ملفات وتقارير

"التزام وطني" بتونس.. مبادرة موحدة أم إقصائية؟

خطوة تحتاج إلى انفتاح شامل لاستعادة الديمقراطية- الأناضول
خطوة تحتاج إلى انفتاح شامل لاستعادة الديمقراطية- الأناضول
اختلفت القراءات بتونس، حول ما طرحته مجموعة من الشخصيات السياسية، والحزب "الدستوري الحر"، وحركة "حق"، لمبادرة "التزام وطني"، والتي تطرح نفسها كبديل لأجل إحياء المشهد السياسي في ظل الركود والجمود القائم خاصة بعد قرارات 25 يوليو 2021.

وأكد القائمون على المبادرة، أن من أبرز أهدافهم فتح أبواب السجون أمام من احتُجزوا بذريعة الموقف السياسي، وتفكيك البنية التشريعية التي تتعارض مع الروح الدستورية، والعودة إلى التعددية والفصل بين السلطات لا إلى منطق الغلبة والإخضاع.

وأثارت المبادرة جملة من التساؤلات بخصوص قدرتها على توحيد صفوف المعارضة وبناء جبهة سياسية قوية وموحدة، والقطع مع منطق الإقصاء وبالتالي البقاء لا الاندثار.

وتعد المبادرة إضافة جديدة مع بقية المبادرات التي طرحت منذ 25 تموز/يوليو 2021، وكانت البداية مع حراك مواطنون ضد الانقلاب والذي انصهر في جبهة "الخلاص الوطني"، ثم مبادرة الشبكة التونسية لاسترجاع الحقوق والحريات والتي تضم القوى الديمقراطية التقدمية وهي مجموعة أحزاب ومنظمات يسارية.

مبادئ وأهداف
تنص وثيقة مبادرة "التزام وطني"، على مبادئ أساسية ترتكز أولا على السيادة الوطنية، واستقلال القرار الوطني ورفض كل أشكال الوصاية أو الارتهان للقوى الخارجية، وسيادة الشعب عبر انتخاب ممثليه في الحكم وفق انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، خاضعة لرقابة قضاء مستقل.

وتتمسك المبادرة بالنظام الجمهوري الديمقراطي القائم على مبدأ الفصل بين السلط والتوازن بينها، وترسيخ التعددية والتداول السلمي على السلطة، واعتماد حكم مدني قائم على حياد القوات المسلحة، وضامن لحرية الضمير والفصل بين الدين والعمل السياسي، ورفض كل أشكال العنف والتطرف، ووضع أسس نظام سياسي يهدف إلى بناء اقتصاد فاعل يخلق الثروة ويوزعها بصفة عادلة.

وتهدف أيضا إلى تنقية المناخ السياسي من خلال عدة آليات قانونية ممكنة ومنها إصدار قانون عفو تشريعي عام لفائدة جميع المعتقلات والمعتقلين من أجل عملهم السياسي أو المدني، وسجينات وسجناء الرأي وإطلاق سراحهم وعودة المغتربات والمغتربين قسرا.

وقال أستاذ القانون الدستوري آمين محفوظ (من أبرز الداعمين للرئيس سعيد ثم بات من أشد معارضيه): "تهدف المبادرة إلى وضع منظومة قانونية ودستورية تؤسس لنظام جمهوري قائم على على مبدأ الفصل بين السلطات ومنع الاستبداد".

وأكد في تصريح لـ"عربي21"، "المبادرة تضع القواعد الدنيا للعيش المشترك بين التونسيين من أحزاب سياسية ومجتمع مدني وشخصيات سياسية، ومطلقا لا يمكن القبول بالحكم الفردي المطلق بتونس"، مشددا "الشعب التونسي افتك حريته في 14يناير 2011، والمستقبل هو الديمقراطية لأجل التقدم".

اظهار أخبار متعلقة



خطوة للأمام ولكن!
وفي في تعليق على المبادرة المطروحة قال رئيس جبهة الخلاص أحمد نجيب الشابي: " لم نتناقش في الجبهة في الأمر ولكن شخصيا أعتبرها خطوة إلى الأمام من الانعزالية وسياسة الإقصاء والتهجم على المجتمع السياسي، إلى الانفتاح ولو جزئيا وهي علامة طيبة من الممكن أن تنتهي إلى مسائل إيجابية".

وأوضح في تصريح خاص لـ "عربي21" المبادرة يجب أن تتخلص من كل رواسب الانغلاق والإقصاء وأن تنفتح على كل المكونات التونسية لأن هدف الجميع واحد وهو استرجاع الديمقراطية للجميع".

وشدد "قلت خطوة للأمام ولم أقل خطوة في الاتجاه الصحيح لأن بلوغ ذلك يتطلب التخلي عن الاقصاء والانفتاح على الجميع، لأن سياسة التقسيم تحت أي عنوان لا طائل منها ".

بدوره قال الناطق الرسمي باسم حركة "النهضة" عماد الخميري: "كل مبادرة تضع البلاد في بوصلة عودة الديمقراطية نثمنها، ولكن نؤكد أن المبادرات يجب أن تتوفر فيها شروط وهي قدرتها على التجميع وأن لا تكون لها فيتوات وأن لا تحمل أمراض سابقة وهي الإقصاء".

وفي تصريح خاص لـ "عربي21"،شدد الخميري "الإقصاء وخاصة لنا كحركة "النهضة" مرض أعاق الحياة السياسية فنحن كحزب في الجبهة طرحنا مبادرة تجمع ولا تستثني أحدا وهدفنا توحيد الجميع لأجل وضع خارطة طريق تعيد الديمقراطية، وتطرح المشاكل الحقيقة على طاولة الحوار".

وأشار إلى أن "في الحركة نرى أن هناك بعض القوى السياسية مازالت مشدودة للماضي ولم تخرج من التقييم السلبي وهذا من المؤكد سيعيقها ولن يفتح أمامها أبواب استعادة الديمقراطية والحريات".

يشار إلى أن المبادرة ومن حيث النص لا تؤشر على وجود أي إقصاء "للنهضة" ولكن من حيث القائمين عنها وعلى الرغم من رفضهم تقديم إجابة واضحة وصريحة فإن الإقصاء قائم وواضح خاصة وأن الحزب الأبرز بالمبادرة هو الدستوري الحر الخصم الأبرز للنهضة ويرفض أي التقاء معها مهما كان.

نقائص وثغرات
وفي قراءة لنص المبادرة قال الصحفي المحلل زياد الهاني "في تقديري أن نص مبادرة "التزام وطني" جيد، وإن لم يتعرض إلى ضرورة الإسراع بإحياء الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري نظرا لأن حرية الإعلام هي البوابة الرئيسية لكل الحريات ولا يمكن الحديث عن أي حوار وطني وأي تصدّ لمنظومة الاستبداد دون إعلام حر ومؤسسات إعلامية عمومية مستقلة تحريريا".

ورأى في قراءة خاصة لـ "عربي21"، "عدا ذلك لا تعتبر المبادرة برنامج عمل سياسي لمواجهة متطلبات المرحلة، بقدر ما هي مجموعة من المبادئ التي تؤسّس لقاعدة عيش مشترك تكون موضوع دستور البلاد".

اظهار أخبار متعلقة



وتابع "حسب رأيي فالمطلوب الآن هو الانتقال إلى بلورة برنامج وطني مشترك لاستعادة المسار الديمقراطي ونحت ملامح تونس المستقبل التي يجب أن تكون دولتها قائمة على مبدأ الحق في المواطنة وحاضنة لكل التونسيات والتونسيين المؤمنين بدولة الحق والقانون والمؤسسات".

بدوره اعتبر الأستاذ الجامعي نور الدين الغيلوفي وفي تعليقه على المبادرة والقائمون عليها " أن أرحام الأموات لا تهب حياة، هؤلاء مسؤولون عن الأزمة الراهنة ولا يمكن أن يكون لهم دور في مستقل وطن طعنوه، شخصيات مأزومة تتحدّث بحديث لا قناعة لها به، يريدون أن يكونوا ديمقراطيين ولكنّ الديمقراطية هي حكم الشعب والشعب إذا خُيّر لم يخترهم".

وأكد "ستظل أزمة هؤلاء قائمة مادام في البلاد شعب لا يحمل قناعاتهم ولا يريد خياراتهم ويرفض خطابهم، يتحدّثون باسم دولة اختارت منذ بدء قيامها أن تسير في طريق موازية لطريق الشعب التونسيّ" لافتا، "هؤلاء ليسوا ديمقراطيين ولا علاقة لهم بالشعب الذي أنجز ثورة تآمروا على طعنها وأقام ديمقراطية وأدوها ليستأنفوا استئصالا جعل من تونس بلدا عقيما".
التعليقات (0)

خبر عاجل