في خطوة رمزية أثارت جدلاً واسعاً، استولى نشطاء من منظمة "غرينبيس"
البيئية على
تمثال شمعي للرئيس الفرنسي إيمانويل
ماكرون من متحف "غريفان" الشهير في قلب العاصمة باريس، احتجاجاً على ما وصفوه بـ"فشل متكرر" للرئيس في التعامل مع أزمة المناخ.
وأكدت "غرينبيس" في بيان رسمي أن العملية لم تكن تخريبية، بل جاءت بهدف لفت الأنظار إلى "الهوة العميقة بين الخطاب البيئي الذي يعلنه ماكرون وقراراته الفعلية الداعمة للشركات الكبرى المسببة للتلوث"، وفق تعبير البيان.
وأضافت المنظمة أن "استعارة التمثال الشمعي لماكرون ترمز إلى أن وجوده في هذا الصرح الثقافي غير مستحق طالما لم ينهِ العقود الفرنسية مع
روسيا ولم يقد تحولاً بيئياً حقيقياً على المستوى الأوروبي".
وبحسب ما نقلته وكالة "رويترز" عن متحدث باسم المنظمة، فقد تسلل النشطاء إلى المتحف متظاهرين بأنهم زوار، قبل أن يتوجهوا مباشرة إلى قاعة العرض التي يوجد فيها تمثال الرئيس.
ووفق مصدر أمني تحدث لوكالة "فرانس برس"، فقد بدل النشطاء ملابسهم داخل المتحف، ثم غطوا التمثال ببطانية وقاموا بسحبه إلى الخارج عبر مخرج الطوارئ.
اظهار أخبار متعلقة
إدارة المتحف: ندرس الخيارات القانونية
من جهتها، أكدت إدارة متحف "غريفان" وقوع الحادثة، مشيرة إلى أن التمثال نُزع من مكانه "بطريقة مفاجئة"، إلا أنه لم يتعرض لأضرار جسيمة.
وأعربت الإدارة عن أسفها لاستخدام التمثال "لأغراض سياسية لا تتماشى مع طبيعة المتحف الفنية والسياحية"، مضيفة أنها تدرس حالياً إمكانية اتخاذ إجراءات قانونية بحق المسؤولين عن الحادث.
وتأتي هذه الحادثة في ظل تصاعد الانتقادات للسياسات الفرنسية المتعلقة بالطاقة والمناخ، لاسيما ما يتصل باستمرار العلاقات التجارية مع روسيا في مجال الوقود الأحفوري، رغم الحرب الدائرة في أوكرانيا.
وكانت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" قد نشرت في أيار/مايو الماضي تحليلاً يُظهر أن روسيا لا تزال تحقق أرباحاً طائلة من صادرات النفط والغاز إلى الغرب، بما يشمل دول الاتحاد الأوروبي.
وبحسب مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف، فإن عائدات روسيا من صادرات الوقود الأحفوري منذ بداية تدخلها العسكري في أوكرانيا عام 2022 تجاوزت 883 مليار يورو، من بينها نحو 228 مليار يورو من دول فرضت عليها عقوبات، أبرزها
فرنسا التي بلغت وارداتها نحو 17.9 مليار يورو.
كما كشفت البيانات عن ارتفاع صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا بنسبة 20% خلال عام 2024، حيث يتجه نصف صادرات الغاز الطبيعي المسال الروسي حالياً إلى دول الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك فرنسا.
اظهار أخبار متعلقة
البيئة في مواجهة السياسة
ورغم الدعم العسكري الذي تقدّمه باريس لكييف، والعقوبات التي فرضتها على موسكو، يواصل ناشطو البيئة توجيه انتقادات حادة لإدارة ماكرون، متهمين إياها بـ"الازدواجية" في الخطاب البيئي.
ويقول المنتقدون إن استمرار التعاون الاقتصادي مع روسيا في قطاع الطاقة الأحفورية يقوّض أي جهد فعلي لتحقيق الانتقال نحو طاقة نظيفة ومستدامة.
وكان الرئيس الفرنسي قد صرح مؤخراً بأن بلاده "قد تفرض المزيد من العقوبات على روسيا" في حال عدم تجاوبها مع جهود وقف إطلاق النار، غير أن مراقبين يرون أن السياسات الاقتصادية الفرنسية لا تزال أقل حزماً من التصريحات السياسية، ما يثير الشكوك حول جدية التزامات باريس البيئية.