في
الوقت الذي تستعد فيه الحلبة السياسية الاسرائيلية، تتوجه الأنظار الى قادة
المعارضة، الذين أثبتوا طوال ثلاثة أعوام من عمر هذه الحكومة الفاشية أنهم لا يفكرون
خارج الصندوق، ولا يتحلّوا بعقول منفتحة، ولم يتحرروا من مفاهيم مستشاريهم
البالية، ولا يدركون عمق المشاكل، وبالتالي لا يعرفون كيفية تسويق خطورتها، أو
إيجاد الحلول الجذرية لها.
البروفيسور
دان بن دافيد معهد شوريش للبحوث الاجتماعية والاقتصادية، وأستاذ الاقتصاد بجامعة
تل أبيب، ذكر أن "النقطة المحورية في نقاشات الاسرائيليين تتعلق بالإجابة عن
سؤال ما إذا كانت الدولة ستبقى بعد بضعة عقود، في ضوء المعطيات المخيفة المحيطة
بها، ومن ذلك أن نصف أطفالها يتلقون تعليمًا من مستوى العالم الثالث، وفي غضون
بضعة عقود، لن يتمكنوا من الحفاظ على اقتصاد من مستوى العالم الأول، وبدونه لن
تمتلك جيشًا من مستوى العالم الأول ستحتاجه للدفاع عن نفسها ممن يهددونها،
ويحاولون تدميرها"
وأضاف
في
مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، وترجمته "عربي21" أن "المستشارين السياسيين لأحزاب المعارضة غير قادرين على التخلي عن شعارات
الماضي الجوفاء، لأنهم يعيشون في عالم سطحي، ويقدمون فيه المشورة، وعندما يتحدثون
عن تشكيل كتلة سياسية، يضعون في اعتبارهم أن على كل حزب شغل أكبر عدد من مقاعد
الكنيست على حساب الأحزاب الأخرى، ويأملون أن يحصل التكتل بأكمله، على الحد الأدنى
من المقاعد البالغ 61 مقعدًا اللازم لتحقيق الأغلبية في الكنيست، بدون أي حديث عن
الاستراتيجية".
اظهار أخبار متعلقة
وأوضح
أن "مستشاري قادة المعارضة يُجسّدون إحدى أكثر السمات إحباطًا في المجتمع
الإسرائيلي، وكأننا أمام متلازمة "سيكون كل شيء على ما يرام، القائمة
على مجرد تفكير حالم، لأنهم لم يتعلموا شيئًا مما حصل في عامي الحرب، مع أن مستقبل
الدولة يُقلِق عددًا لا بأس به من ناخبي أحزاب الائتلاف، وبدلاً من الخوف من أن وحدة
قادة المعارضة ستدفع فقط الأطراف اليمينية الدينية بعيدًا عن الكتلة الأخرى، وهنا يمكن
لأحزاب المعارضة أن تضع جانبًا الاختلافات بينها من أجل دورة الانتخابات القادمة
والمصيرية".
وأشار إلى أن "قادة المعارضة الاسرائيلية مطالبون بأن يظهروا أنهم يفهمون الخطر الوجودي
المستقبلي على الدولة إذا لم تؤدِّ الانتخابات القادمة لتغيير عميق في الأجندة
العامة، لأن التركيز العام المشترك على هذه القضايا، وعليها فقط، هو الخطوة الأولى،
أما الخطوة الثانية فهي تقديم حلول جذرية من شأنها إقناع الناخبين بأن المسار
الكارثي الذي تقع عليه الدولة ليس محفورًا على الحجر، بل يمكن تغييره، وإن حجر
الزاوية الأول هو أن الدولة، ذات أسوأ نظام تعليمي في العالم المتقدم، ستجري
تحولًا حقيقيًا في هذا المجال".
وأكد
أن "الخطوة الثالثة هي تغيير نظام الحكم، الذي يتمثل أحد أهدافه بمنع
الجماعات المتطرفة من السيطرة على مستقبل الدولة، وتدميرها، وصولا للخطوة الرابعة
المطلوبة بسنّ دستور يحدد اتجاهها الجديد، مع العلم أن تغيير نظام الحكم والدستور
ليسا هدفين في حدّ ذاتهما، بل وسيلة حاسمة لكسب الوقت للقيام بما هو مطلوب كي لا
تعود الدولة إلى السنوات الثلاث المروعة التي مرّت بها".
كما دعا
الكاتب قادة المعارضة "لتشكيل مجموعة تركيز مشتركة، والتعرف على مدى صدمة الجمهور
عندما يدركون حجم الجبل الجليدي الذي يعرفون حاليًا قمّته فقط، وتعطشهم للقادة
الذين يتوقفون عن القتال على كراسي سفينة "تيتانيك" الغارقة، لأنه في
الوقت المتضائل المتبقي حتى الانتخابات القادمة، يجب فرق مهنية مشتركة تضم أفضل
العقول في كل المجالات، وإعداد خطة عمل مشتركة، وعرضها على الجمهور الاسرائيلي،
والبدء بتشكيل المرشحين للكنيست، ممن ليسوا من بقايا الحقبة السياسية الفاسدة
والمبتزة من الماضي".
ويعتقد
قطاع واسع من الاسرائيليين أن ما مرّوا به من صدمة بفعل الحرب قد لا تتلاشى في
المستقبل، إن لم يتم استخلاص الدروس والعبر منها، وعلى رأسها إزاحة هذه الطبقة
السياسية الفاسدة: من الائتلاف والمعارضة على حد سواء، وإلا فلم تحدث التغييرات
الكبرى المأمولة، ولعل فترة ما قبل إجراء الانتخابات القادمة هي الوقت المهم للاستعداد
للمرحلة المصيرية لتطبيق خطة ما بعدها، وإلا فلن ينجح أحد بإعادة الدولة إلى مسار
مستدام، مما قد يزيد التساؤلات عن مستقبلها المجهول.