ما زالت
قضية "
قطر غيت" تحدث هزة في النظام السياسي والأمني لدولة
الاحتلال، وتُثير
تساؤلات عميقة ليس فقط حول العلاقات غير الشرعية المزعومة مع جهات أجنبية، بل أيضا
حول قدرة الدولة على الإشراف على نقل المعرفة الأمنية والتكنولوجية الحساسة، ويكمن
جوهر القضية في شكوك حول أنشطة شخصيات حكومية عامة عملوا على تعزيز مصالح دولة معادية
داخل دولة الاحتلال مقابل المال.
عامي
روحاكس دومبا المراسل العسكري لمجلة "
يسرائيل ديفينس"، ذكر أن "القضية
تطرح أسئلة جوهرية تتعلق بالأمن القومي: فهل نُقلت معلومات سرية، أم عُقدت عروض تجارية
حول
تكنولوجيا الأمن أو الدفاع، دون رقابة قانونية في إطار تلك العلاقات المزعومة".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف
في مقال ترجمته "عربي21" أنه "بعيدا عن الجوانب الجنائية والأخلاقية،
فإن دولة إسرائيل، بصفتها قوة تكنولوجية وأمنية، تلتزم بلوائح تنظيمية صارمة فيما يتعلق
بالمسائل المتعلقة بتصدير المعرفة الأمنية، وما يتصل بها، ويتولى قسم مراقبة الصادرات
الدفاعية بوزارة الحرب مسؤولية منح الموافقات اللازمة، ليس فقط للبيع الفعلي للأنظمة
أو المعدات، بل أيضًا للمراحل التمهيدية كالتسويق والمفاوضات، وحتى عرض القدرات التكنولوجية
أو الأمنية على جهات أجنبية".
وأشار
إلى أنه "يُشترط الحصول على "موافقة مزدوجة"، سواء للتسويق أو للبيع،
ويهدف هذا الإشراف لضمان عدم وقوع المعرفة أو التكنولوجيا الحساسة في أيدي جهات معادية،
أو غير مرغوب فيها، وأن تخدم هذه المعاملات المصالح الأمنية والسياسية لدولة الاحتلال،
وهنا تحديدًا تبرز قضية "قطر-غيت".
وأوضح
أنه "إذا كان هناك بالفعل، في إطار العلاقات التي كُشف عنها، عمليات نقل للمعرفة،
أو عروض تقنية، أو مناقشات جوهرية حول قضايا أمنية أو ذات استخدام مزدوج: عسكري ومدني،
فإن السؤال المحوري الذي يُطرح: هل تصرف المشتبه بهم في القضية، وبعضهم من العاملين في المؤسسة
العسكرية، أو لديهم تاريخ فيها، أو علاقات وثيقة بها، وفقًا للقانون الإسرائيلي، وحصلوا
على موافقات التصدير المطلوبة من مكتب مراقبة الصادرات قبل أي خطوة من هذا القبيل".
وأضاف
أنه "إذا كانت الإجابة لا، فهذا إخفاق خطير للغاية، مما يثير علامة استفهام كبيرة
حول التداعيات الأمنية لأنشطتهم المزعومة، لكن القضية تثير سؤالًا أعمق، يتعلق بفعالية
آليات الرقابة نفسها، لأن دولة إسرائيل في واقع مُعقّد يسعى فيه مكتب رئيس الوزراء
أو كبار السياسيين أحيانًا لتعزيز المصالح الجيوسياسية أو العلاقات الدبلوماسية عبر
قنوات غير رسمية أو من خلال "أشخاصهم" الذين يعملون بعيدًا عن الرادار الدبلوماسي
والأمني التقليدي، وهنا يطرح السؤال: كيف يُفترض بقسم مراقبة الصادرات، وهو هيئة مهنية
مكلفة بالحفاظ على عتبة أمنية، أن يشرف على هذا النشاط؟".
وأكد
أن "هذا سؤال معقد يكمن في صميم نظام الضوابط والتوازنات في أي حكومة، فمن جهة،
هناك ضرورة الحفاظ على قدرة الدولة على إدارة العلاقات الخارجية وتعزيز المصالح الاستراتيجية،
ومن جهة أخرى، هناك التزام مطلق بضمان أن تُنفذ هذه العمليات، خاصةً عندما تتعلق بنقل
المعرفة الأمنية أو التكنولوجية، تحت إشراف مهني ومستقل، وألا تخضع لاعتبارات خارجية
أو مصالح شخصية، أياً كان مصدرها".
اظهار أخبار متعلقة
وختم
بالقول إن "قضية "قطر-غيت" ليست مجرد قصة فساد مزعوم؛ بل إشارة تحذير
تُسلط الضوء على نقاط ضعف محتملة في آليات الرقابة الإسرائيلية على أكثر الأصول الاستراتيجية
حساسية للدولة، وهي أمنها ومعرفتها التكنولوجية، مما يتطلب بذل عناية واجبة شاملة لضمان
أن تكون آليات الرقابة بمنأى عن الضغوط السياسية، وأن تتمتع بالقوة الكافية لمنع أي
سيناريوهات تتسرب فيها المعرفة الأمنية لجهات أجنبية، سواءً عن غير قصد أو بسوء نية،
بعيداً عن أعين الجهات الرقابية".