الاقتراح الوقح والحقير الذي تقدَّم به رئيس الوزراء الصهيوني المجرم
نتنياهو، بإقامة الدولة الفلسطينية على أرض الحجاز عاصمة المواقع الإسلامية المقدسة، لم يكن بداية، ولن يكون نهاية لجنون العظمة الذي أصاب الصهاينة وداعميهم، الذين بلغت بهم الجرأة حدّ توزيع الشعوب على أراض يختارونها خبط عشواء؛ فبعد أن طلب الرئيس الأمريكي بتهجير أهل
غزة إلى مصر أو الأردن أو إلى ألبانيا بأوروبا أو إلى جزر أندونيسيا، راح توأمه في جنون العظمة المبحوث عنه من المحكمة الجنائية، يقترح على المملكة العربية
السعودية استقبال الدولة الفلسطينية بشعبها ومؤسساتها على أراضيها التي وصفها بـ”الشاسعة”، وضم عشق القدس الشريف إلى عشق الكعبة المكرمة.
وإذا كان هذا الاقتراح قد أثار غضبا في دول عربية وإسلامية، استشرفت بأنها قد تُؤكل، مادام الثور الأبيض سيؤكل، فإنه يبصم على أن الحرب التي طالت غزة، كان هدفها الأول هو إبادة الشعب الفلسطيني أو إجباره على ترك وطنه باللجوء إلى غير عودة، إلى بلاد أخرى، بدليل أنهم يقترحون الآن دولا بعيدة عن المنطقة لأجل استقبال ما تبقى من أهل غزة المهددين في أي لحظة بالتقتيل والإبادة.
سواء كان اقتراح المجرم نتنياهو، جس نبض أم هفوة سياسية أو زلة لسان، أو مشروع الكيان اللقيط، فإن العالم سيكتشف مع مرور الوقت، بأن “طوفان الأقصى” وبطولات رجالاته كان استباقا لما وقع وما هو قادم، والقدر منح الأمة رجالا اجتهدوا لأجل منع المشروع الحقير الذي ترسمه قوى الاستكبار العالمي، الذي هجّر في السابق الفلسطينيين إلى لبنان، ثم اجتاح بيروت، وهجّرهم إلى الأردن وسوريا ومصر، وأخذ من كل منطقة قطعة، وهو يخطط الآن لتهجيرهم إلى عاصمة الوحي حتى يطالب بعد سنوات، بإبادة القدس، في قلب أرض مكة المكرمة.
الجميل في لقاء
ترامب ونتنياهو وأضغاث أحلامهما وأمانيهما، هو أنهما يقولان كثيرا، وكلامهما يفضح حقيقتهما للذين مازالوا يؤمنون بديموقراطية الغرب ودعواته لـ”السلام”، وإذا كان المدهش الغريب أن بعض الدول العربية والإسلامية مازالت على علاقة بالكيان الذي يريد زرع المقدسيين في أرض مكة، فإن الأغرب سيكون، لو فكرت دولة أخرى في ربط نفسها بهذا الكيان من خلال علاقات، تبيّن مع مرور السنوات بأنها لم تعط للذين ساروا في فلكها غير العار والخزي.
إلى وقت قريب كان بعض الساسة والمفكرين والأئمة، كلما تحدَّث المقاومون والنزهاء من الأمة عن الحلم الصهيوني اللعين من البحر إلى البحر، يُرعدون ويُبرقون ويهطلون لعابا، من أفواههم، معتبرين ما يرِد من كلام عن المشروع الوسخ، مجرد خوف لا مبرَّر له، ودعوة إلى الفتنة بين الأديان، إلى أن ظهر بايدن فكرّر ما قاله الشيخ ياسين وحذر منه، ذات خريف عربي، وظهر نتنياهو الذي كرّر ما قاله يحيى السنوار وجاهد لمنعه ذات شتاء إسلامي.. وعالمي.
الشروق الجزائرية