أثار إعلان وزارة الداخلية السورية عن إلقاء
القبض على خلية تابعة لحزب الله اللبناني في ريف دمشق الغربي، علامات استفهام بشأن
استمرار وجود الحزب في
سوريا، وذلك على الرغم من توجه الحكومة السورية إلى
"تجاوز الجراحات" الناجمة عن مساندة الحزب للنظام البائد.
وقال قائد الأمن الداخلي في محافظة ريف دمشق،
اللواء أحمد الدالاتي: "تمكنت الوحدات المختصة، بالتعاون مع جهاز الاستخبارات
العامة، وبعد متابعة دقيقة وعمل ميداني مكثف، من القبض على خلية تابعة لميليشيا
الحزب كانت تنشط في بلدتي سعسع وكناكر بريف دمشق الغربي، وأظهرت التحقيقات الأولية
أن أفراد الخلية تلقوا تدريبات في معسكرات داخل الأراضي اللبنانية، وكانوا يخططون
لتنفيذ عمليات داخل الأراضي السورية تهدد أمن واستقرار المواطنين".
من جهته، نفى
حزب الله اعتقال عناصر يُزعم
انتمائهم إلى الحزب في ريف دمشق، وقال في بيان رسمي "ليس لدى الحزب أي تواجد
ولا يمارس أي نشاط على الأراضي السورية".
يأتي ذلك، بعد أيام من إشارة الرئيس السوري إلى
أن دمشق فضلت عدم الرد على "اعتداءات" حزب الله في سوريا، رغم أن الرد
يحظى بـ"مباركة دولية".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف الشرع أن سوريا "تنازلت عن الجراح
التي تسبب بها حزب الله، وأنها ترغب في فتح صفحة جديدة بيضاء مع لبنان تقوم على
الاحترام المتبادل والتعاون المشترك".
استمرار نشاط "حزب الله" في سوريا
ويؤكد الباحث في الشؤون الأمنية والعسكرية نوار
شعبان، أن إلقاء القبض على الخلية لا يدع مجالاً للشك بأن الحزب لا زال ينشط ويعمل
في سوريا.
ويضيف لـ"
عربي21" أن "الإرث
الأمني لحزب الله في سوريا ضخم، بسبب العمل في سوريا لسنوات طويلة تحت غطاء الدولة
(النظام السابق)، وهذا يعني أن خطر الحزب في سوريا لا زال قائماً".
وبذلك، يشير شعبان إلى حاجة سوريا إلى تعزيز
قوة الاستخبارات لجمع المعلومات، من أجل تنفيذ مثل هذه العمليات، معتبرا أن على
الدولة السورية "التعامل بجدية مع خطر الحزب".
وعن حديث الرئيس السوري الذي يخص "تجاوز
أخطاء الحزب في سوريا"، يقول: "إن تجاوز الأخطاء لا يعني عدم ملاحقة كل
المتورطين بالدم السوري".
خلايا نائمة
بدوره، أشار الخبير العسكري والاستراتيجي
العميد عبد الله الأسعد، إلى وجود عدد كبير من
الخلايا النائمة التي تتبع لحزب
الله في سوريا، وخاصة في المناطق الوسطى والغربية.
وأضاف لـ"
عربي21"، أن عناصر الحزب
السوريين لا زالوا يملكون مفاتيح التواصل مع الحزب في لبنان، ما يعني استمرار خطر
حزب الله في سوريا، رغم توجه دمشق لفتح صفحة جديدة مع لبنان بكل أطرافه.
اظهار أخبار متعلقة
وبحسب الأسعد، فإن قوات الأمن السوري نجحت إلى
حد بعيد في ضبط العديد من عمليات تهريب شحنات الأسلحة نحو لبنان، مختتماً:
"رغم أن حزب الله صار من الماضي في سوريا، إلا أن خطره لم ينته بعد".
في السياق ذاته، لم يستبعد المحلل السياسي
والمختص في الشؤون الأمنية ضياء قدور، أن تكون الخلية تتبع لـ"مجموعة أولى
البأس" الإيرانية، مؤكداً في تصريحات له أن "إيران تحاول إعادة نشاطها
في سوريا".
إشارة إلى لبنان
أما الباحث بالشأن السوري أحمد السعيد، يقرأ في
توقيت الإعلان عن الخلية من دمشق، إشارة من دمشق إلى لبنان، بضرورة التحرك الرسمي
لكف الحزب عن التدخل بالشأن السوري.
وفي حديثه لـ"
عربي21"، يلفت إلى
المباحثات الرسمية التي تجري بين سوريا ولبنان، ويقول: "دمشق تريد الابتعاد
عن مواجهة عسكرية مع الحزب، ولذلك هي تطلب تحرك الدولة اللبنانية للانتهاء من
التدخلات عبر الحدود، ما يمهد لبناء علاقة قائمة على الاحترام المتبادل وحسن
الجوار".
على الصعيد الرسمي اللبناني، يشير الصحفي
اللبناني يوسف دياب، إلى غياب المعلومات الرسمية التي تؤكد وجود حزب الله في
سوريا، ويقول لـ"
عربي21" إن "الحزب أعلن عن خروجه من سوريا منذ
سقوط النظام".
ويستدرك بقوله: "لكن المنطق يقول إن للحزب
الكثير من المخازن السرية والملاجئ، وخاصة في جنوب سوريا حيث كان الحزب يعد العدة
لإنشاء مقاومة ضد "إسرائيل" هناك".
مسؤوليات على الدولة اللبنانية
وبحسب دياب، فإن من المرجح أن تكون الخلية
المعتقلة كانت بصدد التحضير لعملية باتجاه الاحتلال، قد تستدرج رداً سوريا، وقال:
"قد يكون كل ذلك ضمن مخطط لتوريط سوريا الجديدة، رغم أن الأخيرة أعلنت ليست
بحالة حرب مع أي دولة، وبذلك فالأمر يتوقف على تحقيقات السلطات مع عناصر الخلية".
واعتبر الصحفي اللبناني أن اعتراف عناصر الخلية
بارتباطهم بالحزب، قد يُرتب مسؤوليات على الدولة اللبنانية، وقد يزيد من حرجها،
وخاصة أنها تعاني من صعوبة في ملف سلاح حزب الله.