أعلنت إدارة
مهرجان قرطاج الدولي في
تونس عن
إلغاء عرض الفنانة الفرنسية إيلين سيغارا، الذي كان مبرمجًا ضمن فعاليات
الدورة التاسعة والخمسين، في خطوة اعتُبرت انتصارًا جديدًا لحملات مقاطعة التطبيع
الفني، وتأكيدًا على ثبات الموقف التونسي الرسمي والشعبي في دعم القضية الفلسطينية
ورفض أي تواطؤ ثقافي مع الاحتلال الإسرائيلي.
وجاء في البيان: "تُعلم إدارة مهرجان قرطاج الدولي أنّه
تقرّر العدول عن برمجة عرض إيلين سيغارا ضمن فعاليات الدورة التاسعة والخمسين
للمهرجان”، مضيفًا أن “إدارة المهرجان تؤكد التزامها بموقف تونس الثابت في نصرة
الشعب الفلسطيني الشقيق من أجل استرداد حقوقه كاملة وإقامة دولته المستقلة
وعاصمتها القدس الشريف".
سيغارا في مرمى الاتهام بالتطبيع
تُعرف الفنانة الفرنسية إيلين سيغارا، التي
حققت شهرة واسعة في تسعينيات القرن الماضي، بمواقف أثارت جدلًا في الأوساط
العربية، إذ يتهمها ناشطون بالصمت على الجرائم الإسرائيلية وتأييد روايات
الاحتلال، وسبق أن شاركت في فعاليات يُشتبه بعلاقتها بأوساط صهيونية.
وقد أثار إعلان مشاركتها في مهرجان قرطاج
موجة غضب واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، رُفعت خلالها مطالبات بإلغاء عرضها
باعتباره “خرقًا تطبيعيًا” لا يليق بتاريخ المهرجان الوطني العريق.
موقف رئاسي داعم للثقافة السيادية
وجاء قرار الإلغاء متماهيًا مع تصريحات
للرئيس التونسي قيس سعيّد، الذي شدد مساء الثلاثاء خلال استقباله وزيرة الشؤون
الثقافية أمينة الصرارفي، على أن: "الثقافة من قطاعات السيادة، وليست مهرجانات أو معارض موسمية، ويجب أن تتنزّل
كلّ تظاهرة ثقافيّة أو فنيّة في إطار قضايا الحرية والتحرر، لا في تونس فحسب، بل
في العالم كله".
وأشار سعيّد إلى أن مهرجانات كبرى مثل قرطاج
والحمامات والجاز بطبرقة، كانت منذ تأسيسها فضاءات للارتقاء بالفكر والإبداع
وملتقى للمناضلين من أجل الحرية.
وأضاف: "هذه المهرجانات يجب أن تبقى ساحات
إبداع ونضال من أجل قضايا التحرر، ولا تُفتح أبوابها إلا لمن يتبنّى الفكر الحرّ
ويتصدّى لمن لا همّ له سوى المال ولا يراعي أي قيمة إنسانية".
كما أكد على ضرورة توظيف الثقافة لنشر الفكر
الوطني الحرّ، ومواجهة كل أشكال التطرف والجمود الفكري، بالإضافة إلى مضاعفة
الجهود لاسترجاع الآثار المنهوبة.
فلسطين في صدارة البرمجة
وإلى جانب قرار إلغاء عرض سيغارا، أكدت
إدارة المهرجان أن الدورة الحالية ستشهد عروضًا مخصصة لفلسطين وشعبها، منها:
ـ عرض الافتتاح "قاع الخابية"
للموسيقار محمد القرفي، الذي يوثّق تاريخ دعم تونس لفلسطين.
ـ عرض "بساط أحمر 2" لرياض
الفهري، المهداة لأطفال رام الله.
ـ مشاركة الفنانة الفلسطينية ناي البرغوثي
في عرض "تخيل روحك تسمع".
ـ حفلات للفنانين الفلسطينيين محمد عساف
وسانت ليفانت (Saint Levant)،
المعروفين بتوثيق جرائم الاحتلال في أعمالهما الفنية.
رسالة شعبية لا لبس فيها
اختتمت إدارة المهرجان بيانها بتوجيه الشكر
للجمهور التونسي على تفاعله ودعمه الثابت للحق الفلسطيني، قائلة: "هذا التفاعل يجعل من تونس وشعبها
مفخرة بين الشعوب والأمم".
ويُنظر إلى القرار باعتباره تتويجًا للوعي
الشعبي الراسخ في تونس بمركزية القضية الفلسطينية، ورسالة صريحة بأن المجال
الثقافي ليس ساحة للتطبيع، بل جبهة من جبهات التحرر.