنه بالكامل، أو اعتباره نهائيا، سيذهب إلى التطبيق، أبى من أبى، ورضي من رضي.
الأمر الذي يعني أنه قبِل لأرض تُعد من ناحية المشروع الصهيوني، من أراضي "إسرائيل"، أن تُمتلك من قِبَل أمريكا. وهذا من المُحرّمات في الموقف المبدئي، في المشروع الصهيوني.

الأمر الذي يكشف المستوى المُذِّل، الذي كان عليه نتنياهو أمام ترامب. ويكشف مدى "مبدئية"، ومدى قناعة نتنياهو، وغيره كثيرون، بالأكذوبة التاريخية، التي استُخدمت لاغتصاب أرض فلسطين، التي هي للفلسطينيين وحدهم، وللعرب والمسلمين، (أمّة وعقيدة).

وعودٌ إلى مشروع ترامب، إذ من العجب، أن يخطر ببال عاقل طرحه، أصلا. والدليل الإجماع الدولي، وفي الأساس، من قبَل الدول الأوروبية، والدول التابعة لأمريكا والصهيونية، التي رفضت المشروع، وانتقدته علنا، وقد وصل الأمر من قِبَل كثيرين، إلى وصفه باللامعقول أو بالجنوني.

الأمر الذي يسمح، لمحلل سياسي بأن يذهب بعيدا، لمعرفة كيف يفكر هذا الرجل، وكيف سيقود الدولة الأمريكية الكبرى، من خلال هذا العقل الهوائي، وهذا المنطق الخارج على المعقول.

أيّ قيادة هذه، تطرح مشروعا "غير مقنع"، و"غير قابل للتطبيق"، ويذهب بهيبة أمريكا إلى الفشل، أو تمريغها بالطين.

ولكن على الرغم مما واجهَ هذا المشروع، من اعتراضات عليه، راح ترامب يتوهّم، بأن الكل يؤيّده، وموافق عليه، أو سيوافق عليه.

ومن ثم سيكون الحلّ الأمثل لقطاع غزة وسكانها، حتى بعد ما فعلته حرب الإبادة الوحشية الإجرامية المدانة، وحتى بعد ما حققته المقاومة الفلسطينية العسكرية، من انتصار في ردع الجيش الصهيوني، قتالا ميدانيا، طوال خمسة عشر شهرا، كما بعد صمود شعبي أسطوري، أمام حرب إبادة أمريكية- صهيونية، وبعد الزحف الشعبي الهائل، من الجنوب إلى الشمال، واحتفائه بالانتصار الذي مثّله اتفاق وقف إطلاق النار.