سياسة دولية

هل ستملي دول الخليج على ترامب شكل السياسة الخارجية؟

سوف تكون هناك الكثير من الفرص المتاحة للشركات العائلية لترامب- جيتي
سوف تكون هناك الكثير من الفرص المتاحة للشركات العائلية لترامب- جيتي
قال الكاتب البريطاني، سايمون تيسدال، إنّ: "ترامب يعتقد أنه يقوم بإعادة تشكيل الشرق الأوسط، ولكن دول الخليج هي التي تقوم بإملاء السياسة الأمريكية عليه". 

وتابع تيسدال، عبر مقال نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، أنّ: " ترامب اعتاد على الحصول على ما يريد وتحقيق أهدافه الخاصة. ولكن من الممكن أن يتغيّر هذا عندما يصل للمنطقة، حيث سيواجه الفوضى التي تسبب بها في الشرق الأوسط، مع بدء زيارته التي تستمر ثلاثة أيام إلى السعودية والإمارات وقطر".

وأضاف في التقرير الذي ترجمته "عربي21" أنّه: "كما هو الحال دائما، فهو واهم، إذ أنّ الحقيقة هي أن السياسات الإقليمية الأميركية المتهورة، وغير المتماسكة، تفشل في جميع المجالات، كما أنّ التصحيح الجذري للمسار، مطلوب بشكل عاجل". 

"زعماء الخليج لديهم القدرة على تصحيح مسار ترامب، إذا قرّروا. ذلك أن الرئيس يعتمد عليهم، أكثر بكثير من اعتماده على أوروبا، باعتبارهم محاورين دبلوماسيين وشركاء أمنيين وداعمين ماليين" أوضح تيسدال في التقرير نفسه. 

وأردف بأنّ: "تعامله مع فلسطين، هو مزيج من التعصّب والقسوة والجهل المحض. وبدون المساعدة العربية، قد تظل الولايات المتحدة وإسرائيل، عالقتين إلى أجل غير مسمى، في طريق مسدود من السياسات التدميرية".

وبحسب تيسدال فإنّ: "ترامب، يعلم أنه لا يستطيع أن يتجاهل آراء ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، ونظرائه الخليجيين، بشأن غزة وسوريا واليمن"، مبيّنا أنهم: "يعارضون الحرب مع إيران، كما هدّدت الولايات المتحدة وإسرائيل سابقا".

واسترسل بالقول: "يحتاج ترامب إليهم، كحلفاء في نزاعه التجاري والجمركي مع الصين"، مشيرا لكون دبلوماسيون من الخليج، استضافوا محادثات السلام بين أوكرانيا وروسيا والتي روّج لها شخصيا".

اظهار أخبار متعلقة


واستدرك: "إنه يسعى جاهدا للحفاظ على أسعار النفط منخفضة. ويتوق أيضا إلى صفقات استثمارية بمليارات الدولارات في الشرق الأوسط وصفقات بيع أسلحة. ومن هنا، فقد أصبح للدعم الخليجي ثمن يجب دفعه".

وأبرز: "في مجال توسيع ما يسمى باتفاقيات إبراهيم من خلال تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية، كما يأمل ترامب، فبغض النظر عما يقوله الرئيس الأمريكي، فإن السعودية تعهّدت بأن هذا لا يمكن أن يحدث، دون ضمان التقدم نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وهو ما تعارضه الحكومة الإسرائيلية".

إلى ذلك، تابع الكاتب البريطاني: "وصف إبن سلمان مقتل أكثر من 52,000 فلسطينيا في غزة بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر بأنه: إبادة جماعية. وفي الرياض، سيواجه ترامب ضغوطا شديدة لإنهاء الحصار الإسرائيلي وإعادة العمل بوقف إطلاق النار".

وأضاف: "العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية باتت متوترة بشكل متزايد، فقد رفض ترامب إضافة إسرائيل لجدول أعماله، في وقت أعلن فيه نتنياهو وتحالفه المتطرف عن عملية عسكرية جديدة، بدون الإهتمام بمصير الأسرى في غزة". 

ومضى بالقول إنه: "رغم دعم ترامب قبل شهرين لخطة تهجير الفلسطينيين، إلا أنه اكتشف أن السلام لا يحدث بهذه الطريقة. وقد فوجئ نتنياهو الذي طالما دفع باتجاه ضرب البرنامج النووي، عندما أعلن ترامب عن المفاوضات مع طهران. وبنفس الطريقة دهش عندما أعلن عن وقف الغارات على اليمن التي يواصل الحوثيون فيه توجيه صواريخهم ضد إسرائيل".

