بين روتينها اليومي كأمّ نازحة من الشمال إلى جنوب قطاع
غزة المحاصر، وبين سعيها لإيصال رسالة للعالم عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي "إنستغرام"، تمضي أم محمّد، يومها، على أمل انفراجة تدقّ القلب، وتُعيد بصيص أمل لها، ولكامل الأهالي، ممّن يكابدون ويلات عدوان الاحتلال الإسرائيلي الأهوج.
بابتسامة خافتة، وروح صامدة، تواصل أم محمد بشكل شبه يومي، توثيق يومياتها على "إنستغرام"، لتكشف للعالم قسوة الواقع الذي يعيشه شعبها تحت وطأة الحصار وعدوان الاحتلال، الذي لم يرحم لا بشرا ولا حجرا، ويستمرّ في انتهاكاته للقانون الدولي والمواثيق المُرتبطة بحقوق الإنسان.
في حديثها لـ"عربي21"، رَوَت والدة الشهيد محمد، الحاملة في صدرها جراحا عميقة لا تُحصى، جُملة من التفاصيل القاسية التي تعايشها، قسرا، منذ ما يزيد عن عام ونصف من عدوان الاحتلال الإسرائيلي.
جُرح لا يندمل
"أوّل ما بصحى بكنّس الخيمة، وبضب الفراش، وأطلّعوا لبرّا، باخد دور للتكّية، وبروح أعبّي الماء". تكشف أم محمد عن تفاصيل روتينها اليومي، الذي يتضمّن أيضا إشعال النّآر لطبخ المتوفّر من الأكل لأبنائها، وكذا رعاية زوجها الذي يُعاني من أمراض القولون والبنكرياس.
وتشير في حديثها لـ"عربي21" بالتزامن مع اليوم الجمعة، الذي يوافق ذكرى "
عيد الأم العالمي"، أنّها تفتقد لابنها الشهيد "محمد"، الذي كان مُعيلها الوحيد، فيما نشرت عقب ذلك قصّة على حسابها بـ"إنستغرام" آخر تهانيه لها في العيد الماضي، وكذا نشرت صورة لها رفقة والدتها المتوُفّاة بالقول: "أول يوم أم إلك وانت مش معنا، ولا أنا قادرة أزور قبرك".
تقول أم محمد: "نعيش ظروفا قاسية، في ظل أيّام أشدّ وجعا، لكنني أعلم أنني يجب أن أكون قوية من أجل زوجي وأطفالي الباقين"؛ فيما نشرت بالتوازي مع حديثها لـ"عربي21" مقطعا على حسابها، وهي تمضي بين الخيام المتواضعة، التي تعيش بقلب واحد فيها، جاء فيه: "بمناسبة عيد الأم، كل أمهات العالم بألف خير، كل عام والأم الفلسطينية، الغزّاوية، بألف خير".
الصمود في وجه الألم
أمّ محمد، هي واحدة من أمّهات كثر، في قلب القطاع المحاصر والموجوع، ممّن يعايشن قسرا، ظروفا صعبة، لكنّهن يحاولن جاهدات، على الرغم من ذلك، الصمود في وجه الألم، في معركة يومية ضد الجوع والعطش وغلاء الأسعار، ونقص الموارد.
وعبر عدّة مقاطع لها على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي "إنستغرام"، توثّق أم محمد لكيفة إعدادها وجبات الطعام البسيطة، مع إبراز صعوبة تأمين الطعام في ظل الحصار، في إشارة إلى أنّ: "الجوع في غزة ليس مجرد جوع عادي، بل هو معركة من أجل البقاء".
رسالة أم محمد إلى العالم بسيطة وقويّة في آن واحد: "تحدثوا عنا، لا تجعلونا منسيين. نحن لسنا مجرد أرقام؛ أريد أن يعرف العالم أنّنا نحلم بالحرية والسلام، وأننا لن نستسلم أبدا".
إلى ذلك، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب المجازر الدموية لليوم الرابع على التوالي، عقب استئنافه حرب الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في
قطاع غزة، وذلك بشكل مفاجئ ومكثف، لينهي اتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ 19 كانون الثاني/ يناير الماضي.
إظهار أخبار متعلقة
وعلى وقع الغارات الجوية المكثفة، توغل جيش الاحتلال داخل قطاع غزة من نواحي الوسط والجنوب والشمال، فيما قصفت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، تل أبيب بالصواريخ، وذلك في أول رد على العدوان المكثف منذ الثلاثاء الماضي.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الصحة في غزة عن ارتفاع عدد ضحايا مجازر الاحتلال الإسرائيلي، بوصول 85 شهيدا و133 مصابا إلى المستشفيات منذ فجر الخميس؛ جراء الغارات المكثفة والمجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال.