قالت صحيفة "تايمز أوف
إسرائيل" إن شخصا يدعى حسام الأسطل، وهو عضو سابق في أجهزة الأمن التابعة للسلطة
الفلسطينية، زعم تشكيل جماعة مسلحة تعمل ضد حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في خانيونس جنوب القطاع، وتحديدا في محيط قرية كيزان النجار التي أُخليت من سكانها خلال الحرب.
وأوضحت الصحيفة أن الأسطل، البالغ من العمر 50 عاما، صرح بوجود "تنسيق" مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وأنه سيتم قريبا الاعتماد عليها في توفير الكهرباء والماء، كما أشار إلى امتلاك جماعته أسلحة للدفاع عن نفسها، مؤكداً حصولها على تمويل من الولايات المتحدة وأوروبا ودول عربية لم يحددها.
وأشارت الصحيفة إلى أن حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي نشرت صوراً للأسطل واتهامات له بالتعاون مع إسرائيل، فيما أكد بنفسه وجود تواصل بينه وبين جماعات مشابهة مثل تلك التي أسسها ياسر أبو شاب في رفح تحت إشراف الاحتلال.
اظهار أخبار متعلقة
من جانبه، أوضح الصحفي أسامة الشاتي في تغريدة عبر منصة "إكس" أن حسام عبد المجيد الأسطل، الذي أعلن مؤخراً تشكيل جماعة مسلحة في خانيونس بدعم إسرائيلي، ليس سوى عميل قديم للموساد الإسرائيلي منذ عام 1996، وضابط سابق في جهاز الأمن الوقائي.
وقال الشاتي إن الأسطل هو المتورط في اغتيال المهندس الشهيد فادي البطش في ماليزيا عام 2016، حيث اعتقلته وزارة الداخلية في
غزة بعد عودته عام 2022، وحكمت عليه بالإعدام بعد اعترافه بمهامه التي نفذها لصالح الاحتلال. وأضاف أن الأسطل هرب من السجن عقب قصفه في بداية الحرب، ليلتحق بمليشيات ياسر أبو شباب التي تعمل بالتنسيق مع الاحتلال.
في سياق متصل، نشر موقع "فلسطين كرونيكل" تقريرًا يتناول تكتيكا جديدا تستخدمه دولة الاحتلال في عدوانها على غزة، يتمثل في دعم مليشيات إجرامية مرتبطة بالقاعدة وتنظيم الدولة تحت اسم "القوى الشعبية"، مشيرًا إلى أنّ هذه المجموعات، بقيادة ياسر أبو شباب، وتضم قتلة ومهربين ومجرمين تم الإفراج عنهم بعد قصف السجون في غزة؛ حيث جرى استغلالهم لمهاجمة المقاومة الفلسطينية ونهب المساعدات الإنسانية.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن هذه العصابات المسلحة والمدعومة من "إسرائيل" تنشط منذ أكثر من عام، وتُستخدم لقتال حماس ونهب المساعدات، وقد نشرت صحيفة "هآرتس" تقريرًا هو الأول من نوعه الذي ينقل شهادات لجنود وضباط حول حجم هذه الأنشطة.
وتنفذ "القوات الشعبية" عمليات واسعة ضد فصائل المقاومة داخل القطاع المحاصر بالتنسيق المباشر مع جيش الاحتلال، وذكر أحد القادة الإسرائيليين أن هذه المليشيات تذكّره بمجزرة صبرا وشاتيلا، حين دعمت "إسرائيل" مليشيات الكتائب الفاشية في لبنان لارتكاب مذابح بحق اللاجئين الفلسطينيين سنة 1982.
وأشار الموقع إلى أن الجنود الذين تحدثوا إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية عبّروا عن قلقهم من عواقب دعم هذه العصابات المتطرفة؛ خشية تحميل الضباط الإسرائيليين المسؤولية في حال ارتكبت مجازر بحق المدنيين، مؤكدين أن هذه المليشيات خارجة عن السيطرة.
ولا تعد هذه الاستراتيجية جديدة على جيش الاحتلال، فقد دعموا، كما ذكرنا، المليشيات الفاشية اللبنانية خلال الحرب الأهلية اللبنانية واستخدموها ضد الفلسطينيين والجماعات اليسارية داخل البلاد.
اظهار أخبار متعلقة
وقد طبق الإسرائيليون إستراتيجية مشابهة في سوريا؛ حيث أفادت وكالة "رويترز" أن "إسرائيل" تمول حاليًا نحو 3000 مقاتل درزي انفصالي في محافظة السويداء جنوب سوريا، وقد أنشأوا غرفة عمليات مشتركة مع جيش الاحتلال خلال مواجهاتهم مع عشائر البدو وقوات الحكومة، وسط اتهامات بارتكاب جرائم ضد المدنيين البدو.
وأكد الموقع أن الوضع في غزة أكثر خطورة، إذ تتعاون وسائل إعلام غربية مع هذه المليشيات المرتبطة بتنظيم الدولة لترويج رواية زائفة بأنها حركة شعبية مناهضة لحماس، رغم أن "القوات الشعبية" تضم قتلة ومغتصبين ومهربين ومتشددين تكفيريين، بعضهم من عناصر القاعدة وتنظيم الدولة، وآخرون من عناصر فاسدة كانت تعمل سابقًا في أجهزة أمن السلطة الفلسطينية.