"جاء التغير في السياسة بالملفين وتغير نبرته من غزة، نتيجة الضغوط الخليجية. ويريد الزعماء العرب وبدعم من تركيا، من ترامب، أيضا، الحد من العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان وسوريا، التي هاجمتها  الطائرات الإسرائيلية مرارا وتكرارا عقب سقوط بشار الأسد" بحسب التقرير نفسه.

اظهار أخبار متعلقة


وأورد: "تؤيد الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي التعامل مع الرئيس السوري الحالي أحمد الشرع، وحكومته الائتلافية. ويقول الشرع إنه لا يريد الحرب مع إسرائيل، ومهمته الرئيسية هي توحيد البلاد، واستقبلته السعودية والإمارات وقطر التي عرضت بسخاء للمساهمة في الإعمار".

واستطرد: "إلا أنّ ترامب وعلى خلاف بريطانيا والاتّحاد الأوروبي رفض تخفيف العقوبات. وهو قرار خاطئ سيشل الحكومة السورية ويحرمها من بداية جديدة وقد يفتح الباب أمام عودة إيران وروسيا من جديد. وأن تكون سوريا ديمقراطية فهي جائزة للغرب، وفي الوقت الحالي تبدو وكأنها فرصة ضائعة".

وأبرز: "إذا كان ترامب يريد التأكد من دعم الخليج لأجندته الأوسع، فإنه يتعين عليه أن يقدم شيئا مهما في المقابل. مثل إحياء الاتفاق النووي الذي أبرمته الولايات المتحدة وأوروبا مع إيران في عام 2015 (والذي تراجع عنه عام 2018)، مع ضمان عدم بدء نتنياهو والمتشددين في طهران حربا أخرى".

"من المحتمل جدا أن يتخذ ترامب هذه الخطوة، فهو يزعم أنه: رئيس السلام، وهذه فرصة لإثبات ذلك" بحسب التقرير ذاته الذي أضاف: "النهج الأمريكي تجاه غزة وسوريا من شأنه أن يخدم أهداف ترامب الأخرى: خفض أسعار الطاقة وتعزيز الاستثمار الخليجي في الشركات والوظائف الأمريكية".

وأوضح أنّ: "المواقف السعودية تعتبر محورية لكلا الأمرين. إن خفض أسعار البنزين بشكل مستمر قد يهدئ الناخبين الذين صوتوا لترامب ويساهم في ترويض التضخم في الولايات المتحدة. في كانون الثاني/ يناير، طرح ولي العهد السعودي صفقة استثمارية أميركية بقيمة 600 مليار دولار (450 مليار جنيه إسترليني) لمدة أربع سنوات وربما يتبع المزيد".

إلى ذلك، استفسر الكاتب: "هل كانت هذه الجزرة وراء اختيار ترامب السعودية في أول زيارة رسمية له بعد تنصيبه، كما فعل في عام 2017؟" مضيفا: "تشكل الاتفاقية الأمنية المقترحة بين الولايات المتحدة والسعودية إغراء إضافيا، في ظل حزمة أسلحة أولية بقيمة 100 مليار دولارا للرياض قيد الإعداد بالفعل". 

اظهار أخبار متعلقة


واختتم بالقول: "سوف تكون هناك الكثير من الفرص المتاحة للشركات العائلية لترامب أيضا إذا كان الاتفاق الأخير بشأن منتجع الغولف الفاخر في قطر دليلا على ذلك. إن رغبة ترامب في تحقيق الربح السريع لم تتحرك ولا قيد شعرة أو تقف أمامها تضارب المصالح المحتمل". 

ويستطرد تيسدال، بالقول إنّ: "تزايد قوة ونفوذ دول الخليج هو حقيقة لا مفر منها في الواقع الجيوسياسي والاقتصادي في القرن الحادي والعشرين. ولكن عندما نناقش القضايا الحيوية المتعلقة بالسلام والأمن في الشرق الأوسط، فمن المذهل أن مجموعة من المستبدين غير المنتخبين يظهرون لرئيس الولايات المتحدة كيفية القيام بالشيء الصحيح". 

وأبرز: "لو كان ترامب رجلاً أكثر شجاعة وصدقاً، لكان ذهب إلى غزة الأسبوع المقبل، ليرى بنفسه الدمار الذي أحدثه هو وحلفاؤه من اليمين المتطرف. ولن يفعل ذلك، فمن المعروف أن ترامب ليس رجلا نبيلا، ومن الواضح أنه ليس رجل دولة أيضا.
التعليقات (0)