سياسة عربية

صحيفة: البنك العربي في لبنان يفرض سياسات جديدة تمنحه مراقبة عملائه

البنك العربي يوسع صلاحياته في تتبع بيانات العملاء بذريعة السياسات الأمنية- جيتي
البنك العربي يوسع صلاحياته في تتبع بيانات العملاء بذريعة السياسات الأمنية- جيتي
كشفت صحيفة الأخبار اللبنانية أن "البنك العربي" الذي يتخذ من الأردن مقراً رئيسياً، وله فروع عدة في العالم، بما فيها فلسطين المحتلة٬ يطلب من عملائه في لبنان التوقيع على إشعار جديد يتعلق "بسياسات الخصوصية"، يمنح المصرف صلاحيات واسعة لجمع بيانات شديدة الحساسية ومشاركتها مع جهات داخلية وخارجية غير محددة، في خطوة وُصفت بأنها "اجتياح كلي للفرد"، وسط تساؤلات عن خلفيات سياسية وأمنية لهذه السياسة الجديدة.

وبحسب تقرير الأخبار، يُعرض على عملاء البنك مستند بعنوان "إشعار بيانات الخصوصية والموافقة عليه"، باعتباره تحديثاً لسياسات الخصوصية، لكن التوقيع عليه يمنح المصرف "وكالة مفتوحة" للتجسس على العميل بجمع معلومات تمتد من البيانات التقليدية إلى تفاصيل دقيقة تشمل الموقع الجغرافي، وبصمة الوجه والصوت، ودوائر العلاقات الاجتماعية، ووسائل التواصل الاجتماعي، وحتى ميوله السياسية.

اظهار أخبار متعلقة


بيانات من كل زاوية.. ومشاركة بلا سقف
وقالت الصحيفة إنها تطلعت على نسخة من الإشعار، وتكشف عن نية المصرف جمع معلومات عن الشهود، وأفراد الأسرة، وجهات الاتصال في حالات الطوارئ، والأوصياء، بالإضافة إلى عناوينهم وتوقيعاتهم وعلاقتهم بالعميل. 

كما يشير إلى جمع بيانات إلكترونية مثل عنوان الـIP والبصمات الرقمية للمستخدمين، والصور والصوت الملتقط عبر كاميرات المراقبة، والملفات التي تتعقب الاستخدام عبر الإنترنت (Cookies)، والموقع الجغرافي، وتاريخ الزيارات للفروع، واستخدام أجهزة الصراف الآلي، إضافة إلى كافة المعاملات المالية وتفاصيلها.

ويمنح الإشعار المصرف صلاحية مشاركة هذه البيانات مع عشرات الجهات، من بينها مصرف لبنان، السلطات الحكومية، وكالات منع الاحتيال، البنوك المراسلة، جهات رقابية، و"سلطات خارجية" لم تُسمّها، ما يفتح الباب أمام مشاركة المعلومات مع أجهزة أمنية وربما استخباراتية خارجية. وفقا للصحيفة.

لا حد زمنياً للاحتفاظ بالبيانات
وبحسب الإشعار، يحتفظ المصرف بهذه البيانات طوال مدة العلاقة مع العميل، بل وحتى "للوقت الذي يراه ضرورياً للامتثال للقوانين"، من دون تحديد مدة أو ضمانات للإتلاف.

والأسوأ، وفقا للصحيفة، أن المصرف يحتفظ بحق تعديل الإشعار في المستقبل من دون الرجوع إلى العميل، ما يعني توسيع دائرة الصلاحيات تلقائياً.

وبحسب الخبراء  فإن أحد أخطر البنود التي أوردتها الصحيفة هو سماح الإشعار للمصرف بجمع معلومات "بشكل غير مباشر" من وسائل متعددة، من ضمنها وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يعني إمكانية الوصول إلى المراسلات والميول السياسية وطبيعة التفاعلات والعلاقات الافتراضية للعميل.

وتطرح صحيفة الأخبار أسئلة خطيرة في هذا السياق، أبرزها: هل سيتم تصنيف العملاء بناءً على مواقفهم السياسية؟ هل يُعتبر التأييد للمقاومة مثلاً "دعماً للإرهاب" وفق المعايير التي قد تعتمدها جهات خارجية؟ ومن يضمن ألا تُنقل هذه البيانات لجهات تسعى لتضييق الخناق على فئات اجتماعية أو سياسية محددة في لبنان والمنطقة؟

اظهار أخبار متعلقة


خروقات قانونية فاضحة
على المستوى القانوني، استند "البنك العربي" إلى قانون المعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي (رقم 81/2018)، إلا أن الخبراء القانونيين يرون أن الإشعار يتجاوز حتى هذا القانون المثير للجدل، والذي يُعد من أضعف القوانين في حماية الخصوصية، وفق تقييم المختصين.

أوضح المحامي بيار خوري، المتخصص في قوانين تكنولوجيا المعلومات،  للصحيفة أن الإشعار "يمثل خرقاً كبيراً لمبدأ الغاية القانونية"، إذ لا توجد ضرورة وظيفية مصرفية لتحديد مكان العميل الجغرافي أو طبيعة علاقاته العائلية. 

كما أشار إلى مخالفة فاضحة في جمع بيانات تخص طرفاً ثالثاً من دون موافقته، فضلاً عن مخالفة في صيغة "السلطات الخارجية" غير المحددة، ما يضرب مبدأ الشفافية في القانون.

كما انتقد خوري ادّعاء المصرف توافق سياساته مع "اللائحة الأوروبية العامة لحماية البيانات" (GDPR)، مؤكداً أن الإشعار يخالف هذه اللائحة في أكثر من موضع، أبرزها حق العميل في معرفة من يتلقى بياناته، ومدة الاحتفاظ بها، وحصر جمعها من الشخص المعني فقط.

أمريكا والتجسس عبر "السوشال ميديا"
وفي سياق موازٍ، لفتت الأخبار إلى أن وزارة الخارجية الأمريكية أصدرت مؤخراً قراراً يلزم المتقدمين للحصول على تأشيرات دراسية (F أو M) بفتح إعدادات الخصوصية لحساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، لتحويلها إلى عامة (Public)، بما يسمح بمراقبة نشاطاتهم وميولهم.

وترى الصحيفة أن هذا القرار يعكس التوجه العالمي نحو "رقمنة الرقابة"، وفرض مجتمع رقابي شامل يجعل من البيانات الشخصية، وما ينشره الأفراد على الإنترنت، مؤثراً في حرياتهم وسفرهم وحتى مستقبلهم المهني، لافتة إلى أن "فيسبوك" و"ميتا" تحولا إلى أدوات مراقبة عابرة للحدود، تديرها الإدارات الغربية، وعلى رأسها واشنطن.

تختم الأخبار بالتحذير من تحول المصارف في لبنان إلى أدوات "تفييش سياسي وأمني"، وسط تساؤلات حول الجهة التي ستلحق بـ"البنك العربي" في تبني هذه السياسات المثيرة للجدل. وفي ظل الغياب التام للرقابة الحكومية والمحاسبة القانونية، فإن العميل هو الحلقة الأضعف، والمستهدف الأول. 
التعليقات (0)

خبر عاجل