وقد بدأت "إسرائيل" تشكيل هذه العصابات عبر قصف منهجي للسجون ومراكز الشرطة في غزة، ما أدى إلى إطلاق سراح مجرمين، بينهم أبو شباب، الذي شكّل لاحقًا نواة هذه المليشيا، مما يسلط الضوء على أن هؤلاء المجرمين يُعتبرون خونة من قبل المجتمع الفلسطيني، حتى من قبل أنصار فتح المعارضين لحماس، ويُنظر إليهم كأكثر الجماعات كراهية في غزة، لدرجة أن الاحتلال الإسرائيلي قد يحظى بتأييد أكبر منهم.
غير أن وسائل الإعلام الغربية تصور هؤلاء المجرمين على أنهم قوة معارضة حقيقية لا منازع لها، فقد نشرت صحيفة وول ستريت جورنال في 24 تموز/ يوليو مقالًا بعنوان "سكان غزة سئموا من حماس"، يُزعم أنه كتب بواسطة أبو شباب، رغم أنه لا يتقن الإنجليزية وأمِّيٌّ لا يعرف حتى كيفية كتابة العربية، ما يثير شكوكًا حول مصداقية المقال.
وأشار الموقع إلى أنه عكس الدعاية السخيفة التي تبثها وسائل الإعلام الغربية، فإن صعود أبو شباب كان جزءًا من خطة إسرائيلية مدروسة لتسهيل إبادة المدنيين في غزة، بعد فشل محاولات سابقة لتوظيف مليشيات لنهب المساعدات ومحاربة حماس.
وقد بدأت "إسرائيل" تدريب مليشيا أبو شباب بشكل صحيح في جنوب شرق غزة بعد اجتياح رفح في منطقة خاضعة لسيطرتها، ثم سمحت لهم بنهب المساعدات وتخزينها، ثم بيعها في السوق السوداء بأسعار باهظة، ما أدى إلى تجويع أفقر سكان غزة.
وذكرت منظمات إنسانية أنها اضطرت لدفع 4000 دولار لكل شاحنة مساعدات لتجنب النهب، ومع ذلك كانت تُنهب أحيانًا دون قدرة على منع ذلك.
وأوضح الموقع أن هذه الاستراتيجية السادية سمحت للإسرائيليين بالادعاء بأن المساعدات يتم نهبها، ليس من قبل رجال أبو شباب الذين تحت سيطرتهم، بل من قبل حماس. وقد أشارت الأمم المتحدة إلى أبو شباب باعتباره زعيم هذه العصابات في مذكرة داخلية العام الماضي، قبل أن يعترف زعيم العصابة بنفسه بنهب المساعدات، لكنه حاول أن يظهر الأمر كما لو أنه فعل ذلك بدافع الضرورة، وهي كذبة ثبت زيفها.
وبعد انتهاك "إسرائيل" لوقف إطلاق النار في آذار/ مارس، ظهرت مليشيا أبو شباب المرتبطة بتنظيم الدولة بشكل جديد حيث انتشرت صور لعصابته وهم يرتدون معدات عسكرية إسرائيلية ويحملون أسلحة، مع شارات فلسطينية.
وبدأ دورهم يتطور في هذه المرحلة؛ حيث أصبحوا ينسقون مع ما يسمى ببرنامج مؤسسة غزة الإنسانية، وكان من المقرر أن يكلفوا بإدارة معسكر اعتقال محاط بسياج للسكان المدنيين في غزة، مع استمرارهم في نهب المساعدات والتلاعب بالسوق السوداء.
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف الموقع أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستخدمهم أيضًا في مهام استطلاع وقتال خطيرة لتقليل خسائره البشرية، بينما يختبئ جنوده في مناطق محصنة ومركبات مدرعة، وتنشط هذه المليشيات بشكل أساسي في رفح وخان يونس، كما تم الإبلاغ عن قيامهم بالاعتداء على المدنيين في منطقة المواصي، وتهاجم المستشفيات وتنهب الإمدادات.
وذكرت صحيفة "إسرائيل هيوم" أن "إسرائيل" تسعى لتكرار النموذج في حي الشجاعية شمال غزة، عبر تعيين حسام عبد المجيد الأسطل، الضابط السابق في أمن السلطة، لقيادة مليشيا جديدة معادية لحماس.
ويخضع هؤلاء المتعاونون الفلسطينيون لسيطرة إسرائيلية مباشرة، كما أكدت ذلك صحيفة "هآرتس"، كما يتم تمويلهم وتسليحهم من قبل الإسرائيليين، وفقًا لما اعترف به بنيامين
نتنياهو نفسه.
ورغم أن حماس خاضت معارك تاريخية ضد القاعدة وتنظيم في غزة، وسحقت شبكاتهم الإجرامية، فإن الإسرائيليين يدعمون علناً هؤلاء المسلحين المتشددين إلى جانب رفاقهم من أباطرة المخدرات.
وختم الموقع بأن حماس نشرت ما يُعرف بقوة "سهم" ردًا على ذلك، وهي مجموعة من عناصر الشرطة والأمن السابقة، لملاحقة المتعاونين، حيث يُعدمون بعد القبض عليهم، مما يعني أنه في حال التوصل إلى هدنة، فلن يكون أمام "القوات الشعبية" سوى خيارين: الفرار إلى سيناء أو مواجهة الإعدام.